الجوكر في لعبة الكوتشينة هو الورقة التي تضمن الفوز دون منازع ..لأنه ( يقش) ما علي الأرض من أوراق..أتذكر الجوكر الورقة السحرية القادرة علي حسم النتائج كلما تحول كل موقف سلمي الي عنف ودماء فيسقط القتلي والجرحي ثم يتبخر الفاعل المعروف دون أن يحاسب علي أفعاله ..بلطجي هذا الزمان لا يشبه بلطجي روايات نجيب محفوظ الذي يتسم بالشهامة والمروءة وحماية الضعفاء بل هو نتاج لعصر طغيان الأمن الذي أصبح الآمر الناهي في كل كبيرة وصغيرة وازداد نفوذ أياديه غير الرسمية التي لقيت الدعم والحماية من الحزب الوطني المنحل فجمع رجال الأعمال الفاسدين مجموعات من البلطجية وأصحاب السوابق في تشكيلات أتصور أنها عنقودية فلها رأس وأعضاء لا يشترط أن يعرف بعضهم البعض الآخر،كشف النقاب عن قليل منها ومعظمها مازال مجهولا لأن الأجهزة المعنية لاتبذل الجهد الكافي لجمعهم ، غالبا ما تجدهم في العشوائيات شباب عاطل يبحث عن مكسب سريع وبأي وسيلة، زعماؤهم معروفون لأجهزة الأمن ويجمعون حولهم تشكيلات عصابية مسلحة.. لا يؤدون خدماتهم إلا لمن يدفع ولكل خدمة ثمن: الضرب الخفيف غير (علقة الموت) والجرح غير عمل عاهة غير القتل .. كل شيء بثمنه.. وأعداء الثورة كثيرون وجميعهم أغتنوا مما سرقوه من قوت الشعب وهم مستعدون للإنفاق بسخاء لإفشال الثورة التي زلزلت نفوذهم وهددت مصالحهم . يسمونهم الطرف الثالث أو المندسين وأحيانا المواطنون الشرفاء علي سبيل السخرية فما هم بمواطنين صالحين وما هم بشرفاء يهتمون بمستقبل هذا البلد ..تجد بصماتهم المريبة علي كل حادث مأساوي مس قلوبنا: في كل مظاهرة سلمية وكل اعتصام ،في أحداث الفتنة الطائفية، في أحداث العباسية،ومسرح البالون،وفي ماسبيرو،ثم محمد محمود، ومجلس الوزراء وأخيرا في محاولة البلطجية لفض الاعتصام السلمي أمام ماسبيرو أول أمس ،انهم يشكلون عالما سريا غامضا بالنسبة لنا .كيف يتجمعون؟ وكيف يتسلحون ؟ ومن يعطيهم الأوامر ؟ ومن يمولهم ؟ من ينظم صفوفهم ؟ والأهم من يحميهم ويمكنهم من إنهاء مهمتهم الحقيرة والفرار دون عقاب ؟ من أين تأتيهم هذه الجرأة والوقاحة والإجرام الذي حول الشوارع الي ميادين معارك غير متكافئة بين محترفي الضرب والإيذاء ذوي الضمائر الميتة وبين مواطنين مسالمين لا يعرفون حتي فنون الدفاع عن النفس! ازدهرت سوق البلطجة بعد الثورة بفضل رعاة الثورة المضادة من الفلول ونزلاء طرة لاند وازداد الطلب عليهم في ظل الإنفلات الأمني وتهريب الأسلحة عبر الحدود مع ليبيا خلال معارك الثوار مع القذافي، ومع إزدهار مصانع الأسلحة المحلية غير المرخصة وتمكنت عصابات البلطجية من تهريب بعض المساجين،وفرضت العصابات الأتاوات علي أهالي بعض المناطق ودخلت العصابات في معارك نفوذ استخدمت فيها الأسلحة النارية وكأننا في شيكاغو !وانتشرت في مجتمعنا الآمن جرائم السرقة بالإكراه والسطو المسلح والإغتصاب والخطف مقابل فدية.. وهنا نتساءل هل هذا هو المجتمع المصري الذي عرفناه.. بالطبع لا.. لقد فقدنا الأمن الذي كنا نعيشه.. حرمنا منه - بقصد- حتي نترحم علي أيام الرئيس المخلوع ونتمني عودتها. لكننا لن نفعل، نحن نقدر الجهد الملحوظ الذي يقوم به اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية للقبض علي أعداد كبيرة من البلطجية وضبط كميات كبيرة من السلاح لكن مازال الأمن مفتقدا ماداموا قادرين علي التجمع والخروج بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة وبقلوبهم الميتة ليعيثوا فسادا وينفذوا الخطط المرسومة لهم باسم الطرف الثالث.. مزقوا هذا الجوكر وألقوه بعيدا حتي لا يشعل الحرائق ويريق دماء الابرياء ولا تغمضوا عيونكم حتي تنكروا وجوده وإذا أردنا الأمان الحقيقي فلابد من المقاومة الفورية والجادة لهذه الفئة الضالة .