د. نصار: حگومة انقاذ وطني تشرف مع البرلمان علي الانتخابات الرئاسية اتفق الجميع علي حل واحد للخروج من الأزمة التي نحن بصددها الآن .. فإذا كان الشباب المتواجد بميدان التحرير ومحيط وزارة الداخلية لا يرفع إلا شعار واحد وهو" رحيل المجلس العسكري " ، فإن خبراء القانون الدستوري وعلماء الإجتماع الذين استطلعت " الأخبار " أراءهم يجمعون علي نفس الحل، وان اختلفوا حول آليات وسبل التنفيذ. الفقيه الدستوري د.ثروت بدوي بدا في شدة الغضب من أداء المجلس العسكري، ولا يري إلا حلا واحدا فقط للخروج من الأزمة وهورحيل المجلس العسكري عن المشهد . فوفقا لما ذهب إليه د.ثروت فإن المشاكل التي تعانيها مصر سواء في النواحي الأمنية أو الاقتصادية أوعلي مستوي تحقيق العدالة سببها المجلس العسكري، بل انه ذهب إلي أبعد من ذلك وقال: " يستحيل إجراء انتخابات رئاسية صحيحة في ظل وجود العسكر". ووصف د. بدوي في نفس الإطار مجلس الشعب الحالي بأنه " غير شرعي "، لأنه شكل في ظل قيادة المجلس العسكري، ومن هذا المنطلق يرفض ان يكون مجلس الشعب هوالبديل للمجلس العسكري حال رحيله. وعندما سألته وما الحل من وجهة نظرك، أجاب منفعلا : " ما يقوله الشعب وليس مجلس الشعب هوالحل". خطوات لتسليم السلطة الحديث الانفعالي للدكتور بدوي يقابله حديث أكثر هدوءا من استاذ القانون الدستوري د.جابر نصار الذي أكد علي ان المشكلة ليست في تسليم السلطة، ولكن في كيفية تسليمها. وقال د. نصار: " الإعلان الدستوري وضع كل السلطات في يد المجلس العسكري، ولابد من توزيع السلطة ليتواري المجلس العسكري عن المشهد تدريجيا " . ووضع استاذ القانون الدستوري خارطة طريق لانسحاب المجلس العسكري من المشهد، تبدأ بنقل السلطة التشريعية والرقابية للبرلمان، التي يري أنها لم تنتقل إليه أما الخطوة الثانية، فهي إقرار حق البرلمان في تشكيل حكومة إنقاذ وطني، لتشرف هذه الحكومة والبرلمان علي إجراء انتخابات الرئاسة، ليخرج المجلس العسكري من المشهد تدريجيا. ويرفض د. نصار فكرة الانتظار حتي انتخاب الرئيس في يونيو، وقال: " لا يمكن إجراء انتخابات رئاسية نزيهه في ظل وجود المجلس العسكري، خاصة ان قانون الانتخابات الذي أصدره المجلس قانون مشوه ولا يتضمن أي ضمانات للنزاهة " . وأبدي استاذ القانون الدستوري تحفظا علي إصرار المجلس العسكري علي إصدار القانون قبل أيام من انعقاد البرلمان، وقال: " حرص المجلس العسكري علي ذلك، يثير الشكوك حول رغبة المجلس العسكري في وصول رئيس موال لهم بأي طريقة ". وأضاف: " إذا حدث ذلك، وجاء المجلس العسكري برئيس موال لهم فلن تشهد مصر أي تطور حقيقي من الناحية الديمقراطية والسياسية " . حجة الدستور ولا يختلف د.فؤاد عبد النبي استاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية عن الآراء السابقة في ضرورة رحيل المجلس العسكري، لكنه كان أقل حدة من سابقيه. فالدكتور عبد النبي يري ان للمجلس العسكري شرعية دستورية، أكدتها الشرعية الثورية استنادا إلي الشعار الشهير الذي كان الشعب يردده يوم تنحي مبارك وهو: " الشعب والجيش إيد واحدة " . ويستطرد: " لكن إذا كان الحل الذي تطالب به غالبية القوي، والشباب الغاضب في ميدان التحرير هورحيل المجلس العسكري، فليرحل ولكن بطريقة دستورية " . والطريقة الدستورية التي يراها عبد النبي هي السير وفقا لما هوواضح بالإعلان الدستوري ، والذي ينص علي ان مجلسي الشعب والشوري يقومان بإعداد الدستور خلال ستة أشهر من انتخابهما، والحجة التي دائما ما تقال هي انه لابد من اتمام الدستور حتي تجري انتخابات الرئاسة . وقال: " هذه حجة واهية، فقد أعددت دستورا خلال أسبوع وأودعته في دار الكتب برقم 48 / 418 وسلمت نسخة منه للمجلس العسكري ويحيي الجمل عندما كان نائبا لرئيس مجلس الوزراء، فإذا كنت قد فعلت ذلك بمفردي، فما بالكم لوكانت هناك إرادة سياسية لإنجازه " . وأضاف: " أنا أجزم ان بإمكانهم تحقيق ذلك في 48 ساعة لوأرادوا ، فمصر لديها 13 دستورا يمكن اختيار أفضل المواد بها لإنجاز دستور جديد في وقت قياسي" . رئيس توافقي ولا يري د.