لا يخلو تاريخ الدول ذات الحضارة من فترات تدنٍ وتراجع.. وبقدر حجم مصر وتأثيرها الإيجابي في عالمها العربي، كان لها النصيب الأكبر من التآمر الصهيوني الأمريكي وحشوده من العملاء في الداخل والخارج بتصنيفاتهم من دول وشركات وجماعات إرهابية ومنظمات عالمية، وطابور خامس.. !! هؤلاء تجمعوا لتحقيق هدف واحد - هو تأمين إسرائيل والسيطرة علي نفط الخليج وثروات العرب.. حتي لو أدي ذلك الي إسقاط الدولة المصرية.. !! ولم تشهد مصر في تاريخها القديم والحديث مثل هذه الهجمات الشرسة المسعورة من الخارج والداخل في مؤامرات متوالية هدفها إسقاط دولة الحضارة، وساعدهم في ذلك - حالة التردي والتخلف علي كافة الأصعدة الأمن والصحة والعبور للخروج من دائرة التآمر عن طريق الصندوق 'نعم' للدستور. ومع ذكري المولد النبوي الشريف صلوات الله وسلامه علي محمد وأله وصحبه وسلم.. تتنوع وتتعدد الاحتفالات هذا الشحذ الإعلامي، والمؤتمرات العديدة التي تجوب المحروسة شمالا وجنوبا وهؤلاء العظماء الرئيس عدلي منصور والفريق السيسي وقواتنا المسلحة، والنماذج المبهرة علي سبيل المثال لا الحصر الشيخ علي جمعه، إبراهيم محلب، عادل لبيب، أسامة صالح، منظومة مصر الخير، بنك الطعام والكساء، اللواء سعيد طعيدة جريمة مدير مرور الجيزة وكافة رجال الشرطة البواسل يقدمون أشرف التضحيات للحفاظ علي الأمن.. نعم.. نعم.. نعم.. للعمل، والقضاء علي الإرهاب.. والدليل علي عظمة هذا الشعب مقالي بعنوان 'كيف تخرج مصر من حالة الإحباط' نشر بجريدة نهضة مصر بتاريخ 1 أكتوبر 2006م دعوة عامة إلي كل العلماء والمفكرين. والصحفيين والباحثين. هذه دعوة من القلب من أجل مصر والمصريين.. مبعثها الحب لكل الناس.. وهي اجتهاد لتنشيط الأفكار والرؤي لكل مصري يحب مصر.. والبحث عن حلول وأفكار قابلة للتنفيذ بجهود أبناء مصر.. في محاولة للخروج من مستنقع الانتكاسة، والانهيار والفساد.. واستخلاص الدروس المستفادة من التجارب الناجحة خلال الأعوام الماضية والتي عاصرناها جميعا.. والنوازل والكوارث التي مرت علي مصر وكيف تمت المواجهة.. والسلبيات والإيجابيات في إدارة كل أزمة.. وصاحب هذه الدعوة برغم حالة الإحباط العامة عند المصريين وخاصة المثقفين.. وتراجع ترتيب مصر عالميا في كافة الميادين من تعليم وجامعات ورياضة وإبداع الفنانين وتدني لغة الحوار وتعاظم قاموس الشتامين علي لسان رؤساء التحرير المعارضين والقوميين وتنامي ظاهرة التطاول حتي لرئيس المصريين وضياع ميثاق الشرف لمعظم الحرفيين والمهنيين واللا انتماء واللا مبالاة وفوضي الشوارع والميادين برغم هذا كله – لم يفقد الأمل.. وظل من المجتهدين المتفائلين.. !! لأنه برغم الانحطاط والتدهور والممارسات الفاشلة.. يظل هناك محاولات وتجارب ناجحة لها تأثيرها الواضح علي البلد والناس.. ، ونقط مضيئة هنا وهناك تحيي فينا الأمل وتستحق منا تسليط الضوء عليها وتقييمها ومحاولة تكرارها.. وأن هناك دائما الخير والشر، والسيئ والحسن، وأن بقاء الحال من المحال.. الكل يردد: الصورة قاتمة والحالة سيئة للغاية والأوضاع من سيئ إلي أسوأ، وأن مفيش فايدة.. الي آخر هذا الكلام اللي خلي الناس تصل الي مرحلة من السلبية اللي تفرس.. !! والكل يستعرض السلبيات والكوارث ومظاهر التخلف وحالة غياب القيم والأخلاق والهرم المقلوب.. وتفشي الفساد والتزوير والرشاوي والعنف والانتهازية والتحايل حتي باستغلال الأديان.. وأن الحالة المصرية لا تسر عدو ولا حبيب.. والكل يكتب ويتكلم – من مفكرين وكتاب وباحثين ورجال دين وصحفيين واعلاميين وسياسيين وقانونيين ومختصين في كافة أنشطة الحياة استغرقتهم التحاليل لكافة القضايا