فجأة وبدون مقدمات راح يصرخ ويصيح صياحاً منكراً نتيجة لألم ألم به، علي الفور استيقظ الأب والأم من نومهما فزعاً، الأم راحت تمسح علي رأس ابنها ولاتدري ماذا تفعل غير الدموع التي تتقاطر من عينيها علي خد طفلها، والأب فعل ما يفعله الرجال في مثل هذه الحالة وهو استدعاء الطبيب، والذي أمر بنقله إلي المستشفي لإجراء عملية جراحية، وأثناء إجراء العملية انقطع التيار الكهربائي فجأة فلم يستطع الأطباء إجراء العملية بعد أن توقفت الأجهزة الطبية والتي توقف قلب الصغير معها.. حمل الرجل جثمان الابن علي الأعناق وذهبوا به إلي حيث لا عوة للحياة مرة أخري.. والأب المكلوم أخذه موقف الضعف الذي يأخذ الرجال في مثل هذا الموقف، وبعد انتهاء مراسم الدفن عاد الأب إلي بيته هزيلاً ضعيفاً، فأشار عليه البعض بأي يأوي إلي فراشه.. آوي الأب إلي الفراش وقد أخذته سنة من النوم، فإذ به يري ابنه يتمرغ في أنهار الجنة.. الأب: 'فرحاً مناديا علي ابنه بأعلي صوته والابن لا يلتفت إليه' ابني حبيبي لم لا ترد عليُّ؟ الابن: وكيف أرد عليك وأنت من تسببت في قتلي. الأب: 'متعجباً' أنت فلذة كبدي وابني الوحيد الذي كنت أتمناه من الدنيا فكيف أقتلك؟! الابن: ألم تأمر مليشياتك الإخوانية بحرق محطة الكهرباء التي كانت تغذي مدينتنا بالكهرباء، ومن ثم انقطع التيار الكهربائي عن المستشفي وعجز الأطباء عن إسعافي. الأب: يا ولدي نحن نفعل هذا حتي نستطيع إعادة مرسي للكرسي، ومن ثم نتمكن من إعلاء كلمة الله في الأرض، ألا تري أنهار الجنة التي تتمرغ فيها؟ فهذا كله لأن أبوك من جماعة الإخوان. الابن: من المجاهدين؟! وإعلاء كلمة الله في الأرض؟! وهل قتل الأبرياء ونشر الرعب والفزع بين المواطنين وحرق المنشئات العامة وإهانه رجال الأزهر منارة الإسلام في العالم من الإسلام؟!! يا أبتِ أنا أتمرغ في أنهار الجنة لأني لم يجرِ عليُّ القلم بعد، وليس لأنك تنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية. الأب: لا تقل هذا يا ولدي، فالجماعة هدفها إبادة إسرائيل وحل القضية الفلسطينية.. الابن: 'مقاطعاً أباه' ألم يقل أوباما بأن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل؟ ومع ذلك لم ينطق أي منكم ولو بشق كلمة.. يا أبتِ لما تشوف الجملة التالية دي لازم تقف وتفكر.. إسرائيل مرعوبة من النظام الإيراني والاخوان.. لكن أمريكا دعمت الإثنين للوصول للحكم.. أكيد مستغرب! مش كده؟ طب تعالي نشوف زيادة.. إيران ضد الثورة وضد الإخوان في سوريا ولكن دعمت الثورة ودعمت الإخوان في مصر ! عناصر حزب الله وحماس أخرجت الاخوان من السجون في مصر.. ولكن الاخوان في سوريا يحاربون حزب الله ويقتلون الشيعة في سوريا ! مستغرب أكتر؟ مش كده؟ عشان تقدر تستوعب إن العداوة اللي بين إسرائيل وأمريكا من جهة وإيران من جهة أخري تمثيلية علي العرب لازم تقرأ بداية الخيط، وهو أن تقرأ كتاب 'رهينة بقبضة الخوميني' ثم ستدرك باقي الخيوط تدريجياً.. إقرأ ثم إقرأ ثم إقرأ. يا أبتِ أنتم أسري لأفكار خاطئة، ورسختم صورة سيئة عن الإسلام في العالم أجمع. الأب: أسري لأفكار خاطئة؟! الابن: ليس هذا فحسب يا أبتِ، بل أنتم أدوات للغرب الإستعماري الذي يريد تفتيت المفتت وتقسيم المقسم من أجل حماية أمن الكيان الصهيوني، وأنتم وكل جماعات الإسلام السياسي التي ترفع كذباً الإسلام شعاراً لها انسقتم وراء الغرب طمعاً في تحقيق مكاسب شخصية. يا أبتِ يجب أن تعرف أن العالم العربي والعالم الإسلامي يقفان أمام عدو واحد، ويتهاويان أمام مرض واحد.. أما العدو فهو الإستعمار، وأما المرض فهو غياب المعرفة والذي من المؤكد أنه أشد خطورة علي أي أمة من الإستعمار، وغياب المعرفة الذي اقصده ليس المرتبط بالقراءة والكتابة فحسب، بل المرتبط بتحليل المواقف ومعرفة الأهداف. فبعد قناعة أعداء الأمة الإسلامية بأن الحرب الساخنة القائمة علي المواجهة المباشرة تتكلف الكثير من الأموال التي تؤثر سلباً علي إقتصادياتها دون التأكد من النتائج، فقد لجأ هؤلاء إلي أسلوب جديد وهو الغزو من الداخل وتدمير كل الدول التي لا تسير في فلكها بأيدي أبنائها الطامعين في الوصول إلي السلطة، والعجيب يا أبت أن الغرب الذي وجد في الجماعات الإسلامية الملاذ الآمن لتحقيق أهدافه كان يدعم من هو علي النقيض معكم تماماً، وكان يستغل ترسانته الإعلامية في إثارة الفتنة بين الجميع حتي يستطيع إستنزاف طاقات المجتمع ويدخله في حرب أهلية كما يحدث الآن في الشقيقة ليبيا، ولأن مصر كنانة الله في أرضه فقد سخر لها رجال أوفياء وقفوا وساندوا الشعب في ثورته في الثلاثين من يونيه بعد أن أدرك الشعب المخططات الخبيثة التي أنتم كنتم جزء منها.. يا أبتِ توب إلي الله قبل فوات الآوان.. ثم جري الابن وذهب بعيداً بعيداً الأب: 'ينادي بأعلي صوته' إرجع يا بني وعهد عليُّ من الآن سأعمل لصالح وطني. وراح الأب يكرر تلك الكلمات، انتبه الأهل إلي صراخ الأب فدخلوا مسرعين، وراح أحدهم يمسح براحة يده علي رأسه في محاولة منه للتخفيف من روع الأب المكلوم.. وبعد أن هدأ من روعه نهض من فراشه وارتدي ملابسه وتوجه إلي قسم الشرطة التابع له وأدلي باعترافات تفصيلية عن الجرائم التي ارتكبها والتي كان سيقوم بها مستقبلاً في حق الوطن والمواطنين، ،