عانت الحركة الفنية التشكيلية منذ بداية القرن العشرين وحتي الان.. من جراء افتقادها لحركة نقدية تتوازي مع الحركة الفنية التي ازدهرت خلال قرن من الزمان وتألقت وانبثقت منها جماعات فنية أدت إلي حدوث تحولات مثيرة في مسيرة الفن التشكيلي المصري، وظهر هذا القصور في عدم التوثيق العلمي الصحيح ويلي ذلك غياب التأريخ لهذه المسيرة الهامة، وظلت تتحرك بالدفع الذاتي من اتجاه واحد الأمر الذي كلف النقاد القلائل أعباءً كثيرة في محاولة لتغطية الكم المذهل من الفنانين وانتاجهم الإبداعي وكانت النتيجة خسارة فادحة لغياب التصنيف الفني والتأريخ والتوثيق ومتابعة الأجيال ومدي نجاح تجاربهم وفي أي طريق يسيرون، وعلي مدي العقدين الماضيين كانت هناك بعض المشروعات حول تنشيط هذا المجال من خلال ورش للنقد الفني ولكن التوقف وعدم الاستمرار لبناء جيل جديد يتحمل مسئولية النقد الفني هذا هو الفشل بعينه، ومن جديد بادرت جمعية محبي الفنون الجميلة خلال اجتماع مجلسها الموقر بتاريخ 71 ابريل 1102 بتأسيس ما يسمي »مسابقة الطلائع للنقد الفني« وكان اقتراح الاستاذ الدكتورة ماجدة سعد الدين الاستاذ بأكاديمية الفنون.. ووافق المجلس بأن تكون الدورة التأسيسية الأولي مواكبة لمسابقة الطلائع رقم 25 التي ستفتتح في الخامس من شهر مايو 2102، وقد وافق ايضاً المجلس علي اختيار الناقد الفني المحترف محمد كمال ليكون قوميسييراً ورئيساً للجنة التحكيم لهذه الدورة التأسيسية، وقد وضع تصوراً يقول فيه »كانت الحركات الإبداعية عبر التاريخ ومازالت بناء كلياً لا يتجزأ، حيث أراها دائماً كمثل طائر بجناحين، أحدهما للفن، والآخر للنقد، وهما متلازمان ولا يصح الطيران إلا بكليهما معاً.. وكما أن لكل حركة فنية جذورها التراثية التي تتغذي عبرها من تربة غنية بالمخصبات التاريخية والجغرافية والعقائدية، فإننا نجزم أن الحركة النقدية الموازية لها تتمتع بجذور تقتات من خلالها علي نفس الغذاء، لذا فإن النص النقدي القادر علي الخلود هو الذي يحمل ملمحي الفنان والناقد في آن، كترسين في ماكينة للخلق تدور في توافق وانسجام كبيرين.. وليقيننا أن النقد هو حالة علمية إبداعية متكاملة الأركان تبعث علي الدهشة أثناء التلقي علي جسر من الرشاقة اللغوية والشفافية الروحية واليقظة العقلية والطزاجة الوجدانية، فقد اسسنا في جمعية محبي الفنون الجميلة مسابقة نقدية (جذور النقد) تعتمد علي منهج الورش المتتابعة القائمة علي التفاعل المعرفي المباشر بين خبرات كبيرة في فنون النقد وطاقات واعدة علي نفس الدرب، عبر جلسات من العصف الذهني والوجداني والروحي بين الجذوع والبراعم... والمسابقة للطلائع تحت 03 عاماً من العمر، وقد تم تشكيل لجنة التحكيم من الناقد.. محمد كمال رئيساً، أمل نصر وخالد البغدادي وهبة الهواري وياسر منجي اعضاء.. وقد تم تحديد الجوائز علي هذا النحو 3 الاف جنيه الجائزة الأولي ألفان للجائزة الثانية وألف للجائزة الثالثة، وجائزة النشر بادر بها الفنان رضا عبد الرحمن المشرف علي صفحة »فنون جميلة« الاسبوعية بجريدة نهضة مصر بإتاحة الفرصة للفائزين الثلاثة للنشر بالصفحة، وتأمل الجمعية بانتشار هذه المبادرة حتي تتحقق الأهداف المرجوة لإعداد جيل من النقاد يحقق المعادلة الصعبة التي يفتقدها منذ أكثر من قرن، وعقدت الجمعية برئاسة كاتب المقال مؤتمراً صحفياً ظهر الاربعاء الماضي للإعلان عن المسابقة.. التي ستقام سنوياً مصاحبة لمعرض الطلائع وسيقام حفل خاص بالجائزة لتكريم الفائزين، وسيطبع كتاب في نهاية المسابقة يضم أبحاث المشاركين كوثيقة تأسيسية وكمرجعية للدورات التالية ومادة نقدية تساهم في نشر الثقافة الفنية في المجتمع.