أسعار الخضروات اليوم السبت 23- 8-2025 في الدقهلية    مؤشر داو جونز الأمريكي يسجل أعلى مستوى إغلاق على الإطلاق    مصر تستضيف قمة ومعرض «عالم الذكاء الاصطناعي».. فبراير المقبل    تنفيذ مشروعات للمياه والصرف الصحي في مطروح باستثمارات 4.4 مليار جنيه    غرفة الصناعات الغذائية: نساند جهود الحكومة ووزارة الصناعة في تطوير الصناعات الغذائية والزراعية وزيادة الصادرات وجذب الاستثمارات    زيلينسكي في يوم علم أوكرانيا: لن نهدي أرضنا ل"المحتل"    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    افتتاح الدوري الإيطالي.. حامل اللقب نابولي يلاقي ساسولو    ضبط 124.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    هقاضي أي حد يتكلم عني.. أول رد من شيرين بعد أنباء رجوعها لحسام حبيب    حملة «100 يوم صحة» تقدم 59 مليون خدمة طبية خلال 38 يومًا    صراع الأجيال وتجديد الدماء    البابا تواضروس يترأس قداس تدشين كنيسة القديس مارمينا العجايبي بالإسكندرية    القوى العاملة بالقليوبية تعلن عن وظائف جديدة    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    محافظ المنيا: تحصين 181 ألف رأس ماشية ضد الأمراض الوبائية لحماية الثروة الحيوانية    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    تفعيل المشاركة المجتمعية لتطوير وصيانة المدارس واستكمال التشجير بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    أحمد جمال وفتحى سلامة ومحمود التهامى يختتمون حفلات مهرجان القلعة اليوم    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    تجديد حبس مالك مخزن وعاطل بتهمة سرقة التكييفات والمراوح بمدينة بدر    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    لأول مرة.. الأمم المتحدة تعلن رسميا: المجاعة في غزة تصل للدرجة الخامسة    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    وزارة الصحة تقدم 3 نصائح هامة لشراء الألبان    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 23 أغسطس 2025    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    سعر طن الحديد اليوم السبت 23-8-2025 في أسواق مواد البناء.. عز بكام النهارده؟    موعد مباراة تشيلسي القادمة عقب الفوز على وست هام والقنوات الناقلة    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    من جلسات التدليك لمنتجعه الخاص، جيسلين ماكسويل تكشف تفاصيل مثيرة عن علاقتها بإبستين وترامب    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    بطريقة درامية، دوناروما يودع جماهير باريس سان جيرمان (فيديو وصور)    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الفكر والسياسة
أفراس النهر تغني للحرية
نشر في الأخبار يوم 18 - 05 - 2010

ثنائية الخير والشر قصه قديمة متجددة، شغلت الناس وشاغلتهم حتي أضحت حكاية كل يوم، وحفلت بها الأساطير والحواديت والآداب الشعبية علي مر العصور، وعالجها الكتاب والأدباء والفلاسفة واتخذوها بابا ينفذون من خلاله لوعي المتلقي وأفكاره، يزودونه بحكمتها ويسلحونه بأحاجيها ومداعباتها أو يستخدمونها للإسقاط علي واقع الشعوب المقهورة ، كان أن وضعوا كلماتهم علي لسان الحيوان والطير كما فعل عبد الله بن المقفع في "كليلة ودمنة، " لبيدبا الفيلسوف أو الجن والعفاريت، كما في، ألف ليلة وليلة والشاطر حسن وعلاء الدين والمصباح السحري، وسندريلا وهاري بوتر.
