«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربة التطوير فى كوم غراب أخذها الاهمال وطار تحولت من تحفة فنية إلي مسخ
نشر في الأهرام المسائي يوم 16 - 05 - 2010

في عام‏96‏ بدأ مجموعة من الفنانين التشكيليين حربا فريدة من نوعها في حي كوم غراب لفرض الجمال بقوة الريشة والألوان وكان هدفهم من هذه التجربة هو لفت أنظار الحكومة إلي إمكانية تطوير وتجميل المناطق العشوائية بالجهود الذاتية وبأقل التكاليف
ولكن الفكرة شأن كل الأفكار الفريدة واجهت في البداية اعتراضات ومعوقات واعتبرها البعض نوعا من التقليد الأعمي للغرب هدفه تحقيق أغراض شخصية إلا أن مجموعة الفنانين لم تلتفت لذلك ومضت في طريقها لمسح القبح من علي وجه الحي ومع تباشير ظهور الجمال بدأ الأهالي يدعمون التجربة وبالفعل تحول حي غراب الي تحفة فنية آنذاك‏..‏ ولكن للأسف فقد عادت يد الإهمال لتمتد الي المكان وتمسح كل مافيه من روعة وإبداع ومع وصول عدد القاطنين بالحي حاليا الي أكثر من‏30‏ ألف نسمة تحولت التجربة إلي مأساة والحلم الي كابوس وطار الجمال من حي غراب للأبد قبل أن يصدر قرار رئيس الوزراء بإزالة الحي بأكمله ضمن خطة تطوير العشوائيات‏.‏
وقبل أن تمتد معاول الهدم للمكان حرص الأهرام المسائي علي تسجيل اللحظة وإلقاء الضوء علي تجربة فريدة تجاهلها المسئولون دون مبرر مع سبق الإصرار والترصد‏..‏ لتبقي مجرد تجربة ذاتية لأصحابها‏..‏ السطور التالية تحمل توصيفهم لها ورأيهم فيها قبل أن تصبح ذكري للأبد‏.‏
سر المغامرة
في البداية توجهنا الي الفنان محمد عبلة فنان تشكيلي وأحد المشاركين في التجربة لمعرفة سر اقدامه علي هذه المغامرة وتقييمه لها؟
فقال‏:‏ وقع الاختيار علي منطقة كوم غراب بوصفها حيا عشوائيا القاطنون به مهددون بالطرد في أي لحظة لانهم انتزعوا الأرض بوضع اليد ولو كان بإمكانهم اخفاء منازلهم لفعلوا فهؤلاء الناس فاجأوا الدولة بوجود حي كامل اسمه كوم غراب وكنت استأجر مرسما خاصا هناك لمدة اربع سنوات ولأنه مكشوف في معظم اجزائه ويقع علي مكان مرتفع يفصله عن كل المناطق المجاورة له ولأن لأهل الحي علاقة وطيدة بالاعمال الفنية لاشتغالهم بالفخار والخزف رأيت أننا جميعا نجتمع علي حب الفن والجمال لاسيما وأن هناك مجموعة من الفنانين التشكيليين يقطنون بالمنطقة وبدأت التجربة بخمسة منازل فقط وقمنا بعمل اسكتشات لها واخترنا الموتيفات الشعبية مثل الفازة ومن هنا أقبل الاهالي علي المشاركة بعد عقد جلسات مناقشة لهم للتعرف علي مشاكلهم وكانت تدور حول رغبتهم في تطوير مستوي الحي بادخال الصرف الصحي والإضاءة وتأمين وجودهم بصفة قانونية وتم عرض فكرة المشروع عليهم وتحمسوا لها وشاركوا في الرسم وبدأوا يشاركون في الرأي فمثلا اعترض أحدهم علي استخدام اللون الأسود والمشكلة كانت في العشوائية البصرية من بيوت مبنية بالحجر وأخري مبنية بالطوب والاسمنت والتنوع وصل الي حد التنافر الشديد في البناء وكان الخطأ الذي ارتكبناها هو أننا استخدمنا طلاء من البلاستيك وكان من الأفضل استعمال الجير لمقاومته اكثر للتغيرات الطبيعية وحرصنا علي رسم نجمة في نهاية كل دور لتعطي احساسا بالارتفاع واستخدام عناصر معمارية لاتزول مع الزمن مثل السيراميك والطوب‏.‏
