يتصدر البلطجية المشهد المروع في كل الأحداث المؤسفة التي صدمتنا وهددت سلامنا الاجتماعي وزلزلت الأرض تحت أقدامنا.. فلا نكاد نفيق من كارثة إلا وتلحق بنا الأخري.. يهجمون كجيوش من الجراد المتوحش الأعمي.. أعمي القلب والبصيرة.. يهاجمون الأبرياء بدم بارد ويروعون الآمنين عند الفجر غالبا.. فعلوها منذ أيام مع المتظاهرين المسالمين أمام ماسبيرو مستخدمين الموتوسيكلات -لأنها أسرع من الدواب التي استخدموها في موقعة الجمل- ولم يكتفوا باستخدام السلاح الأبيض بل أطلقوا الأعيرة النارية وأصابوا العشرات من المسيحيين المعتصمين رغم وجود قوات الجيش والشرطة التي تتولي تأمين مبني الاذاعة والتلفزيون وحماية آلاف المتظاهرين المسالمين من مسلمين وأقباط.. من أعطاهم الحق في إجلاء المعتصمين بقوة السلاح ؟ومن أين أتتهم تلك الجرأة علي تحدي الشرطة والجيش معا؟ ومن ينظم صفوفهم ويتزعمهم ويوجههم والأهم من يمولهم؟ من هم العقول المدبرة لهذه الهجمات الغوغائية التي تضع مصر كلها فوق صفيح ساخن؟ قد نحتار في تحديد أسماء معينة من أعداء الثورة دون وجود أدلة مادية ولكن هذا لا يعني أن نتقبل مقولة أن (مجهولون) اعتدوا وهاجموا..لأن الفاعل معلوم ..يضرب تحت الحزام ضربات موجعة في نقطة ضعفنا وهي الوحدة الوطنية ثم يهرب ليعاود الظهور من جديد في موقع أكثر ايلاما للشعب..إنهم دائما يسبقون الأمن بخطوة أو أكثر.. فيلهث وراءهم ليلملم ما كسروه وما إن يداوي جرحا حتي يحدثوا جراحا أشد وأنكي.. ولو عدنا أياما قليلة للوراء لرأينا أيادي البلطجية الملوثة وهي تحرق كنيسة العذراء بامبابة لتؤجج نار الفتنة بين عنصري الأمة، ثم لاحق البلطجية بداية تجمع المتظاهرين عند ماسبيرو من مسلمين وأقباط المطالبين بمحاكمة سريعة للمسئولين عن أحداث امبابة فخرجت عليهم سيارات نصف نقل تحمل عشرات الشباب من بولاق محملين بأجولة مليئة بالطوب وحولوا ميدان عبد المنعم رياض الي ساحة قتال وتراشق بالحجارة وأعادت للأذهان معارك ما قبل التنحي بين فريقي مؤيدي الرئيس السابق ومعارضيه من ثوار ميدان التحرير..فهل تحرك البلطجية من تلقاء أنفسهم لوجه الله والوطن؟ أم أن هناك من حشدهم ودفع لهم ليقوموا بهذه المهمة المشبوهة؟ ولعلنا لا ننسي دور البلطجية في هدم جانب من كنيسة صول وما تبعها من قطع الطريق الدائري ومعارك الدويقة التي سالت فيها دماء الأبرياء، وفي قنا قام البلطجية والمتشددون من السلفيين بقطع طريق قطار الصعيد لأكثر من عشرة أيام في تحد سافر لسلطة الدولة اعتراضا علي تعيين محافظ مرفوض شعبيا .. وهناك أيضا معركة بلطجية شارع عبد العزيزالشهيرة، هذه الأحداث المؤسفة تهدر طاقة الحكومة فتلهث أجهزة الأمن هنا وهناك لترتق الثقوب و ليقتصر دورها علي رد الفعل حيث لا يمكن التنبؤ بمكان الضربة التالية ..فإلي متي تستمر هذه الفئة الضالة في تحدي الشرطة والجيش؟ رغم المحاكمات السريعة والرادعة للبلطجية المقبوض عليهم ولكن لابد من تشديد العقوبات لتصل الي الاعدام واطلاق الرصاص في مواجهة تلك العصابات ..اننا نتساءل كيف تواجه الشرطة البلطجية الخطرين بهذا القدر من ضبط النفس ؟ بقدر سعادتنا ببقاء منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية في مصر بانتخاب الدكتور نبيل العربي خلفا للسيد عمرو موسي ..بقدر أسفنا لخسارته وزيرا للخارجية من طراز مميز له توجهاته القومية لتقوية العلاقات بالدول العربية وإعادة فتح منفذ رفح ورعايته للمصريين في الخارج واهتمامه بالدول الأفريقية التي أهملناها لعقود طويلة وتصريحاته غير المهادنة لاسرائيل وإعادة العلاقات بايران..كان وجها محترما لمصر متسقا مع روح ثورة يناير التي أعادت احترام العالم لنا، تمنياتنا له بالتوفيق وليرزقنا الله بوزير خارجية جديد بنفس المواصفات.