لم تغب عن خاطري القيمة التي يحتلها الدكتور 'حسين كامل بهاءالدين' أستاذ الجامعة القدير وطبيب الأطفال المبدع ووزير التربية والتعليم الأسبق 1991/2004، فهو رصيد استراتيجي للتعليم وقامة عالية علمًا وخلقًا. برز كاسم مرموق في الجمعيات الدولية لطب الأطفال وحظيت شخصيته باحترام الجميع. أما أداؤه فيشهد له بالتميز والدور الرائد في مجال العلم. ومؤخرًا خرج علينا بأحدث مؤلفاته: 'رسالة من الزمن القادم' الصادر عن دار نهضة مصر. الكتاب أراد أن يبعث عبره برسالة تسلط الضوء علي التعليم كطوق نجاة للخروج من كل الأزمات التي تمر بها مصر اليوم إثر التطورات التي حدثت في أعقاب ثورة 25 يناير وهي إحدي الثورات التي اندلعت في المنطقة وأطلق عليها ثورات الربيع العربي، فالسبيل للخروج من الأزمات يأتي عبر التعليم ويرتكز علي الطفولة، فالتعليم المتميز يبدأ مع الطفولة المبكرة. الكتاب خلاصة لتجارب وخبرات الدكتور 'بهاءالدين' يتحدث عن التعليم كقضية أمن قومي وبواسطته تؤهل مصر كي تصبح في عداد الدول المتقدمة. ويسوق الدكتور هنا نصيحة للجميع مفادها أنه إذا كان بمقدورنا أن نعود ببصرنا إلي الماضي البعيد فإن بمقدورنا أن نمد بصرنا نحو المستقبل من أجل ترسيخ الوطنية ودعم الهوية وزرع قيم الولاء والانتماء للوطن وتعظيم قوة العقل البشري، فما أحوجنا اليوم إلي رسالة المستقبل لتكون نبراسا هاديا للفرد وحاميا للأمن. الكتاب يرتكز علي بناء الإنسان من خلال التعليم منذ الصغر، فالتعليم المتأخر بعد السادسة هو كاللعب في الوقت الضائع، ومن ثم فإن نقطة الانطلاق في التعليم يجب أن تبدأ من العام الأول من عمر الإنسان، فالتعليم هو حق مقدس للطفل وضمانة استراتيجية لأمن مصر القومي وتقدمها. وينبه هنا إلي أن العنف هو العنصر المضاد في العملية التعليمية ولهذا يتعين إقصاؤه. في مقدمة الكتاب ينعي المؤلف الأمة العربية المنكوبة، فلقد انشغلت بالحاضر عن الماضي والمستقبل معًا، فَضَلَّت الطريق وعليه فهي في أمس الحاجة اليوم إلي أن تفيق وتأخذ العظة من الماضي وتتطلع إلي المستقبل، يدفعها نحو ذلك الانتماء إلي الوطن والولاء للمبدأ. ولاشك فإن رسائل الماضي من شأنها أن تستنهض الهمم وتذكر بما كان عليه الوضع في عصور الرموز المضيئة كمصطفي كامل وسعد زغلول وعمر المختار وجمال عبد الناصر. كما أن رسائل المستقبل تشكل عنصرا مهمًا في حياة الإنسان اليوم، فهي تثتحث الهمم علي الصمود أمام الأنواء والأعاصير وعلي بذل الجهد وإعلاء قيمة العمل والإنجاز وعدم الخروج عن الصراط المستقيم. كتاب الدكتور 'حسين كامل بهاءالدين' وثيقة تطهيرية بما احتواه من نظريات يمكن أن تؤسس لمشروع قومي رائع للتعليم، فالرسالة التي يبعث بها الزمن المقبل هي رسالة ذهبية تنويرية يتمني صاحبها لو أخذت بها الدولة وطبقتها من أجل الخروج من عنق الزجاجة. ولو أنها فعلت ذلك ستكون الرابحة بلا جدال.