كان في فمي ضرس مسوس، وكان يحتال علي تعذيبي فيسكن متربصا ساعات النهار, ويستيقظ مضطربا في هدوء الليل، عندما يكون أطباء الأسنان نائمين والصيدلية مقفلة.ففي يوم وقد نفذ صبري , ذهبت إلي احد الأطباء وقلت له: ألا فانزعه ضرسا خبيثا يحرمني لذة الرقاد , ويحول سكينة الليل إلي عويل وأنين. فهز الطبيب رأسه قائلا: من الغباوة أن نستأصل الضرس إذا كان بإمكاننا تطبيبه. ثم أخذ يحفر جوانب الضرس وينظف زواياه ويتفنن بتطهيره من العلة ولما صار خاليا من السوس حشا ثقوبه ثم قال مفاخرا، لقد أصبح ضرسك العليل اشد واصلب من أضراسك الصحيحة , فصدقت كلامه و منيت نفسي ببعض من الراحة. لكن لم يمر الأسبوع , حتي عاد الضرس المشئوم إلي تعذيبي , وإبدال روحي بحشرجة الاحتضار , وعويل الهاوية , فذهبت إلي طبيب آخر وقلت بصوت يعانقه الحزم، ألا فاخلعه ضرسا شريرا فنزع الطبيب الضرس، وكانت ساعة هائلة بأوجاعها، لكنها كانت ساعة مباركة , وقد قال الطبيب بعدها لقد فعلت خيرا بأن استأصلت هذا الضرس، فالعلة كانت تحكمت بأصوله ولم يبق رجاء بشفائه. نمت مرتاحا في تلك الليلة، و انا ممتلئ بشده الحمد للخلع والاستئصال. ففي فم الوطن أضراس مسوسة، نخرتها العلة حتي بلغت عظمة الفك، لكننا لازلنا نمرضها ونطببها، و نملأ ثقوبها. وما أكثر الأطباء السياسيين قد ضللونا بطلاء جميل ومواد براقة كلاما معسولا , ثم حين نستسلم لمشيئتهم، نتوجع ونسقم، ثم نموت مخدوعين بأكاذيب علاجهم. هل يصدق الآن المؤيدون وعاصرو الليمون هذا التوحش السافر والعدوان من جرائم ومجازر و اعتداءات علي الأبرياء لا لشيء سوي التهافت علي السلطة والحكم. اين الخطاب الديني الذي ألهبوا به حماستنا والوازع الديني لدي جموع المصريين , لقد سقط قناعهم عن علي وجوههم الحقيقية من البشاعة الذي تذكرني بتنظيمهم في سوريا حين مثلوا بجثث الموتي آكلين أكبادهم وقلوبهم، ما من عذاب وعقاب سوف يتلقونه سوف يشفي غليل وصدور الأبرياء، الذين فقدوا ذويهم او شوهوا او احرقوا، وبتر من جسدهم ما بتر. نعم أنا أتبني و أدعو أن تكون محاكمتهم بل و إعدامهم علنيا , علي مرئي ومسمع من كل العالم، وهذا ليس بغريب ألم يتم إعدام صدام علي مرئي ومسمع العالم ليلة عيدنا و يا له من رجل كان يقف لأمريكا الجرثومة التي تنخر في الكيان العربي بدعوي مكافحة الإرهاب وهو صنيعتها. أما من يدعون للمصالحة الوطنية فعليهم ان يخرسوا للأبد، ويسقطوا من سجلات التاريخ الوطني لمصر بل فقط يحدثونا عن أرباح متاجرتهم بأحلام وآمال المصريين، بل وتوجيه الرأي العام لهذا الفخ الذي كادت تسقط فيه مصر غير أن الله هو وحده من حماها ونجاها. لابد ان توجد مادة لمحاسبة كل من دبر و سهل، وشارك في التآمر علي مصر وساعد في تمرير هذه العصابة، والتحري عن كل الاموال التي أنفقت وكل الخراب الذي ألحقوه بالبلاد لابد ان يكون لنا قانون قوي ودستور جديد متماسك، لابد الا ندع هؤلاء الإرهابيين، إلا وهم مقطعة أيديهم و أرجلهم من خلاف ليظلوا عبرة عبر السنين.