اخيرا وبعد طول إهمال وعدم مبالاة بدأ صعيد مصر يحظي باهتمام الدولة وتخصص له موازنة استثمارية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يستحقها.. جاء هذا التحرك الذي بدأ علي مدي السنوات الأربع الماضية إيمانا وإدراكا بأن تحقيق هذا الهدف يساهم بشكل فعال في تكريس السلام الاجتماعي بروافده المتعلقة بأمن المجتمع كله. لم يكن معقولا ولا مقبولا استمرار المعاناة المعيشية لسكان محافظات الصعيد والتي استمرت عقودا طويلة انعكست آثارها سلبا علي صورة الحياة بكل جوانبها افتقادا للتقدم وللحد الادني من الخدمات الآدمية. ترتب علي ذلك امتداد هذه المشاكل إلي باقي محافظات مصر خاصة القاهرة في صورة هجرة جماعية تستهدف البحث عن فرص عمل والسعي إلي الارتفاع بمستوي المعيشة. وكما هو معروف منذ سنين طويلة فإن سكان الصعيد كانوا يعتمدون لتسيير حياتهم علي الزراعة والخدمات السياحية في المناطق الاثرية التي تعج بها مدنه وقراه وعلي رأسها الاقصر التي تضم ثلث اثار العالم. وتطلعا إلي نقلة حضارية في حياتهم كان حلم الصعايدة ان يتم ربط محافظاتهم بمواني البحر الاحمر والمقاصد السياحية بطريق استراتيجي يشجع علي التعمير والاستثمار علي طوال امتداده لمئات الكيلومترات ظل هذا الأمل معطلا لظروف متعددة إلي ان تهيأت الظروف ليصدر الرئيس مبارك اشارة البدء في تنفيذ هذا المشروع العملاق الذي من المؤكد انه سيغير من منهج الحياة في كل محافظات جنوب الصعيد التي تعاني من الفقر والحرمان. وفي اجتماع وزاري عقد بالاسكندرية برئاسة الدكتور احمد نظيف تم استعراض الخطوات الي تم انجازها في هذا المشروع العملاق الذي يتكلف 3.4 مليار جنيه. اعلن بعد الاجتماع ان المرحلة الاولي لمحور التنمية.. الصعيد - البحر الاحمر سوف تنتهي في سبتمبر القادم بتكلفة 6.1 مليار جنيه. وكما هو معروف فإن اي نشاط تعميري يرتبط دوما بتوافر طريق رئيسي يقام علي جانبه مجتمعات حضارية تسهل الصناعة والخدمات والاسكان.. وهو الامر الذي تشهد به حركة التعمير التي يشهدها حاليا امتداد الطريق الساحلي الدولي. ولا تقتصر خطة تنمية الصعيد علي اقامة الطرق التي تربط محافظاته بمنطقة البحر الاحمر بل تشمل ايضا اقامة المئات من المشروعات التنموية وفقا لتخطيط ممتد حتي عام 7102 وتبلغ استثماراته 503 مليارات جنيه في مجالات الصناعة والسياحة والزراعة والتنمية العمرانية وتحديث خدمات المحليات. ولا يمكن الحديث عن تنمية الصعيد دون الاشارة إلي الدور الرائد الذي تقوم به جامعة اسيوط كمنارة علمية حققت الكثير من الانجازات كما ان علي اساتذتها وخريجيها عبئا كبيرا في المرحلة القادمة لدفع عجلة التقدم والتنمية. لا جدال ان تنمية الصعيد تمثل في حد ذاته اعادة الحياة لنصف مساحة مصر وللملايين من سكانه الذي كتب عليهم الاهمال والهوان اللذين جعلاهما اقل مستوي من اشقائهم في شمال الوادي.. من المؤكد ان نجاح مشروعات التنمية في هذا الجزء العزيز من الوطن سوف يعد اضافة كبيرة لامكانات مصر ومستقبلها. * الاخبار