بعد الهجمات الإرهابية المذهلة التي ضربت نيويورك وواشنطون في 11 سبتمبر 1002 أمر الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن بغزو أفغانستان وقلبها رأسا علي عقب بحثا عن أسامة بن لادن والقبض عليه وتقديمه إلي العدالة لينال عقابه علي الجريمة العظمي التي دبرها ونفذها في الولاياتالمتحدة وراح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف من الأمريكيين الأبرياء. وقتها.. اكتسب جورج بوش شعبية كبيرة داخل بلاده بعد أن وعد بالقبض علي »بن لادن« حيا أو ميتا وفي أقرب وقت ممكن، ثأرا وانتقاما منه لذكري الآلاف من ضحاياه في برجي التجارة العالمية بنيويورك. ومرت الأسابيع، ثم الشهور، بعدها تلاحقت السنوات دون أن يحقق الرئيس بوش ما وعد به شعبه وشعوب العالم. انتهت فترة الرئاسة الأولي، واستطاع بوش أن يفوز بفترة ثانية وأخيرة، بعد أن كرر وعده للناخبين مؤكدا أمامهم التزامه الأول بالقضاء علي الإرهاب في قارات الدنيا الخمس! ولسوء حظه الدائم، والمتكرر، لم يستطع جورج بوش المساس مجرد المساس بأسامة بن لادن الذي اختفي طوال ثماني سنوات رغم البحث والتنقيب عن آثاره فوق وداخل جبال أفغانستان وما حولها من بلاد أخري! خرج جورج بوش من البيت الأبيض بلا رجعة، تسبقه لعنات شعبه خاصة في الحزب »الجمهوري« الذي تسبب في تقزيمه وانصراف الناخبين عن مرشحه واختاروا مرشح الحزب »الديمقراطي« باراك أوباما ليفوز بالرئاسة بأغلبية كاسحة. وإذا كان أوباما قد تخلي عن معظم سياسات بوش الفاشلة، إلا أنه التزم بمواصلة الحرب ضد الإرهاب والعثور علي أسامة بن لادن حيا أو مقتولا. وها هي فترة رئاسة أوباما الأولي علي وشك الانتهاء، دون أن يحقق وعده مما يهدده بفقد البقية الباقية من شعبيته، ويحرمه من الفوز بفترة رئاسة ثانية! وبالأمس.. فاجأ أوباما العالم كله بإعلان نجاح جيشه في مهاجمة مقر إقامة أسامة بن لادن بالقرب من العاصمة الباكستانية وقتله ونقل جثته لإلقائها في البحر لتنتهي حكاية قائد تنظيم القاعدة والإرهابي المسئول عن مقتل آلاف الأبرياء. مفاجأة أوباما أسعدت شعبه، وخرجت الملايين في طول البلاد وعرضها، شمالها وجنوبها، إلي الشوارع تصفق وتهلل للخبر السار الذي يئست من سماعه بعد انتظار أكثر من عشر سنوات بلا جدوي. وبالطبع كان الرئيس السابق جورج بوش أسعد الناس بتصفية أسامة بن لادن، لعل وعسي ينسي الأمريكيون فشله واخفاقه طوال فترتي رئاسته في الايقاع ببن لادن، أو حتي رصد تحركاته والتقاط مكالماته الهاتفية توطئة لتحديد مكانه قبل قصفه! تصور »بوش« أن قتل »بن لادن« بأيدي الجنود الأمريكيين يمكن أن يفسره علي سلامة قراره بإعلان الحرب علي الإرهاب، وغزو أفغانستان، وتدميرها والقضاء علي طالبان واصطياد الإرهابي الأول أسامة بن لادن حيا.. والأفضل: ميتا! حقيقة أن حرب بوش ضد الإرهاب حققت نجاحا في أفغانستان كما منيت في الوقت نفسه بهزائم وتراجع، لكن حقيقة أيضا أن بوش خذل شعبه، وحمل بلاده ما لا طاقة لها علي احتماله من دماء جنودها وضياع أموالها.. وأنهي بوش خدمته ويبعد عن منصبه دون أن تقال فيه كلمة ثناء أو اعجاب! حتي الكتاب الذي أصدره يحمل من الأكاذيب والافتراءات أكثر من الحقائق والأسرار! .. وأواصل غدا.