بالتوازى مع افتتاح المتحف المصرى الكبير، صدرت عدة كتب هامة تسرد حكاياتٍ عن الحضارة المصرية القديمة وكذلك قصة المتحف، لكنها لم تكتفِ بالحكى فقط وحاولت الاشتباك مع الواقع الحالى وتحدياته. جاء كتاب «مصر الخالدة مهد الحضارة» للدكتور فكرى حسن، أستاذ سير فلندرز بيترى للآثار بجامعة ينفريستى كوليج لندن، عن سلسسة «كتاب اليوم» ليؤكد أن مفهوم الخلود لم يرتبط بحضارة مثلما ارتبط بالمصريين القدماء يقول «حسن» فى كتابه إن المتحف الكبير يمثل رؤية معاصرة تؤكد للعالم من جديد أن حضارتنا لا تزال تنير الطريق نحو الخلود. يكشف الكتاب أسرار الفكر المصرى الذى تشهد عليه عظمة الأهرام وروعة القناع الذهبى لتوت عنخ آمون، من ناحية، وأسرار استمرار الحضارة المصرية وخلودها فى ذاكرة العالم عبر العصور، من ناحية أخرى. كما يقدم باختصار مكثف رؤية متعمقة للمنجزات الحضارية خلف معروضات المتحف، ويوضح عطاء مصر الحضارى، الذى نهلت منه حضارات العالم أجمع، فرسالة مصر تكمن فيما قدمته لصالح المجتمع والمحافظة على استقراره والسعى لتعزيز ازدهاره وتأمينه ضد الشرور والعدوان. وهذا ما ضمن لها الاستمرار والخلود، ووقف وراء روعة فنونها وعظمة آثارها وما نستدل عليه مما تركوه من نصوص تنطق بحكمتهم الخالدة. ويستعرض الكتاب عطاء مصر الحضارى وما قدمته للإنسانية فى الفصل الافتتاحى للكتاب، إذ يتطرق إلى العلاقة الوثيقة بين النيل وجغرافية مصر وظهور وتأسيس الحضارة المصرية قبل أن يقدم موجزاً للديانة المصرية القديمة والنظام الملكى ودور «ماعت» (العدالة والصدق والاتزان إزاء الفوضى) فى ترسيخ قيم الحكم الرشيد، ودور الحكام فى الذود عن الوطن وتعزيز مكانة مصر بين جيرانها. وفى جزء آخر يقدم الكتاب نبذة عن الحياة اليومية والأسرة المصرية مع التأكيد على دور المرأة فى كل أبعاد الحضارة المصرية القديمة من المعتقدات إلى النظام الذى يتضح بجلاء فى الدولة الحديثة. نصوص مدونة ونظراً لأهمية اللغة المصرية القديمة والأدب المصرى والعلوم يقدم الكتاب المعالم الأساسية للكتابة المقدسة التى تمكَّنا من خلالها فك أسرار النصوص المدونة فى لفائف البردى وعلى جدران المعابد والمقابر، فهو يعرض أمثلة متعددة من الأدب المصرى سواء القصص أو الشعر. وفى مجال العلوم يُبرِز الكتاب إسهامات مصر فى الهندسة والرياضيات والفلك والطب التى كان لها أثر لا ينكر على الحضارة الإنسانية. وتمهد هذه الفصول طريقة فهمنا للبعد الحضارى العميق للفنون والحرف والصناعات والعمارة التى نشهد فى دهشة وإعجاب منتجاتها المحيرة، كما يتبدى فى الفصل الأخير المخصص للأهرامات. وسيجد القارئ فى نهاية الكتاب ثبتاً بالأحداث التاريخية التى شهدتها مصر منذ فجر التاريخ، وتعريفاً بالعلامات والإشارات والرموز المصرية، وآخر بالكلمات الشائعة، وكشافاً بالمناطق الأثرية الموجودة داخل مصر. ويقدم الكتاب أيضاً قائمة بالمراجع الأساسية التى تمكن القارئ من التعمق فى الموضوعات التى يطرحها الكتاب. إعادة صياغة السرد التاريخى وصدر أيضاً عن هيئة قصور الثقافة كتاب «المتحف المصرى الكبير.. هدية مصر للعالم» وهو من تأليف الدكتورة الشيماء محمد عيد، رئيسة جهاز السلامة وتأمين بيئة العمل بالمتحف المصرى الكبير، تقدم فيه سرداً علمياً منضبطاً عبر لغة بسيطة لتعرف القارئ على الحضارة المصرية القديمة من خلال تفاصيل المتحف الذى لا تعتبره المؤلفة مجرد مكان للزيارة بل منصة ثقافية حية