هناك اتفاق عام علي تحديد المشاكل التي تتسم بالأولوية القصوي في حياة المصريين. وكلها ترتبط بحياتهم المعيشية واستقرارهم ومستقبلهم. تأتي علي رأس هذه المشاكل البطالة والاجور والاسكان والعشوائيات بأخطارها الاجتماعية والامنية. إن التحرك لايجاد الحلول المناسبة يعني تحقيق الامن المفقود والذي يعد رافداً اساسياً لها مجتمعة . وبالطبع إذا تحقق الأمن والاستقرار فإن الطريق يصبح مفتوحاً امام الاستثمار والانتاج وهو الامر الذي يمكن ان يساهم بشكل أساسي في التوصل لحلول لهذه المشاكل التي ذكرتها. لقد ظلت مصر بثورتها التي ابهرت العالم علي مدي الشهور الماضية.. محلك سر دون أي خطوة إلي الامام بل استطيع ان اقول انها تقهقرت الي الوراء خاصة من الناحية الاقتصادية الي الدرجة التي اصبحت فيها علي حافة الانهيار. كان لابد أن تكون هناك وسيلة للخروج من هذا المأزق تتجسد في خطوات عملية وفعالة للتعامل مع هذه المشاكل.. مشكلة.. مشكلة حتي يشعر المواطنون بالخير الذي يمكن ان تجيء به له الثورة. من ناحية اخري فقد كان متوقعاً ان يساهم بدء العملية الانتخابية التي اشرفت علي نهايتها بإيجابياتها وسلبياتها في تهدئة المشاعر.. التوصل الي الصيغة المناسبة لهذا الانطلاق يتطلب اعطاء الفرصة لحكومة الانقاذ الوطني لممارسة مهامها لتعويض الشهور العديدة التي مرت من عمر الثورة في منازعات وخلافات وفوضي ما بعدها فوضي . لابد أن ندرك انه لم يكن من نتيجة لهذا المناخ غير السوي سوي شعور الغالبية الشعبية بالاسي والاحباط واليأس. وهكذا ووسط الاجواء الملبدة بالغيوم والاحداث المأساوية بدأت حكومة الانقاذ برئاسة الدكتور كمال الجنزوري أولي خطواتها في التجاوب مع تطلعات رجل الشارع الذي يتشكل منه تجمعات محدودي الدخل والفقراء ضحية الغلاء والاستغلال والاحتكار وتردي الدخول . في هذا الاطار تم اعطاء مزيد من التفعيل والاهتمام لازمة الاسكان الاجتماعي المتسعصية باسناد اقامة الجانب الاكبر من الوحدات المستهدفة لجهاز الخدمة الوطنية بقواتنا المسلحة ضماناً للسرعة والالتزام بالتكلفة والمواعيد. وتحت راية الانضباط العسكري بدأت شركات المقاولات الوطنية في التعاون والمساهمة في تحقيق هذا الانجاز . وفي الاجتماع الاخير لحكومة الدكتور الجنزوري تقرر توفير 051 مليون جنيه شهرياً لاستكمال اتمام باقي مراحل هذا المشروع المدعم من الدولة والذي ستبلغ عدد وحداته في عام 7102 مليون وحدة سكنية موزعة علي كل محافظات مصر. هنا لابد أن اشير إلي الدور الرائد للمرحوم المشير والمفكر الراحل عبد الحليم ابو غزالة (رحمه الله) والذي كان له فضل مبادرة اشراك القوات المسلحة من خلال جهاز الخدمة الوطنية في المشروعات المهنية القومية الكبري . ولعل اشهر ما قام به هذا الجهاز مشروع التجديد الشامل لشبكة التليفونات والتي كانت قد انهارت تماماً. هذا المشروع كان البداية لاصلاح مقومات البنية الاساسية التي ساهم استكمالها في جذب الاستثمار وتحقيق الانعاش الاقتصادي. أذكر بهذه المناسبة ما قاله لي المشير ابوغزالة متعلقاً باستراتيجيته في الاستجابة لاحتياجات الوطن من خلال استثمار امكانات القوات المسلحة. لقد كان يري ان بالامكان قيام جهاز الخدمة الوطنية بتنفيذ المشروعات القومية علي أعلي مستوي وبأقل تكلفة دون ان يؤثر ذلك علي دورها وامكاناتها في حماية الامن القومي. اعتمدت خطته التي وجهت بالاعتراض من جانب قيادات النظام السابق علي تجنيد ألوية من المتخصصين والعمالة الفنية للقيام بمثل هذه المشروعات الوطنية. من المؤكد أن التجاوب مع فكر المشير ابو غزالة المتجدد كان يمكن ان يساهم في حل الكثير من مشاكل مصر. علي كل حال فإنه ليس هناك ما يدعو الان للبكاء علي ما فات وبالتالي فان علينا ان نستفيد من هذه التجارب الايجابية وهو ما أراه يتحقق حالياً باسناد جانب اساسي من مشروع السكن الاجتماعي المدعم الي اجهزة القوات المسلحة. وربنا يوفق.