ليس هناك ما يمكن قوله في مواجهة عمليات سفك دماء وضرب استقرار مصر واغتيال تاريخها وتراثها سوي ان نرفع ايدينا الي السماء داعين.. »الله كبير« .. انه القادر علي مساعدتها في عبور محنتها التي شارك في صنعها كل ابنائها. اننا في انتظاربجانب - رحمة الله - ان تتحرك فينا النخوة الوطنية كي ندرك ابعاد الخطر الذي يحيق بنا ويهدد وجودنا وحضارتنا ويقضي علي ما تبقي من مكانتنا اقليميا ودوليا. ان ما يحدث يدمي القلوب ويدفعنا الي دعوة الجميع الي ان يفيقوا من حالة الضياع والغيبوبة التي انحدروا اليها ومعهم وطنهم مصر. لا جدال ان التخلي عن العقل والمنطق والمسئولية الوطنية والوقوع في براثن السلوك الجنوني كان وراء كل الذي حدث طوال الايام الاربعة الماضية وادي الي استهداف تاريخ مصر وتراثها الحضاري بالحرق والتدمير. انني حقا عاجز تماما عن فهم مبررات التهجم علي المجمع العلمي والقاء زجاجات المولوتوف عليه من جانب بعض عناصر المعتصمين بهدف اشعال النيران في محتوياته ثم يقفون امام الكاميرات ليرقصوا علي مرأي هذا المشهد الهمجي. ان ما تم احراقه يعد ثروة وطنية وقومية تعود ملكيتها الي كل الشعب المصري. ان ما جري جريمة بشعة بكل المقاييس ارتكبها جاهلون ومأجورين كارهون لمصر ومتآمرون عليها. من ناحية اخري فانني لا افهم دواعي هذا الاصرار علي اغلاق مجلس الوزراء وهو ما يدخل ضمن اعمال البلطجة والفوضوية التي تتناقض وتتعارض مع مباديء ثورة 52 يناير التي استهدفت تقدم مصر وليس العمل علي »احراقها«. ان ما يثير العجب والدهشة تلك التعليقات التي تتعمد التغاضي عن تعمد المعتصمين امام مجلسي الوزراء والشعب القاء الطوب والحجارة علي قوات تأمين هذه المقار الحكومية مّدعين انه ليس من حق افرادها الرد علي هذا العدوان حتي في اطار حق الدفاع عن النفس. ان ما يلفت النظر في بعض ما سمعته ان بعض المعتصمين او الذين تواجدوا للمتابعة وسطهم قد اصيبوا ولقوا ربهم برصاصات غادرة وجهت الي ظهورهم عن قرب وهو ما يثير الشكوك حول وجود طابور خامس في قلب الاحداث يعمل علي اشعال نيران الفتنة. هذه الفئة تعمل علي عدم خروج مصر من محنتها . وإذا كنت الوم واشك في نوايا واهداف الذين يصرون علي استمرار مناخ الفوضي وعدم الاستقرار فإن هذه الشكوك تمتد ايضا الي الجهات المسئولة العاجزة عن تحديد هذا الطابور الخامس او الكشف عن نتائج التحقيقات التي تم اجراؤها حول مسلسل الاحداث الدموية المتواصل علي مدي الشهور التي اعقبت الثورة. ثارت الاقاويل حول تمويل خارجي لبعض التنظيمات ولكن وحتي الآن فإن الممسكين بمقاليد الحكم لا يريدون الافصاح عن الاسماء المتورطة .. لماذا ؟ لا أعلم. من جانب اخر فقد كان هناك امل كبير في ان يؤدي الاعلان عن قيام المجلس الاستشاري إلي المساعدة في الامساك بزمام الامور وصولا الي تأسيس النظام الديمقراطي للدولة المصرية خاصة بعد اسناد الرئاسة الي منصور حسن احد رموز النزاهة والاعتدال والتعقل السياسي والذي يحظي بثقة الجميع .. لكن ويا للاسف فقد خاب املي بعد استقالة بعض اعضاء هذا المجلس. لقد اختاروا ان يكونوا مثل الجنود الذين يهربون من المعركة خوفا وجبنا وفقدانا للشجاعة وعدم القدرة علي اداء الواجب الوطني. ليس من تفسير لما قام به هؤلاء الاعضاء المنسحبون سوي عجزهم عن المشاركة في معركة انقاذ مصر وهو موقف يتسم بالخيانة لعدم الايجابية بل بالخيانة لواجبات التعامل مع اول ازمة تواجه المجلس الاستشاري. . ليس خافيا انهم ارادوا تسجيل مواقف دعائية استعراضية لا تتوافق ابدا مع ما كان معقودا علي دورهم الوطني. لا يمكن أيضا بأي حال امام هذه الاحداث المأساوية التي يمر بها الوطن تبرئة القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني من مسئولية ايقاف هذا النزف الدموي الذي يتعرض له الوطن. ان ما احاط بحرق المجمع العلمي يؤكد ان الذين قاموا بهذا العمل الخسيس لا ينتمون الي شباب ثورة 52 يناير الذين وقفوا كدروع بشرية أمام المتحف المصري لحمايته من اللصوص والبلطجية. من هنا فانه ليس من وصف لما تتعرض له مصر من ممارسات تتارية سوي ان هناك من يريد اسقاط مصر.. الدولة والتاريخ والمكانة.