لا يوجد تجمع في مؤتمر أو ناد أو بيت علي أرض مصر لا يركز فيه الجميع علي سؤال يمثل معادلة صعبة أمام النتائج المتوقعة للانتخابات القادمة. الكل متفق علي أن الفائز الأكبر في الانتخابات سيكون الإخوان المسلمين، وبجانبهم السلفيون، ثم تختلف النسبة المتوقعة للفوز بأنها بين 30 و 35٪ حسب التقدير غير الرسمي لخبراء وزارة الداخلية، وترتفع النسبة أحياناً للمتشائمين أو المتفائلين حسب اتجاهاتهم إلي 50 أو 55 ٪. ومن الطبيعي أنه حتي لو كانت النسبة 30 أو 35٪ فقط فإن ذلك سيعني دوراً فعالاً في مشاركة الإسلاميين في السلطة ووضع السياسات، وعلي الجانب الآخر يقلق أنصار الدولة المدنية والليبراليون وأقباط مصر وكذلك المرأة. وأخشي أيضاً أنه حين تقترب لحظة الانتخابات سترتفع درجة حرارة المواجهات والمنافسات والصدامات أحياناً بين من سيسمونهم بأنصار الاتجاهات الإسلامية ومن سيسمون بالليبراليون ويحتمل أن يتهم الطرف الأول الطرف الثاني بعداء الإسلام والكفر وأن يتهم الطرف الثاني الطرف الأول بخلق دولة إسلامية إيرانية يقلق لها كل من يؤمنون بحرية الفكر والعقيدة، ويأتي دور الدولة في مواجهة هذه الصراعات لتحاول تهدئة الشارع ودعم الاستقرار ، ويومها سيتهم كل طرف الدولة ممثلة في مجلسها العسكري بالانحياز للطرف الآخر. أمام كل هذا الصخب والضجيج والخطر علي أمن الوطن وحرية التعبير والتصويت ومخاطر نتائجه ، فهل من حل يمكن أن يعلن قبل التصويت ليطمئن النفوس ويخلق توازنا بين جبهتي الصراع..؟ وهنا أضع النقاط علي الحروف باقتراح أقوله بكل شجاعة أدبية أود أن يعلن المجلس العسكري في الوقت المناسب: بأنه يقبل نداء الرأي العام بأن يوضع في الدستور نص واضح وصريح بأن المجلس العسكري عند تسليم السلطة إلي المدنيين ينص علي أن الجيش هو الضامن والحامي لمبادئ الدولة المدنية والديموقراطية والحرية. حينئذ سيعرف من سيفوزون من ممثلي الاتجاهات الإسلامية حدود اللعبة وأن القفز أو الاعتداء علي الدولة المدنية ستترتب عليه آثار تلزم الجيش دستورياً بأن يقوم بدوره بحماية الدولة المدنية. وعلي الجانب الآخر حينما يوضع هذا النص في مكانه سيشعر الليبراليون والأقباط والمرأة بالطمأنينة علي احترام شرعية وجودهم ودورهم. أنيس منصور الذي قرأ وفهم وكتب حينما نكتشف نظام حياة الراحل أنيس منصورالذي اشتهر بالساعات المحدودة لنومه والساعات المبكرة جداً لاستيقاظه والساعات غير المحدودة التي يخصصها للقراءة والكتابة فإننا نجد أنفسنا أمام نموذج نادر لقدرة استثنائية في الإبداع. وكان عمرو أديب علي حق وهو يقول في برنامج الأوربت السبت الماضي كيف يمكن أن يستفيد جيل الشباب بهذه الثروة غير العادية من كتب لا تعد ولا تحصي، وأعجبت ب "مني رجب" - ابنة زوجته "رجاء" التي هي علي أرض المشاعر والحقيقة ابنة أنيس منصور هي والدكتورة علا و الدكتور جعفر- وقدرت شجاعتها أن تستطيع أن تأتي إلي هذا البرنامج رغم أحزانها لتقول بعض الكلمات عن قصة حياة أنيس منصور مع زوجته وقصة الحب بينهما والتي لا علاقة لها بما أشيع عنه بأنه مثل توفيق الحكيم عدو للمرأة في حين أن كتاباته عن المرأة كانت تعبيرا عن حرية الرأي والتعبير وجزء من الخيال . وكانت أيضاً كلمات "سليمان جودة" في مكانها وهو يتكلم عن مكانة الرجل ولقاءاته الفكرية معه. واكتفيت بأن أقول أريد من وزير التعليم أن يجعل جزءا من الكتاب المدرسي عن رحلته حول العالم "حول العالم في 200 يوم" حيث نري بقاع الأرض يصفها في كتاباته وكأنها تبسيط للجغرافيا والتاريخ وحقيقة طبائع شعوب الأرض في كتاب واحد. وأيضاً حينما نقرأ كتابه عن مائة شخصية عالمية تمثل علماء الفكر والإبداع في مشارق الأرض ومغاربها سنساعد شباب هذا الجيل بأن يكون أمام عينيه موسوعة لحركة الفكر والأدب والفن علي مستوي العالم. شيخ الأزهر بين التواضع والغفران طلبت ممن حولي الخميس الماضي أثناء عشاء أقمته علي شرف الدكتور بطرس غالي بأن يقوموا باتصال تليفوني بمنزل الإمام الأكبر وعالمنا المستنير الدكتور أحمد الطيب وكنت مؤمنا بأن من سيرد في البداية سيكون أحد العاملين بمنزله قبل أن يوصلني به وفوجئت أن الإمام الأكبر يرد بنفسه علي من كلفته بالاتصال ولم أتحدث معه بنفسي كما يقتضي التأدب والذوق واحترام مكانة إمامنا ، واعتذرت بكل شدة له طالبا العفو وسألته من باب حب الاستطلاع: "أليس معك أحد يعاونك في البيت؟" ، فقال لي إنه في هذه الساعة من الليل يفضل أن يعطي لمن حوله الحق في الراحة والتوقف عن العمل. نحن نعرف الكثير في مجتمعنا وأصارح القاريء أني لم أر هذا النموذج من الرحمة والشفقة مع من يعملون تحت إمرتنا ، إذاً الشيخ الدكتور أحمد الطيب ليس فقط مستنيرا ولكنه أيضاً يؤمن بمباديء حقوق الإنسان علي أرض الواقع والتطبيق وليس علي مستوي الخطب المنبرية.