والملفات من انتخابات الي إنفلونزا الطيور والعبارة وأزمة القضاة والبورصة والإخوان والفتنة الطائفية بأنواعها.. مسلم سني ومسلم شيعي ومسيحي شرقي ومسيحي غربي.. والإرهاب وكوارث الطرق والقطارات اليومية.. !! ونار الأسعار.. والبطالة وانهيار التعليم والدروس الخصوصية وفوضي الشارع المصري والمرور والجرائم وغياب القانون.. إلخ. وانقسم الجميع تقريبا الي ثلاث فرق.. فريق النظام ومن يؤيده يقول: إن فيه خطوات جادة نحو الإصلاح وسيتم تعديل الدستور وأن الأوضاع الي الأفضل ويتسلح ببرنامج الرئيس.. والفريق الأخر يمثل المعارضة بيقول: إن مفيش فايدة ولا جدوي من استمرار هذا الوضع ولابد من تغيير النظام كله ولم يقدم برنامج.. وأدواته لافتات تحمل آلات.. وشعارات لا للتوريث.. !! وكلا الفريقين يدافع عن وجهة نظره.. والفريق الثالث ضبابي ولكنه منظم ومهمته التسخين والاثارة 'ولابد في الذرة' متحفزا الي أن تحين لحظة الانقضاض.. !! والظاهرة العجيبة والغريبة أنه رغم الكم الهائل من الأحداث والكوارث والبلايا والأزمات المتلاحقة والتي تقع علي رأس المواطن الغلبان.. الذي لملم جراحه وأنطوي علي نفسه يجتر آلامه متسلحا بالصبر مع بارقة من الأمل المر.. تومض مع تصدي حاملي أمانة القلم ممن أحسوا به وبآلامه.. ولكن الكوميديا الساخرة أن البعض ممن فقدوا شرف المهنة وأستغلوا وتاجروا بآلام البسطاء.. في فترة يحاول الشرفاء استعادة القيم والمثل والقدوة المخطوفة لتحصين أولادنا بها.. لا يكتفي غير المحترمين من الصحفيين بتلويث الأوراق البيضاء بسمومهم السوداء والمزركشة بأفظع الشتائم والألفاظ المنتقاة من قاموس قلة الأدب.. لا يكتفون بل يقتحمون علينا حرماتنا من خلال القنوات الفضائية وبتعمد وإصرار علي عرض'شو' وصلة من الردح البذيء... ليراها القاصي والداني.. حسبي الله ونعم الوكيل.. !! وتسمع كلاما وكلاما كثيرا.. لكن لا يوجد من يقدم فكرة ما أو وسيلة عملية للخروج من الحالة المصرية.. !! والدعوة.. والفكرة التي أطرحها هنا وعلي صفحات نهضة مصر هي فتح باب الاجتهاد الفكري والبحث عن حل للخروج من حالة الفوضي والاشتباك.. بطرح أفكار وحلول بدلا من البكاء علي اللبن المسكوب والمزايدة واتهام بعضنا البعض.. ومين صوته أعلي.. !! وأيضا قطع الطريق علي المتحفزين المتربصين.. !! وفكرتي - أن هناك نماذج ناجحة وملموسة في مصر ولا يختلف عليها أحد تركت بصمات مضيئة من الممكن طرحها ودراستها لتكرارها في أكثر من موقع.. مع إدخال التعديلات اللازمة عليها لتلافي نواحي القصور أو للمواءمة مع طبيعة كل مكان.. وهنا ما يعنيني.. الفكرة والتطبيق وليس الشخص – وهذا لا يقلل من اجتهاد وكفاءة ونجاح الأشخاص فإليهم يرجع الفضل.. ولكن تسليط الضوء علي التجربة والفكرة نفسها وتقييمها لإمكان تطبيقها والاستفادة منها في أكثر من مكان.. ونستعرض هنا بعض النماذج علي سبيل المثال لا الحصر: - تجربة المحجوب في الإسكندرية. عادل لبيب في قنا. النقلة الحضارية في خدمة الاتصالات والتليفونات. ثبات واستقرار سعر الجنية المصري نسبيا أمام العملات الأجنبية. نجاح القطاع الخاص في شد قاطرة التنمية في مصر خلال العامين الماضيين 'كما جاء في مقال الدكتور عبد المنعم سعيد – مدير مركز دراسات الأهرام الأستراتيجي وعنوانه خصخصة السكك الحديدية' - جائزة نوبل من السادات للبرادعي مرورا بنجيب محفوظ وزويل. الاتحاد العام لمنتجي الدواجن – الذي حقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الدواجن والبيض - وسد احتياجات المستهلك المصري وتخطاه الي التصدير للخارج. نموذج صناعة النجم الشاب المخرج مروان حامد في فيلم يعقوبيان وعودة