وكم ضحكنا من قلوبنا صغاراً علي صراع الخير والشر في مطاردات وتنويعات " توم وجيري"، كما استقر في وعينا كباراً كيف استخدم الرمز والإسقاط والمقابلة في حكايات الشطار والعيارين، في سيرة جحا المصري ونوادره وحكاياته أو كما جاء في كتاب "الفاشوش في حكم قراقوش" الذي ألفه الأسعد ابن مماتي نقداً لحكم بهاء الدين قراقوش أحد قادة صلاح الدين الأيوبي في القرن السادس الهجري حيث صور ابن مماتي قراقوش في صورة الحاكم الباطش الغبي الذي لا يعي ما يفعل. وهي الصورة التي شاعت، بين العامة الذين كانوا ومازالوا يطلقون علي كل حاكم ظالم اسم "حكم قراقوش". كذلك استخدموا بلاغة الشعراء ومنادماتهم في الأميرة ذات الهمة وزرقاء اليمامة وملاحم الأوديسة والإلياذة وجلجامش وعشتار وأساطير آلهة الأوليمب اليونانية، وحفل أدبنا العربي قديمه وحديثه بأعمال جاذبية صدقي وكامل كيلاني، وطاهر أبوفاشا ومحمد محمود شعبان وغيرها آلاف في الآداب واللغات والثقافات العالمية، علي أن أحداً لم يخلط بين الجد والهزل في شروط اللعبة ولم يحول سيفها الخشبي إلي صارم بتار إلا الهكسوس والصهاينة، فقد استخدموا الرمز للغواية والكلمة مصيدة وأخضعوا كل موقف إنساني للابتزاز، وزوروا الأحداث والوقائع بما يخدم مصالحهم وأفكارهم وضد الآخرين, وأشهروا سلاحهم في تهم الهولوكوست والعداء للسامية والتمييز العنصري ضد اليهود، وحملوا بضاعتهم في التهديد والتخويف والابتزاز فوق رءوس أصحاب الفكر وأصحاب الرأي من الكتاب والأدباء والمفكرين ليقلموا أظافر الجميع ويقطعوا ألسنتهم ويقصفوا أقلامهم، تماما كما فعلها الهكسوس من قبل مع أجدادنا الوطنيين في مصر القديمة تحت شعار الموت لأفراس النهر، وإليكم القصة.
كان ذلك قبل الميلاد في عصر الدولة الفرعونية الوسطي، وكما هو معروف أن الحضارات كائنات حيه تمضي من المهد إلي الفتوة والقوة ثم إلي الكهولة والشيخوخة، وهي مثل كل الكائنات كما تعيش في صحة وقوة وعافية، فإنها أيضاً تمرض وتضعف وقد يصيبها السقم ويعتريها الهزال، وكان أن ضعفت الدولة المصرية من بعد قوة وتحول حالها من الوفرة إلي الكساد وهبطت سلم الحضارة درجة ودرجات، فطمع فيها الغزاة واجترأ علي قدرها ومكانتها الرعاة, وفي ذلك كتب المؤرخ المصري القديم "مانيتون،" يقول: لقد نزلت بنا في عهد تحتمس صاعقه من غضب الإله، إذ تجرأ قوم من أصل وضيع من الشرق علي غزو بلادنا، أحرقوا المدن بوحشية وأزالوا معابد الآلهة من أساسها وقتلوا وسبوا نساء وأطفالاً، إنهم رعاة الشمال الهكسوس، ولقد نجحوا في أن يفصلوا شمال الدولة عن جنوبها, وكان ذلك قرابة العام »0371 ق.م«( لاحظ أن سياسة التقسيم حلم استعماري قديم وقبل أن يطردهم أحمس الأول حوالي العام »0851ق.م« وذات ليلة تفتقد البدر تلقي أمير طيبه الشجاع "سقنن رع" رسالة من مدينه أواريس في شمال الدلتا، أرسلها ملك الهكسوس " أبوفيس" حاكم ولاية الشمال الذي اتخذ من "ست" إله الشر معبوداً له وربا، جاء في الرسالة: " أن أؤمر بأن يهجر فرس النهر بحيرته التي في ينبوع المدينة الجاري، لأن أصوات أفراس النهر تزعجني ولا تسمح للنوم أن يغشاني ليلاً أو نهارا". يدعي أن أصوات فرس النهر في البحيرة تصل إلي مسامعه فتزعجه وتقض مضجعه، وماهي إلا دعوي الزور والبهتان، ذلك أن المسافة بين طيبة وأواريس تزيد علي خمسمائة ميل. حمل الرسالة المكتوبة رسول من أبوفيس وقد حرص علي إبلاغ سقنن رع بأن يتخلص من أفراس النهر إذا ما أراد إرضاء ملك الهكسوس واتقاء شروره.
