عمليات تصفية رؤساء ورموز الدول الأجنبية المعادية للولايات المتحدة خلال القرن الماضي كانت تتم في سرية، وإن تكشفت واحدة منها تسارع الإدارة الأمريكية إلي نفيها، أو الإقرار بها دفاعاً عن النفس وحماية لمصالح البلاد خارج حدودها. اختلف الأمر تماماً مع وصول جورج بوش الابن إلي البيت الأبيض. فخلال فترتي ولايته 8 سنوات رفعت السرية عن عمليات التصفية، وسمح بالإعلان عن تخطيطها الواحدة بعد الأخري والكشف عن أسماء ضحاياها وخطوات تنفيذها ونتائجها سواء نجاحاً أو فشلاً. بعد هجمات 11سبتمبر 2001 كان الرئيس بوش يقوم بزيارة إحدي مدارس الأطفال في جنوب البلاد، بعيداً عن نيويورك وواشنطون، عقد اجتماعاً طارئاً عبر شاشة قناة تليفزيونية مغلقة: VIDEOCONFERANCE مع كبار مستشاريه ومعاونيه المعنيين، وبادرهم قائلاً: [أريد منكم جميعاً أن تفهموا أننا حالياً في حالة حرب، ستستمر حتي نهايتها كما نتوقعها. لا شيء آخر أكثر أهمية الآن. وكل ما تحتاجونه لهذه الحرب من أموال ومعدات وقوات متاح أمامكم بلا أي عقبات]. و عندما طلب الكلمة وزير الدفاع دونالد رمسفيلد للتنبيه إلي أن القوانين الدولية لا تسمح باللجوء إلي استخدام القوة إلاّ في حالة الوقاية من حرب متوقعة ومعلنة، وليس لتوجيه هجمات انتقامية من أفراد أو جماعة.. سارع الرئيس بوش برفض سماع هذا الكلام ساخراً من القوانين الدولية، ومعلناً انتهاء الاجتماع الذي عقده مع مستشاريه ومساعديه.. عن بعد. بعد ساعات.. عاد الرئيس بوش إلي واشنطون، ووجه رسالة مهمة إلي الشعب الأمريكي جاء فيها: [ لن ينسي أمريكي واحد ما حدث في 11سبتمبر. ونحن لا ولن نفرّق بين الإرهابيين الذين ارتكبوا هذه الجريمة، وبين الذين يؤونهم ويحمونهم]. كما أضاف مؤكداً أن ما تنوي بلاده القيام به هو تصدي الأخيار للأشرار وضربهم. في 19سبتمبر2001وقف الرئيس السابق جورج بوش أمام أعضاء الكونجرس في جلسة طارئة دعاهم إليها وألقي خطاباً مهماً عن الهجمات الإرهابية وخطوات الرد عليها والانتقام منها.. وهو الخطاب الذي تسابقت قنوات التليفزيون المحلية والعالمية علي بثه علي الهواء، حيث تابعه أكثر من 80مليون أمريكي مصدومين ومذهولين مما حدث لهم ولبلادهم ، لدرجة أن جماهير مدينة فيلاديلفيا المحبين لرياضة الهوكي طلبوا تأجيل بث جانب من المباراة الدائرة في هذا اليوم وإعادة البث بعد انتهاء الرئيس بوش من إلقاء خطابه المنتظر! قال بوش إن أمريكا اليوم تواجه خطراً داهماً، وقادماً، وعليها أن تسارع بالدفاع عن نفسها وعن حرياتها بكل ما في استطاعتها وبكل قدراتها. وأضاف بوش قائلاً: [ إن الحزن علي ضحايانا أكثر من 3000قتيل أصبح غضباً، والغضب يدفعنا إلي التصميم علي تسليم القتلة الإرهابيين إلي أيدي العدالة في بلادنا، أو نقل العدالة إلي البلاد التي تحميهم، لمحاسبتهم، ومعاقبتهم، علي الجريمة البشعة التي ارتكبوها في حق شعبنا وبلادنا]. بعد هذه الكلمات التي وجدت ترحيباً شديداً من الأمريكيين طبقاً لنتائج استطلاعات الرأي أكد بوش أن الولاياتالمتحدة ستضع كل مواردها وقدراتها، وكل وسائل دبلوماسيتها، وكل مصادرها الاستخبارية والأمنية، وكل معداتها وأسلحتها الحربية.. ستضع أمريكا هذا كله في سبيل تحقيق هدفنا بمطاردة الخلايا الإرهابية والقضاء عليها في العالم كله. وهكذا.. بدأ البحث عن أسامة بن لادن في قارات الدنيا الخمس لتقديم رأسه علي طبق فوق مائدة الرئيس الأمريكي. وللحديث بقية.