.. وقف الرئيس بوش أمام نواب الكونجرس ليكشف أمامهم أهم نصوص »ميثاق الحرب ضد الإرهاب« الذي توصل إليه مع صقوره الجمهوريين في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 قائلاً: إن الرد علي الإرهابيين لن يكون مجرد معركة انتقامية خاطفة، وإنما سيكون حرباً طويلة تختلف عن كل الحروب التي خاضتها الولاياتالمتحدة من قبل. وأضاف الرئيس الأمريكي أنه لن ينسي الجرح الغائر العميق الذي أصاب بلاده في هذا اليوم، وأنه لن يهدأ من الآن فصاعداً حتي يحقق الانتصار علي الإرهاب ويحافظ علي أمن وحرية الشعب الأمريكي. وكان بوش قد وقع في يوم 17سبتمبر علي قرار خطير يلغي كل القواعد والمحظورات والاشتراطات التي كانت الأجهزة الأمريكية تلتزم بها في مكافحتها للإرهاب والإرهابيين خلال العقود العديدة السابقة. بموجب هذا القرار حظيت وكالة المخابرات المركزية CIA بصلاحيات وسلطات استثنائية غير مسبوقة، أخطرها السماح لها بالقيام بعمليات خارجية تتصدي فيها للخصوم والأعداء كاختطافهم، واعتقالهم، وتصفيتهم جسدياً دون الرجوع مسبقاً إلي البيت الأبيض للحصول علي موافقته! »ميثاق الحرب علي الإرهاب« بدا للبعض كانتقام لضحايا هجمات 11 سبتمبر، والأهم في نظر الآخرين أنه يتيح للولايات المتحدة فرض إرادتها، واتساع هيمنتها، وانتشار هيبتها.. في قارات الدنيا الخمس. فمن رأي بوش أن الاكتفاء مثلاً بإطلاق صاروخ بعيد المدي لقصف كهف في بطن جبل يختبيء فيه أسامة بن لادن، أو نسف وحرق خيمة يستظل أعوانه تحت قماشها.. سيكون مزحة سخيفة، ومثار سخرية من الأمريكيين ومن ضعف بلادهم التي كل قدراتها تتقلص فقط في إطلاق صواريخ من إحدي غواصاتها في عمق المحيط ليضرب هدفاً يبعد عنها بآلاف الأميال! وأنهي الرئيس بوش تصريحاته في مقابلة تليفزيونية قائلاً: من الواضح أن بن لادن كان مقتنعاً بضعف الولاياتالمتحدة، وبضآلة قدراتها في ردود أفعالها، ولولا ذلك لما تشجع وخطط ونفّذ هجمات 11 سبتمبر 1002. منذ اللحظة الأولي بعد هذه الهجمات أجمع خبراء مكافحة الإرهاب علي أن أسامة بن لادن هو المسئول الأول عن اسقاط برجي التجارة العالمية في نيويورك، وقصف وزارة الدفاع البنتاجون في واشنطون. فمن رأيهم أن هذا السعودي ليس فقط معادياً للولايات المتحدة، ولا يترك مناسبة إلا انتهزها للجهر بكراهيته للأمريكيين، وإنما الأخطر أنه الإرهابي الوحيد الذي لديه التصميم، والإرادة، والوسائل، لتدبير حمام دم داخل حدود الولاياتالمتحدة.. أقوي دولة في العالم. وزير الدفاع الأمريكي آنذاك كولين باول كان أبرز المدعين العامين علي أسامة بن لادن. وكانت له جملة شهيرة تقول: (إن كل المعلومات تؤدي إلي بن لادن). انشغلت الولاياتالمتحدة لشوشتها بالحرب التي أعلنها رئيسها ضد الإرهاب في العالم بصفة عامة وضد تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن في أفغانستان وما حولها، بصفة خاصة. الحرب المنتظرة وصفها الصقور بأنها يجب أن تكون قوية جداً وعلي أوسع نطاق. الافراط في القوة تحققه الإمكانات العسكرية الهائلة التي رصدتها واشنطون لضرب وتدمير تنظيم القاعدة وتصفية قادته وبن لادن علي رأسهم. أما اتساع ساحة الحرب فيبرره إصرار الولاياتالمتحدة علي ضرب كل الذين ساندوا تنظيم القاعدة في دول العالم المختلفة، بدءاً بنظام »طالبان«.. وهو ما يتطلب غزو أفغانستان بالكامل، والتدخل بلا حدود في العديد في الدول القريبة من أفغانستان والبعيدة عنها. .. وللحديث بقية.