هذه القصة وكما أوردها سليم حسن في موسوعة، "مصر القديمة.. الجزء الرابع ص»821« عالجها كثيرون من الشراح لا علي أنها دليل حمق وسوء نية من أبوفيس إذ تذرع بما لا يعقل لابتزاز أمير طيبة وتهديده، وإنما صوروها علي أنه أشار لأفراس النهر رمزاً لتلك الأصوات الوطنية التي ارتفعت في طيبة تنادي بمقاومة الهكسوس وطردهم من الشمال. فهم سقنن رع رسالة الغطرسة والكبر والتسلط وقبل التحدي وذهب ليعد جيشه ويجهزه للمعركة، وكم كانت مكلفة وباهظة الثمن، لكننا وكما قال عنا الفلاح الفصيح "أخنوم" في "حكاية من وادي الملح" لمحمد مهران السيد، نحن شعب قد يعيش طويلا علي الطوي، لكنه يأبي أن يبيت علي ظلم،. ودفع سقنن رع حياته لكرامة مصر وحريتها وخلفه كامس ومن بعده أحمس، لترتفع رايات النصر ويطرد غزاة الشرق، " الهكسوس" من أرضنا الطيبة شر طردة.، علي أن رسالة أبوفيس، الموت لأفراس النهر لم تطو صفحتها في كتاب التاريخ القديم.. وإنما أطلت برأسها ورموزها بين حين وآخر في تاريخنا الحديث والمعاصر.. لكن بمسميات أخري علي شاكلة معاداة السامية، التمييز العنصري ضد اليهود، المحرقة، وماهي إلا ابتزاز رخيص لضمير العالم وتهديد لكل من تجرأ علي كشف حقيقة الصهيونية وجرائمها والممارسات الوحشية لجيش الدفاع الإسرائيلي، ولم يسلم منهم أحد إذا ما أطل برأسه مشيراً هنا أو هناك لتجاوزات إسرائيلية لحقوق الإنسان والقانون الدولي وتهديدهم للأمن والسلم العالميين.. كما جاءت نتيجة الاستفتاء الذي أجرته المفوضية الأوروبية في 2003 لتعلن أن 60٪ من الأوروبيين ينظرون لإسرائيل باعتبارها الدولة الأولي التي تهدد أمن وسلام العالم..
شئ من هذا تذكرته وأنا أتابع تصريحات ليبرمان ونتانياهو وباقي الهاربين من متحف الاستعمار التقليدي البغيض ومحاولاتهم الدائمة والدءوب في زعزعة استقرار المنطقة وزرع الشقاق والخلاف وخلق التناقضات بين الدول العربية وبعضها وبينها والاعتدال الأوروبي وضد كل كاتب أو مفكر أوناشط في حركة الضمير العالمي الذي تيقظ لمحاولات الابتزاز والتخويف الاسرائيلي وتعاليهم علي الجميع وتطاولهم وتخرصاتهم ضد حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، وكم أسعدني في ذكري مرور اثنين وستين عاماً علي النكبة ماتلقيته عن وكالات الأنباء العالمية والجرائد المصرية بشأن قيام مثقفين غربيين بالمطالبة بالتوقف عن الدفاع الأعمي عن تل أبيب وأن يهودا أوربيين يؤسسون "لوبي" معاديا لإسرائيل في ذكري قيامها تحت إسم "جي كول" علي غرار منظمة "جي ستريت" المشابهة في الولايات المتحدة الأمريكية. وكما أشارت احدي الصحف الخاصة أن اللوبي الجديد أصدر بياناً بعنوان " نداء إلي العقل" رفضوا فيه تحدث إسرائيل باسم يهود العالم لتبرير انتهاكاتها، ووجهوا انتقادات قوية لمواقف السياسيين الأوروبيين تجاهها، وطالبوهم بممارسة ضغوط ملموسة ضد سياساتها العدوانية ودفعها لوقف الاستيطان وإنهاء احتلالها وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
هكذا بينما يحاول الصهاينة اللعب في منابع النيل، جاءهم نداء صاعق من عقل العالم وضميره ليعلن إدانته لممارساتهم غير الأخلاقية، ولكم أزعجهم وقض مضاجعهم وما غشي النوم عيونهم أن كانت أفراس النهر ماتزال تغني للحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.