بينما كان الأب يتابع أحداث مسيرة الجمهورية بباريس ضد الارهاب علي إحدي الفضائيات دخل عليه ابنه غاضباً حزينا.. الأب: مالي أراك حزيناً يا ولدي؟ الابن: وكيف لا أحزن يا أبتِ وقد انقلب العالم كله لمقتل 12 فرنسي في عملية ارهابية! الأب: معك حق يا ولدي خاصة وأن ما حدث مؤخراً في فرنسا يحدث في بلادنا منذ عشرات السنين دون أي ردة فعل من المجتمع الدولي. الابن: هل أفهم من كلامك يا أبتِ أنك تشيد بالعملية الارهابية التي حدثت في فرنسا؟! الأب: لا يا ولدي.. لكن رغم أننا ندين ونرفض ممارسات جريدة شارلي أبيدو، وقوانين فرنسا التي تشجع إهانه الإسلام والمسلمين ببذاءة بإسم حرية التعبير، إلا أننا كعرب ومسلمين ضد إساله أي نقطة دماء، والدليل علي هذا، المسلم الذي أصبح حديث العالم كله والذي ساعد أربع يهود علي النجاه من القتل في تلك الأحداث، ولكن ما كنت أقصد هوتوضيح حجم التناقض بين موقف العالم من الارهاب في فرنسا وموقفه هنا في بلادنا العربية. الابن: ومادام الغرب يكيل لنا بمكيالين خاصة وأن دول الغرب لم تحرك ساكناً ضد العمليات الارهابية التي تشهدها مصر منذ سقوط حكم المعزول مرسي.. فما الداعي إذن إلي مشاركة وزير خارجية مصر في هذه المسيرة؟! الأب: مشاركة وزير الخارجية المصري سامح شكري في المسيرة ضد الارهاب في فرنسا ممثلاً عن مصر، كان ضرورة لدحر تهمة الارهاب عن الشعوب العربية والاسلامية، وكان ضروري جداً كي يظهر أن هناك إسلام في جانب وهناك داعش والإخوان وأشكالهم في جانب آخر وأن تلك الأشكال لا تمت للإسلام بأي صلة. الابن: كلامك مقنع يا أبتِ.. لكن هناك غصة في الحلق بسبب مشاركة مسؤولين عربي في مسيرة شارك فيها نتنياهو وداوود أغلو. الأب: الحقيقة هي إن نتنياهو هو اللي راح من أجل محاولة دفع الارهاب عن إسرائيل لتحسين صورتها أمام العالم، ووصم الإسلام بالارهاب.. فكان لازم ممثلين عن الدول الإسلامية والعربية يروحوا من أجل التصدي لهذا المخطط الخبيث.. فهل كان من المفترض كما يردد البعض عدم مشاركة أي رئيس مسلم فتظهر الصورة أن العالم كله ورئيس الوزراء الإسرائيلي يشاركون في مسيرة ضد الإرهاب ومفيش ولا رئيس مسلم ماشي في المسيرة، فالعالم ياخد فكرة إن إسرائيل دول حلوين وسلميين وضد الارهاب، والمسلمين مع الارهاب عشان كده لم يشاركوا؟ نقضي علي الغصة اللي في الحلق ولا الأفضل إننا نروح ونشارك ونقول لأ إحنا ممثلي ورؤساء الدول الإسلامية موجودين أهو أمام العالم كله في المسيرة ضد الارهاب وديننا دين الإسلام مش دين ارهاب؟؟ ونتواجد في الحدث عشان نحبط المخطط الخبيث لنتنياهو؟؟ الابن: حقاً ما قلت يا أبتِ، لكن ألم يستحي نتنياهو، وهو معروف أنه الارهابي الأول في العالم، هو ورئيس وزراء تركيا من المشاركة في هذه المسيرة؟! الأب: صحيح يا ولدي.. دي بجاحة ما بعدها بجاحة.. نتنياهو وداوود أوغلوا مشاركين في مظاهرات ضد الارهاب! هههههههههه لم يبقي إلا هتلر يطلع من قبره ويتظاهر ضد الارهاب ممسكاً بيد بن لادن، لكن أحب أقول لك يا ولدي إذا كان نتنياهو وأغلو لم يستحيان فإن هناك من استحي. الأب: تقصد من يا أبتِ؟ الأب: أقصد أوباما يا ولدي، حيث كان مستوي تمثيل بلاده في هذه المسيرة لم يكن علي مستوي عالِ، ومشاركة سفير أمريكا بباريس كان لذر التراب في أعين البعض، وهذا ما جعلني أكن لأوباما كل احترام وتقدير. الابن: 'متعجبا' بخم بخم!! الأب: لأن أوباما أثبت أنه رجل صادق مع نفسه.. لأنه كيف تشارك بلاده في مسيرة ضد الارهاب وهو الداعم الأول للارهاب حول العالم؟! الابن: ههههه، صحيح يا أبتِ، فأغرب ما قرأت بخصوص هذا الموضوع أن موقع انترناشيونال بيزنس تايمز الأمريكي نشر تحقيقاً صحفياً عن العلاقة بين الموساد الإسرائيلي وتورطه في تنفيذ العملية الارهابية في فرنسا.. ثم قام بحذف المقال بعدها بساعات قليلة ونزل مكانه اعتذار! الأب: عايز تفهم حادث فرنسا ليه حصل؟؟ بص يا سيدي محاولات ناجحة لتصحيح نتائج الفوضي الخلاقة من القيادة المصرية والعرب بعد اسقاط ربيع الدجال العبري علي باب مصر.. محاولات للحكومة الفلسطنية لكشف عورات الكيان الصهيوني في المحافل.. مشروع انهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين بحلول عام 2017 وانضمام فلسطين للجنائية الدولية لملاحقة قادة الكيان الصهيوني.. ضربات موجعه للكيان الصهيوني بقيادة مصر وبتنسيق كامل مع الدول العربية والاسلامية وتصحيح صورة العرب الاسلام والمسلمين في أذهان العالم بعد أن كاد مخطط الكيان الصهيوني ينجح بتلويث الصورة والصاق الارهاب بالدول العربية والإسلامية بتصعيد التيارات المتأسلمة إلي الحكم والمنتسبة للإسلام زوراً وبهتاناً في الدول التي حدثت بها ثورات ربيع الدجال العبري تمهيداً لرسم خريطة جديدة لكامل منطقة الشرق الأوسط.. والحل الجاهز الذي يلجأ إليه الصهاينة هو حادث ارهابي ووضع العرب في موقع الدفاع الدائم عن انفسهم. الابن: طيب وليه فرنسا بالذات يا أبتِ؟ الأب: لأن فرنسا من الدول اللي أيدت مشروع انهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين بحلول عام 2017. الابن: يعني أن هذا الحادث الارهابي سيؤثر سلباً علي القضية الفلسطينية وتحركات السلطة الفلسطينية؟ الأب: إسرائيل ستحاول استثمار هذا الحادث لصالحها، وبالفعل نتنياهو وجه دعوة إلي يهود فرنسا للهجرة لإسرائيل، والإعلام الإسرائيلي في الأيام المقبلة سيكون شغله الشاغل هو تصدير صورة للعالم أجمع أن العرب والمسلمين جماعات ارهابية خاصة وأن أصابع الإتهام في هذا الحادث الارهابي أشارت بالفعل إلي مجموعة من الفرنسيين ذوي الأصول العربية. الابن: لك الله يا قدس، لكن يا أبت إني أري في هذه العملية الارهابية درساً عظيماً ولطمة علي خد الذين سخروا من دعوة السيسي بتفويضه لمكافحة الارهاب. الأب: ملاحظة جيدة يا ولدي، فدعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لكل شعبه بالخروج في مظاهرات للتنديد بالحادث الإرهابي، فيما يشبه مطالبته بالتفويض لمواجهة الإرهابيين، هو رد قوي، ولطمة علي وجه الذين يشنون حملة التريقة علي مطالبة السيسي بتفويضه لمواجهة الإرهابيين، من عينة نوابغ الكوارث والخراب، علاء الأسواني، وبلال فضل، بل الأغرب من ذلك يا ولدي أن الشعب الفرنسي هب عن بكرة أبيه، منددا بالعملية الإرهابية الخسيسة، ولم يخرج فصيل واحد، شامتا، أو متشفيا، أو شاتما في مؤسسات بلاده الأمنية، كما تفعل حركة 6 إبريل ونشطاء الغبرة ونخبة العار. الابن: يا أبتِ الشعب المصري كله أجمع علي أن كل هؤلاء الشامتين والذين سخروا من دعوات الرئيس السيسي ما هم إلا أدوات في يد الغرب لتحقيق مآربه وهي تشويه صورة الإسلام وضمان أمن الكيان الصهيوني. الأب: لهذا يا ولدي يجب أن نوجه رساله للعالم أجمع مفادها: من يقتلونكم بإسم الإسلام في فرنسا يقتلوننا أيضا في مصر بإسم الإسلام، والإسلام منهم برئ.. التطرف لا دين له، والدليل من قتلوا المحجبة مروة الشربيني في ألمانيا لم يكونوا مسلمين.. الارهاب لا دين له.. قتل مسلمة محجبة في ألمانيا بإسم الدين.. وقتل مسيحية في العراق بإسم الدين.. وقتل مسلمين سنة في سوريا بإسم الدين.. وقتل مواطنين وجنود مسلمين ومسيحيين في مصر بإسم الدين.. وقتل شرطي فرنسي مسلم بإسم الدين.. وقتل مسيحيين فرنساويين بإسم الدين.. وقتل نساء وأطفال مسلمين في نيجيريا بإسم الدين، لكن الدين برئ من كل هذا.. لكن أخشي ما أخشاه يا ولدي أن تستغل فرنسا هذا الحادث الارهابي كما استغلته الولاياتالمتحدة بعد أحداث سبتمبر 2011 والذي كانت نتيجته الفوضي والدمار والخراب في بقاع كثيرة من العالم، ومن ثم تزيد الأزمات في العالم. [email protected]