وأضاف أن التمويل كان علي رأس المشكلات التي واجهتهم ودفعتهم لإستخدام مواد رخيصة لاتقاوم الزمن والتعرية بالاضافة لصعوبة استخراج التصاريح اللازمة وترصد الحيللتجربة واصدار مخالفات ضدنا ففي المرحلة الأولي بلغت التكلفة‏10‏ آلاف جنيه وساهم فيها الاتحاد العالمي لنقاد الفن التشكيلي وقدمت وزارة الثقافة دعما ماليا للمشروع في هذه المرحلة من خلال المركز القومي للفنون التشكيلية وتكلف الفنانون أجور العمال والتكاليف اليومية للمشروع وفي المرحلة الثانية قام المركز الهولندي بالدعم المالي للمشروع وقد بلغت تكاليف هذه المرحلة‏44‏ ألف جنيه وقدم بعض رجال الاعمال تبرعات ووصلت التكلفة الاجمالية الي حوالي‏55‏ ألف جنيه واستمر العمل منذ يونيو‏96‏ الي مايو‏98‏ وكانت الفكرة تشتمل علي تشجير المنطقة وإقامة نافورة مياه ومبني اجتماعي لكنها احلام لم تنفذ علي أرض الواقع وشارك في التجربة نحو‏17‏ فنانا تشكيليا وتم عمل فيلم تسجيلي عن الحي بمساهمة من المركز القومي للسينما‏.‏
الفرحة لم تكتمل
وعندما توجه الأهرام المسائي الي كوم غراب وجد صدمة في انتظاره فالمباني تزايدت بشكل مخيف وتضاعف عدد السكان وتحولت الرسومات والتصاميم الي شخابيط وسألنا مجموعة من الأهالي عما يتذكرونه من التجربة؟ وهل استوعبوها أم لا؟ ومن السبب في اندثارها؟ ويقول محمد سيد أمين مبيض محارة ويقطن بالمنطقة منذ الصغر أنه شارك الفنانين عندما عرضوا عليه الفكرة ورحب بها وجمعوا مجموعة من عمال السقالات والمحارة بيومية وصلت الي‏25‏ جنيها يوميا وقاموا بتجميل واجهات المنازل التي وصلت حينها الي‏200‏ منزل بالاضافة الي تركيب كشافات اضاءة وكانت اغلب المباني من دور الي دورين أما مع تزايد الكثافة السكانية فالمنطقة وصلت الي ثلاثة واربعة طوابق‏.‏
وتضيف السيدة عائشة راشق قائلة إنها تقطن بالمنطقة منذ‏14‏ عاما ولديها‏5‏ أولاد وعايشت التجرية ومدي تحمس الأهالي لها وعبرت عن مدي ترحيبها بالفكرة قائلة حد يكره النظافة وتري أن المنطقة تحتاج الي كثير من الدعم والتطوير ومن أهم المشاكل التي تواجه المنطقة قلة أعمدة الاضاءة وعدم الاهتمام بمقالب القمامة مؤكدة انها تتمني ان تتكرر التجربة مرة أخري وسوف يشارك فيها الجميع من صغير الي كبير بالمنطقة‏.‏
أما الحاجة كريمة عبدالعزيز‏70‏ عاما وتقطن بالمنطقة منذ‏20‏ عاما ولديها‏7‏ أولاد فتؤكد نجاح التجربة حينها وتحمس الاهالي للفكرة حيث بدأ الفنانون بالواجهات ثم الحمامات ورصف بعض الطرق مؤكدة ان سوء حالة الطرق التي يعاني منها الأهالي أولي بالاهتمام بدلا من الرسم علي المباني‏.‏
وتوافقها في الرأي أم محمد في افتقاد المنطقة الكثير من الخدمات ومن اهمها اعمدة الإنارة مؤكدة انها لاتعمل إلا بمرور المحافظ وقد يقوم البعض بكسرها حتي لا تضاء مرة أخري مؤكدة أن مجهود الفنانين ضاع رغم نجاح التجربة حينها إلا أنه بعد الانتهاء من التجربة قام البعض بتكسير الرخام‏.‏
ويروي سلطان حسن صاحب ورشة مصنوعات جلدية بالمنطقة ان التجربة كانت ناجحة حيث نظفت المنطقة بأكملها ورصفت الطرق ولكن تم إهمال المشروع وقتها وبدأت المساكن تزداد يوما بعد الآخر مما اخفي معالم التجربة مؤكدا أن الاهالي جمعيهم رحبوا بالفكرة وتحمسوا لها واذا تكررت سيتحمسون لها لكن بعد قرار الإزالة الصادر للمنطقة فلا أمل في تكرارها‏.‏
اليومية‏25‏ جنيها
أما معتز جابر مبيض محارة ويقطن هو وعائلته بالمنطقة وأحد المشاركين في التجربة فيؤكد أنه يتمني تكرار التجربة فعندما جاء اليهم الفنانون رحب بالفكرة باعتبارها مصدر رزق حيث كان يحصل علي يومية تصل الي‏25‏ جنيها وجمعوا كل مبيضي المحارة والسقالات وبدأوا بالواجهات ثم المرافق وتوافد الاجانب والاعلام حينها لتصوير المنطقة إلا أنه لم تحدث متابعة وكثرت العشوائيات وباتت اغلب المناطق مصابة بالعديد من الشروخ‏.‏