تبرز الترابط بين الماضى والحاضر. يضم الكتاب خمسة فصول رئيسية تشمل نشأة المتاحف فى مصر وتطورها، وتاريخ بناء المتحف وكيف تم تصميمه ليكون ملبياً لمعايير الاستدامة البيئية، مع التركيز على «كنوز الفراعنة الخضراء» التى تبرز مفهوم الاستدامة على مر التاريخ. كما يناقش الكتاب دور المتحف فى التنمية المكانية المستدامة وكيف أصبح منصة لإعادة صياغة السرد التاريخى للماضى المصرى. من خلال هذا العرض، تأخذ الكاتبة القارئ فى رحلة معرفية داخل أروقة المتحف لتوضح كيف يجسد نهج البناء الأخضر واستخدام أنظمة الطاقة الذكية وتقنيات حماية الآثار بطريقة صديقة للبيئة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 فى الابتكار البيئى. يبرز الكتاب أيضاً كيف تحولت مساحات المتحف الخضراء إلى ما يشبه الرئة التى تنقى هواء القاهرة، مع تقديم دروس مستفادة من حكمة القدماء لمواجهة تحديات المناخ اليوم يصف الكتاب المتحف بأنه «متحف أخضر ذكى» صديق للبيئة، يجعل الزائر يشعر بالراحة والتناغم مع البيئة المحيطة، كما أسهم فى تطوير وتحسين المنطقة المجاورة للأهرامات، مما يعكس التزام مصر بالمحافظة على تراثها البيئى والثقافى. ويتضمن الكتاب ملاحق حول شخصيات بارزة مثل توت عنخ آمون، ورمسيس الثانى، وخنوم حتب الثانى مع قصص حياتهم وأماكن دفنهم وتراثهم داخل المتحف، ما يثرى التجربة المعرفية للقارئ ويجعله يعيش رحلة عبر الزمن إلى قلب الدولة الوسطى كما يعكس الكتاب الجهد المبذول فى جعل المتحف منصة تجمع بين الثقافة والتاريخ والاستدامة فى إطار رؤية وطنية متكاملة. ربط الذكاء الاصطناعى بعلم المصريات وفى كتاب «الخروج إلى النور.. العلوم الحديثة تكشف أسرار مصر القديمة»، الصادر عن دار المعارف، يسرد الكاتب أحمد سمير سعد حكايات تاريخية شيقة، ويربطها بالعلوم الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى، حيث يتنبأ بدخوله لعلم المصريات، بشكل يمكِّنه من قراءة النقوش الفرعونية وترجمتها، وكيف أنه قد يساعدنا فى استنتاج ما طمسه الزمن وكيف قد يسد ما فقدته النصوص. ويشرح الكتاب أيضاً كيف استطاعت تقنيات التصوير بالأشعة العادية والمقطعية وتحليل الDNA أن تجعل المومياوات تتحدث عن عالَمها، وأن تعيد صياغة حكايات التاريخ وتروى ما عاشته. ويقول الكاتب إن المصرى القديم آمن فى الخلود وأعد العدة للحساب والبعث والخروج إلى النهار؛ لذلك شعرنا حين سار موكب المومياوات الملكية من المتحف المصرى بميدان التحرير إلى المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط أن الحضارة المصرية القديمة قد بُعثت من جديد. كما صدر أيضاً كتاب تذكارى عن المتحف بعنوان: «الطريق إلى الخلود»، يركز على المفهوم الجوهرى للخلود الذى شكل النظرة العالمية لمصر القديمة، مؤكداً أن مصر لا تتحدى الزمن لتبقى فحسب، بل إنها ما زالت تبنى على إرثها العظيم بنفس القوة والطموح. والكتاب يعكس حقيقة أن مصر المعاصرة ليست انحرافاً عن العصور القديمة، بل امتداداً طبيعياً لها. فمن بناء الأهرامات والمعابد إلى إنشاء المتحف المصرى الكبير. كذلك تم دمج الكتاب بالمحتوى الرقمى المتعدد الوسائط، حيث يتيح تطبيق خاص بالهواتف الذكية لمستخدميه مسح صفحات مختارة من الكتاب للاستمتاع بمحتوى ثلاثى الأبعاد بالإضافة للرسوم المتحركة ومقاطع فيديو سردية. كما يتضمن الكتاب أيضاً (QR Code) يأخذ القارئ فى رحلة افتراضية تربط بين حقب مصر المختلفة.