التوصيف المناسب والواقعي للحالة التي عليها الساحة السياسية والمجتمعية حاليا هو ان القوي التي اختلقت لنفسها دورا بعد ثورة 52 يناير تعمل بكل الوسائل من أجل ان يكون لها أكبر نصيب من إرث كعكة حكم مصر. وسط هذا الصراع لا مانع من ان تضيع المصلحة الوطنية وتتلاشي القيم والمباديء ويصبح الاتجاه الغالب ليس »انا ومن بعدي الطوفان.. وانما انا حتي لو أخد الطوفان الوطن«!! لقد عاشت جموع الشعب بعد الثورة علي أمل امكانية توحد كل القوي وتضافر الجهود لبناء دولة مدنية ديمقراطية حرة.. اعتقدت وهما .. ان تلك التحالفات التي تشكلت وجمعت بينها المتناقضات في المباديء والاهداف يمكن ان تحقق هذا الحلم الذي ثار الشباب من أجله.. اكتشف الجميع أنهم ضحية عملية سطو علي آمالهم وأحلامهم وأنه لا مصداقية ولا امانة في كل ما يرفع من شعارات. وهكذا عندما اقتربت ساعة الحسم والمواجهة وجاءت لحظة توزيع الانصبة علي القوائم الانتخابية انكشف المستور وظهر المشاركون في التحالفات علي حقيقتهم طمعا وجشعا وأنانية. تركزت الجهود في إحصاء حجم المغانم التي يمكن ان تتيح لكل جماعة اكبر قدر من التسلط والهيمنة علي مقدرات الشعب . تعاظمت الخلافات حول توزيع هذه الغنيمة وهو ما أدي إلي تصاعد أزمة الثقة السائدة فيما بين هؤلاء الحلفاء. اعتقد كل طرف انه يملك القدرة علي القيام بعملية خداع وتضليل للطرف الآخر وتحويله إلي كومبارس في اللعبة الانتخابية لخدمة الدور الذي رسمه لنفسه.. ولان كل الاطراف افتقدت لعنصر الاجادة وتوفير مقومات »الحبكة« الدرامية فقد أدي ذلك إلي تبيان الحقيقة التي كانت بمثابة الضربة القاضية لهذه التحالفات. وعلي ضوء هذه التطورات جرت الانسحابات من التحالفات وهو الامر الذي ادي إلي »دربكة« وظهور صعوبات في اعداد قوائم المرشحين للانتخابات. ليس خافيا ان جماعة الاخوان المسلمين ورافدها السياسي حزب الحرية والعدالة كان العامل الاساسي والرئيسي في كل ما حدث . لقد استهدف هذا التنظيم احتواء كل القوي السياسية وتسخيرها كي تعمل لحسابه. استغلوا الاحساس السائد بان للاخوان قاعدة في الشارع من خلال تنظيماتهم العلنية والسرية . ساعد علي ذلك وقوع اجهزة الاعلام في كمين الترويج لهذه المقولة والتي جرت بتوجيه يتسم بالذكاء غير المباشر من جانب الابواق الاخوانية التي اعتمدت علي الانفاق بسخاء وبذخ علي تلك الحملات . وتحت تأثيرهذا الاعتقاد الذي تم الترويج له لجأ حزب الاخوان المسلمين الي فرض الشروط التي تسمح له بالسيطرة علي القوائم الانتخابية. لم تقتصر المؤامرة علي ذلك ولكنها تعدت ذلك بالتخطيط والارهاب للهيمنة علي ترشيحات المقاعد الفردية في الانتخابات بما يسمح بالحصول علي اكبر عدد من المقاعد غير المستحقة اعتمادا علي عمليات التحايل الملتوية. حزب الوفد اكبر الاطراف السياسية في منظومة التحالف الديمقراطي الذي يضم الاخوان تنبه إلي واقع هذه الخدعة بعد بدء الاعداد للقوائم الانتخابية . دفعه ذلك إلي تدارك الكارثة باعلان انسحابه . ولإرهاب الحزب ومعاقبته تم ترويعه قام حزب الاخوان والمشايعين بتوجيه حمله مدبره غير بريئة نحوه تتهمه بضم فلول النظام البائد إلي قوائمه!! لقد شجعت خطوة انسحاب الوفد احزابا اخري للفكاك من ارتباطها بالتحالف الاخواني. وفي مواجهة هذا الذي حدث والتصدي لعملية التوحش السياسي الاخواني فإن الامر يتطلب توحيد الصفوف واللجوء الي دمج الاحزاب التي تجمع بينها الاهداف والمباديء.. أصبح ضروريا القيام بحملة واسعة للتوعية بحقيقية الامور خاصة بين اوساط الغالبية الشعبية التي مازالت صامتة حتي الآن.