أما أم حسام صاحبة بقالة بالمنطقة ولديها‏4‏ أطفال وتقطن هي وزوجها منذ‏15‏ سنة بالمنطقة وعاصرت التجربة فتقول اه فاكره حضر مجموعة قالوا انهم من الهيئة العامة للآثار ورشوا شوية بوية وخلاص
وتري ان المشكلة الأكبر هو سوء الخدمات والمرافق وهو ما يحتاجونه بالفعل والكارثة الأكبر هي صدور قرار الإزالة للمنطقة وجاء مجموعة من المهندسين قاموا بترقيم المنازل وطلبوا شهادات ميلاد الابناء وبطاقات الرقم القومي لأنه من المقرر هدم المنازل علي أن ينقلونا الي مدينة‏6‏ اكتوبر متسائلة ماذا سيكون مصيرهم في الفترة القادمة وكيف ينتقلون الي السادس من اكتوبر في ظل ظروفهم المادية الصعبة وارتباط ابنائهم وذويهم بالعمل في الحي‏.‏
وأكدت الحاجة أم حسين وهي أم ل‏4‏ اولاد وتقطن بالمنطقة منذ‏12‏ عاما أن المباني كلها كانت في مستوي واحد من حيث الارتفاع وكانت رائعة في الجمال من حيث الصور والزخارف المرسومة علي المباني وشارك فيها اهالي المنطقة لانها كانت معرضة للإزالة ومثل هذه التجربة كانت الأمل في تراجع الحكومة عن قرارها ولكن مرت السنوات وجاء القرار بإزالة المباني كلها وشكلت لجنة لترقيم المنازل والكل ينتظر مصيرا مجهولا فرغم ما انفق علي المنازل من اساسات ودخول مرافق بالجهود الذاتية إلا أن الحكومة تصر علي ازالتها مؤكدة أنه منذ صدور قرار الإزالة وهم غير قادرين علي العمل ويتمنون أن تتكرر تجربة هؤلاء الفنانين لتحميهم من شبح الإزالة‏.‏
العناصر الجمالية‏..‏ صفر
ولمعرفة الهدف الاساسي من التجربة توجهنا بالسؤال الي صاحب الفكرة الفنان عادل السيوي فنان تشكيلي فأكد ان التجربة كانت تهدف الي التحام وتحالف الفنانين مع وضع بيئي واجتماعي في حي شعبي لأن ابداع الفنانين اصبح معزولا عن الحياة وبعد عودته من ايطاليا بعد اقامة استمرت عشر سنوات قرر أن يطبق هذه التجربة علي أرض الواقع وتحمس لها الفنان محمد عبلة والناقدة التشكيلية فاطمة اسماعيل رحمة الله عليها وحاولوا ان ينقلوا التطورات الابداعية والثقافية في الغرب ويضيف قائلا‏:‏ عندما ذهبنا الي كوم غراب حاولنا ان نبحث عن العناصر الجمالية بالمكان فلم نجد وكان لدينا ثقة ان هؤلاء الناس لديهم ذوق بصري لكنه توقف‏.‏
وأكد أن دور الفنان انتهي عند هذه المرحلة فليست وظيفتهم ان يتركوا عملهم ويجملوا الاحياء فالواقع لم يستوعب الفكرة لأن عيننا اعتادت القبح ومازالت القمامة تملأ الشوارع‏.‏
المعارضة أكثر من التأييد
أما الفنان معتز نصر فنان تشكيلي وأحد المشاركين في التجربة ويمتلك مرسما بالمركز الثقافي الملاصق لكوم غراب فيؤكد أن الفكرة كانت تهدف الي التركيز علي البعد الانساني من خلال التقريب بين هؤلاء الناس لاخراجهم من عزلتهم واستغرق المشروع سنتين وتم تنفيذ معرض في‏1998‏ ومن أهم العقبات ان المشروع ضخم ويحتاج الي ماديات ضخمة من رسم وتلوين الواجهات وتحسين المرافق ولذلك اكتفوا بان يكون الهدف الاساسي من المشروع هو تسليط الضوء علي بؤرة معينة وليس وضع الحل وكان من المفترض تمويل الفكرة ودعمها موضحا ان المعارضين للفكرة كانوا أكثر من المؤيدين لها وظنوا ان هدفهم الاستعراض بالفكرة ولكن كان هدفهم الأول ان يقدموا نموذجا جيدا للعشوائيات بدلا من ازالتها فكوم غراب نموذج صارخ للعشوائية فمازالوا يلقون بمخرجاتهم في الشارع مضيفا أن بعض اهالي المنطقة تخوفوا من الفكرة وشكوا في الغرض منها وطلبوا مقابلا ماديا نظير الرسم علي منازلهم ورجال الاعمال شاركوا في الفكرة بدعم نقدي وعيني في شكل بويات وسقالات‏.‏
