اختفي أسامة بن لادن لسنوات طويلة ولم يتحقق وعد الرئيس الأمريكي بوش بالقبض عليه حياً أو ميتاً. وأنهي بوش فترتي ولايته واختفي من الحياة السياسية لكن الحرب التي أشعلها في أفغانستان مستمرة. لم يعد أحد يتحدث في البيت الأبيض أو وكالة المخابرات المركزية أو القيادة العليا في البنتاجون عن بن لادن ولا عن قرب اعتقاله أو قتله. الرئيس الجديد أوباما واصل الحرب ضد الإرهاب العالمي الذي هو في رأيه أهم وأخطر من تركيزها فقط علي مطاردة أحد رموزه بن لادن الذي خطط وأمر بتنفيذ الهجمات الإرهابية ضد الولاياتالمتحدة. وتطبيقاً لهذا الرأي .. خففت الإدارة الأمريكية كثيراً من الحديث علناً عن بن لادن، لكنها استمرت سراً في بحثها وتنقيبها عن الشبح الذي لا يعرف أحد مكانه منذ سنوات عديدة ماضية. المعلومات التي تصلهم من القبائل الحليفة أو حتي من مصادر حكومية أفغانية وباكستانية كانت تترك للتمني. فهي إما كاذبة وإما قديمة. واتجه الأمريكيون إلي الاعتماد فقط علي أنفسهم في البحث عن عدوهم من خلال السعي إلي توقيف أعوان وأنصار بن لادن واستنطاقهم لعل وعسي يضعف أحدهم ويرشدهم إلي مكان الشبح! ازدحمت زنزانات جوانتانامو وباقي السجون السرية بهؤلاء الأعوان والأنصار من مختلف الجنسيات. ويري شارلز ستيمسون أحد كبار موظفي البيت الأبيض المعنيين بنزلاء تلك السجون خلال عامي 2004و2007 أن الأمل في العثور ذات يوم علي أسامة بن لادن يمكن أن يتحقق من خلال اعترافات أحد هؤلاء المعتقلين المقربين من زعيم القاعدة. أهمية ما قاله هذا المسئول الأمريكي نراها في الربط بينه وبين الأساليب التي استخدموها في استنطاق المعتقلين لإجبارهم علي الاعتراف بما يعرفونه وما لا علم لهم به.. أحياناً! أبرز هؤلاء النزلاء: باكستاني يدعي خالد شيخ محمد المسئول التنفيذي لهجمات 11سبتمبر الذي تعرض لسلسلة من الاستنطاقات المتطورة مثل الدفع به إلي حائط يهشم وجهه، والحرمان من النوم طوال 180ساعة، وتعرضه للغرق بتغطية وجهه بقماش مبلل بالماء، تعقبه ساعات متواصلة من التحقيق لإجباره علي الاعتراف علي إرهابي اسمه الحركي:أبو أحمد الكويتي، قيل إنه كان همزة وصل بين بن لادن وقيادات التنظيم. وأقصي ما اعترف به شيخ أحمد أن أبوأحمد الكويتي ليس بالخطورة أو الأهمية التي يظنونها، وكان عمله عادياً وبسيطاً وأنه أي أبو أحمد الكويتي آثر الابتعاد والاعتزال بعد فترة وجيزة. وحظي النزيل أبوفرج الليبي بنفس المعاملة التي نالها شيخ محمد علي أيدي محققي وزبانية معتقل جوانتانامو لاستنطاقه عن هوية أبوأحمد الكويتي، لكنه أصر علي عدم معرفته بهذا الشخص ولم يسمع اسمه من قبل. وحتي يتوقف الزبانية عن تعذيبه اضطر إلي الكشف عن هوية شخص آخر يدعي: مولاوي جان، ووصفه بأنه مسئول كبير في تنظيم القاعدة، ثم تبين للمحققين أن هذالشخص لم يخلق بعد إلاّ في خيال أبوفرج الليبي! .. وللحديث بقية.