السينما المصرية الي العالمية 'إمكانية الاستفادة من التجربة بصنع كوادر من الشباب في السياسة والاقتصاد والإدارة.. وتسليط الضوء علي القيمة العليا لتنازل الكبار للشباب بإعطائهم الفرصة حتي لا تحدث فجوة كبيرة بين الأجيال وكما هو حاصل' جمعية الإرادة للمعاقين بالغربية ومساهمتها في تقديم 3 فرق مدربة أثناء مواجهة إنفلونزا الطيور وسيارة مجهزة للعمليات السريعة لخدمة أبناء المحافظة بكل حب وانتماء وحس وطني. وهناك العديد من النماذج الناجحة علي مستوي الشركات والأفراد في جميع أنحاء مصر – فعلي مستوي الشركات مجموعة أولمبيك وأيديال وتأسيسها لبنك الطعام المصري، وبنك الكساء المصري برئاسة المهندس نيازي سلام.. ومجموعة طلعت مصطفي والقفزة المعمارية الهائلة.. النقلة الحضارية في ريادة المحمول وانطلاقة رجل الأعمال نجيب ساويرس الي العالمية.. وغيرهم وغيرهم من النماذج الرائعة المتحضرة.. الدكتور زاهي حواس وحرصه علي لملمة آثار مصر المبعثرة.. مركز د.غنيم للكلي بجامعة المنصورة. العظيم د.مجدي يعقوب وإخلاصه لمهنته وإنسانيته. جريدة العالم اليوم، وجريدة نهضة مصر والممارسة الصحفية الملتزمة بشرف المهنة وصنع كوادر شابة تحمل القلم الحر.. وعلي المستوي الخدمي والأفراد أري من واجبي أن أذكر النموذج الرائع لضباط وجنود شرطة المرور علي الطريق الزراعي من القاهرة إلي طنطا حيث تصادف سفري يوميا من طنطا الي القاهرة خلال شهر رمضان الماضي فشاهدت ولمست مدي المجهود الشاق والمبذول من هؤلاء الأبطال لتسييل وتسهيل المرور علي طول الطريق وخاصة فترة ما قبل المغرب و'ساعة الإفطار' وعلي مدار الأربع والعشرين ساعة ولم يتعطل الطريق برغم ضيقه عند مدينة بركة السبع بسبب إنشاء كوبري ضخم علي الطريق.. ولا أنسي نموذج آخر رائع لمدير مرور الغربية العميد سعيد طعيمة المتواجد مع رجاله في كل مكان وفي كل الأوقات منظما ومجددا ومبتكرا لطرق وأساليب للقضاء علي الزحام وربكة المرور والحد من الحوادث داخل وخارج مدينة طنطا.. وأكيد أن هناك نماذج رائعة وفي كل مكان في مصر.. وفي مجال مكافحة وعلاج المواطنين من مرضي السرطان علي نفقة الدولة هناك فريق يعمل متعاونا وكخلية نحل في المعهد القومي للأورام.. وهنا أحيي الدكتورة هبة الظواهري – الأستاذة بالمعهد وقد رأيت كيف تقابل المرضي وتساعدهم وتقدم لهم التعليمات بصبر وحب.. وفي مشهد مريض قادم من المنصورة لتلقي جرعة علاج كيمائي علي نفقة الدولة يتجاوز قيمتها عشرة الاف جنية 00 ولما وجدت أن التحاليل الخاصة به تستلزم علاجا تحضيريا لمدة يومين قبل الجرعة سألت المريض إذا لم يكن هناك مكان يبيت فيه بالقاهرة حتي لا يجهد في السفر الي المنصورة والعودة.. وعرضت عليه أن توفر له العلاج والمبيت.. 'وتساءلت في نفسي لماذا لا يعود الأطباء ملائكة رحمة مثل هذه الطبيبة الإنسانة.. ولم أستطع التغلب علي فكرة طرأت في ذهني وهي المقارنة بينها وبين أخيها الدكتور أيمن الظواهري.. فشتان بين الجهادين.. !!' وفي جميع مستشفيات ومراكز الأورام علي مستوي مصر نماذج مصرية تتسم بالرحمة وبذل المستحيل في خدمة المرضي ومن المؤكد أن هناك نماذج كثيرة ناجحة ومشرفة في كافة المجالات تستحق وسام الاحترام.. وأن تطرح كنماذج وقدوة يحتذي بها.. فكروا معي فمصر بخير.. وستكون بخير أكثر عندما يتوحد أبناؤها علي الانتماء والإخلاص في العمل.. وأثق أن مصر سوف تبلغ ما تستحقه من تقدم ورقي وتعود البسمة إلي الشعب الطيب الذي يستحق كل خير.. شريطة أن يسمع الحاكم للمحكوم.. وعلي الحكومة ألا تستقبل كلام الحاكم حسب المثل اللي بيقول 'ودن من طين وودن من عجين'.. !! وعلي الله قصد السبيل..