إبراهيم سعده الاعتراضات التي ظهرت وانتشرت بعد الإعلان عن تشكيل اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور أعادتنا إلي البكاء علي اللبن المسكوب! أي التحسر علي إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل إعداد الدستور الجديد، وكان يجب التوصل إليه والاستفتاء عليه، لتبدأ بعده الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لكننا للأسف الشديد أخذنا بالعكس. فبدأنا بانتخاب البرلمان، ثم فتحنا الباب أمام كل من يريد الترشح لرئاسة الجمهورية ووصل عددهم لأكثر من ألف مرشح حتي الآن، وهي مهزلة أثارت الضحك والسخرية في كل مكان. المترشحون الملائمون يعدون بالكاد علي أصابع اليدين. والمؤسف أنهم يتنافسون حالياً علي رئاسة جمهورية لا يعرف واحد منهم حتي اليوم وغد ما هي صلاحياته ولا واجباته طبقاً لدستور لم يكتب ويطرح للاستفتاء إلاّ بعد فوز أحدهم بالرئاسة! لنفترض أن "فلانا" من بين المترشحين الشعبيين الذي بني دعايته وشعبيته لدي أنصاره علي إعلان مصر دولة دينية، دستورها وقوانينها ومعاملاتها لا تخرج حرفاً عن الشريعة الإسلامية، وهو ما أوصله بالفعل إلي القصر الجمهوري، ثم فوجيء بعد تربعه علي كرسي الرئاسة بأن الدستور الجديد ينص علي مدنية الدولة وديمقراطيتها والمساواة بين جميع المصريين بلا تفرقة في الحقوق والواجبات بينهم علي أساس الدين أو الملة؟! ونفس المأزق من المنتظر أن يواجهه "علان" من بين المترشحين البارزين الذي وعدنا بجمهورية مدنية، لا دينية، وعصرية تدفع بنا إلي الأمام ولن تعود بنا إلي الوراء ثم يفاجأ بعد انتخابه رئيساً بأن الدستور ينص علي رفض وحظر كل ما سبق أن وعدنا به، ولولاها لما انتخبته الأغلبية ومنحته أصواتها؟! تري: ماذا سيفعل الرئيس" فلان" أو الرئيس "علان" عندما يظهر أمام الأغلبية التي اختارته عاجزاً عن تحقيق وعوده، ومجبراً علي القسم علي الالتزام بما جاء في كل صفحة وكل كلمة في دستور لا يقتنع هو شخصياً ببعض، أو معظم، نصوصه ومواده؟! هل سننتظر من الرئيس »فلان« علي سبيل المثال أن يتقدم بالاعتذار عن الاستمرار رئيساً للجمهورية ما دام عاجزاً عن إدارتها وحكمها كما يريد، ووعد، وتعهد؟! وهل نتوقع أيضاً من الرئيس "علان" أن يتصرف علي النقيض من "فلان" فينسي مقولاته، ويتنكر لوعوده، ويصدمنا بتأييده وتهليله للدستور الجديد الذي جاء تماماً كما كان يتمني ويتوقع من أجل إصلاح مصر والبدء السريع في تنميتها وتوفير أعلي مستوي معيشة لكل مواطنيها؟! .. وأواصل غداً.