جمال زهران استاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس ضرورة للالتزام بالدستور أولا قبل انتخاب الرئيس، لأننا لسنا في وضع طبيعي، لكي نلتزم بالإعلان الدستوري. والحل الذي يقترحه د.زهران هواسناد الحكم لرئيس توافقي يتم انتخابه من قبل أعضاء مجلس الشعب وتكون اختصاصاته في هذه الفترة العمل علي تسليم السلطة لإدارة مدنية منتخبة، وكذلك متابعة إعداد الدستور. ولا يغني هذا الحل عن ضرورة إجراء محاكمات ثورية للمتورطين في الأحداث التي وقعت منذ تنحي مبارك، واصفا ما يحدث الآن ب " المحاكمات الهزلية " . ويرفض محمد الحميدي منسق عام الجبهة المدنية لاستعادة مصر فكرة " الرئيس التوافقي " الذي ينتخب من مجلس الشعب، ويدعولفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية بشكل فوري، رافضا الالتزام بخارطة الطريق التي حددها الإعلان الدستوري، والتي تنص علي أن الدستور أولا. وحذر الحميدي من ان التراخي في تحقيق هذا الأمر سيقودنا إلي ما سماه ب " العام الدموي " ستشهده مصر عام 2012. كما طالب منسق عام الجبهة المدنية لإستعادة مصر بإبعاد رجال العادلي عن الداخلية، لأنهم في رأيه لا يزالون يديرون دفة الأمر بالوزارة، وإلغاء المتبقي من انتخابات مجلس الشوري، لأن الإصرار علي استكمالها يخلق بيئة مناسبة للتوتر. الرحيل وحده لا يكفي الحل الذي طرحه خبراء القانون الدستوري ومن بعدهم السياسيون لعبور الأزمة اعتبره - أيضا - اساتذة علم الاجتماع جزءا من القصاص العادل، الذي لابد ان يكتمل بتقديم المسئول المباشر عن الأحداث لمحاكمة عاجلة. وطالبت د. عزة كريم استاذ علم بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بضرورة رحيل المجلس العسكري عن المشهد وتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة واعادة هيكلة وزارة الداخلية من جديد وليرحل عنها من يعملون لصالح مبارك ونظامه. لكن هذا الحل وحده، رغم أهميته ، لن يشفي صدور المصريين، الذين يتشوقون لرؤية القصاص العادل من المسئولين عن الأحداث. وقالت د.عزة : " كل الشعب المصري يعرف ان مذبحة بورسعيد مفتعلة ومدبرة فمهما بلغت حدة الاحتقان بين الجماهير الرياضية لا تصل الي القتل." وتعتبر استاذة علم الاجتماع الحديث عن ما يسمي ب " الطرف الثالث " هونوع من الهراء والإستخفاف بعقول المصريين، مضيفة: " الشعب المصري خلاص فاق، ومش هيرضي إلا بالقصاص العادل " . ومن بين إجراءات القصاص العادل التي تطالب بها د.عزة هووقف ما تسميه ب " المحاكمات الهزلية " لرموز النظام السابق، وقالت: " هذه المحاكمات تضيع ارواح الشهداء هباء، مما يزيد من احتقان الشارع المصري". وتتفق د. ثريا عبد الجواد استاذ علم النفس والاجتماع بجامعة عين شمس مع الرأي السابق، مؤكدة ان ما يحدث في الشارع المصري هوتطور طبيعي لثورة لم تكتمل ولم تحقق اهدافها. ورفضت د.ثريا الحديث عن وجود طرف ثالث، مشيرة إلي ان كل ما حدث هوان الشعب أدرك ان المجلس العسكري غير أمين علي ثورته. وعادت للوراء قليلا مع تنحي مبارك، وقالت: " كنا نهتف الشعب والجيش إيد واحدة" ، والآن أصبحنا نسمع الشعارات المعادية له، وهذا أمر طبيعي في ظل الأحداث المتلاحقة التي حدثت منذ التنحي". وأضافت: " الذين هتفوا للعسكر، يهتفوه ضده الآن، والحل هو انسحابه من المشهد".