وأوضح نصر ان الفكرة مطبقة في ايطاليا والبرازيل وحاولوا تطبيقها في مصر في كوم غراب وتابع نصر قائلا من أهم العوامل التي أدت الي اندثار الفكرة هو التزايد العشوائي السريع للمباني في المنطقة فالمباني الجديدة طغت علي ما تم انجازه مؤكدا تفاعل أهالي المنطقة مع الفكرة إلا أن عدم التواصل والاستمرارية افقدها الكثير فرغم ان القبح اصبح سمة اساسية في مجتمعنا فأنه من السهل تغييره‏.‏
وارجع السبب وراء عدم حفاظ الناس علي الفكرة الي شعورهم بان المكان ليس ملكهم مما جعلهم لايسعون لتطويره لأنه مهدد بالإزالة في أي وقت مؤكدا فقداننا ثقافة الحس المعماري حتي في المباني المخططة غير العشوائية فمناطق وسط البلد ومصر الجديدة التي كانت من اجمل المناطق اصبحت الآن من اسوأ الأماكن نظرا لعدم وجود قواعد ثابتة تحكم عملية البناء‏.‏
التجربة لم تفشل
ويري الفنان هاني راشد فنان تشكيلي وأحد المشاركين في التجربة ان التجربة لم تفشل وحققت الهدف المرجو منها وهو ترميم وتجميل المكان والدليل علي نجاح التجربة قيام مجموعة من الفنانين التشكيليين بتقليد التجربة بمنطقة بالقرب من كوم غراب تسمي المثلث وكان علي الدولة ان تتولي رعاية المشروع ومتابعته‏.‏
وتؤكد الدكتورة صباح نعيم مدرسية مساعد ية بكلية تربية فنية قسم تصوير انها كانت من اكثر المتحمسين للفكرة وقامت بالمشاركة الفعلية بتنفيذ الرسومات والرسم علي المنازل فالفكرة كانت تعتمد علي حماس مجموعة من الشباب الفنانين وبذلت فيها الكثير من المجهودات ولكن ينقصها التمويل وعدم الاستمرارية مؤكدة انها في آخر زيارة لها للمكان منذ نحو شهر شاهدت المكان ولم تكن تتصور ان حلمهم ضاع وتحول الي سراب مؤكدة أن التجربة كانت تستحق نظام وخطة منظمة ومؤسسة كاملة تشرف عليها حتي تتسبب في صدي يدوم لان الفكرة كأنها لم تحدث وينساها الناس‏.‏
وتري الدكتورة صباح نعيم اننا نعاني من سياسة النفس القصير وأي شيء يثبت نجاحه من خلال المداومة وهذا كان قد يتحقق من خلال اختيار مكان يقطنه ناس علي مستوي ثقافي أعلي حتي يستوعبوا الفكرة فأغلب المنطقة تعاني من سوء حالة المرافق وتفتقد الي مقومات المعيشة الاساسية فكيف يتذوقون الفن؟
كوم غراب‏..‏ ابن غير شرعي
وتري الدكتورة سهير حواس رئيسة الادارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسات بجهاز التنسيق الحضاري أننا لانستطيع الحكم بالفشل علي التجربة وعدم استمراريتها نتيجة أنها انطلقت من خارج المنطقة وليس من أهلها مما جعل فقدانها سهلا موضحة ان التطوير كان يجب ان يكون اجتماعيا ويشمل البنية الاساسية حتي يستوعب اهالي المنطقة الفكرة ويقدروها ويحافظوا علي ماتم انجازه مؤكدة ان الفكرة لم تحظ بالدعاية المناسبة حتي تنتشر العدوي وتصل الي مناطق أخري‏.‏
وتضيف التطوير اقتصر علي الشكل لذلك لايمكن أن نطلق عليه تطويرا بل يسمي تجميلا أي مجرد تطوير ظاهري
وأوضحت الدكتورة سهير حواس ان دور الجهاز يقتصر علي اختيار الاماكن السليمة للتطوير والتجميل وتوجيه مجهودهم بشكل سليم وفقا لأماكن مدروسة بالاضافة الي استخدام المواد المقاومة للزمن مؤكدة أنه لايمكن ان نحمل الحكومة المسئولية لأن هذه المناطق ابن غير شرعي وعليها ان تولي الاهمية الي المناطق المخططة في الاساس‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.