موعد إعلان نتيجة تنسيق المرحلة الأولي 2025 لطلاب الثانوية العامة (رابط وقواعد القبول الجغرافي)    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين الحكومي والخاص    سعر سبيكه الذهب اليوم الأربعاء 30-7-2025 وال 50 جرامًا تتخطى ربع مليون جنيه    موعد مرتبات شهر أغسطس وسبتمبر.. جدول زيادة الحد الأدني لأجور المعلمين بعد زيادة يوليو    بعد هبوطه في 7 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الأربعاء 30-7-2025    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    «ساري المفعول».. أول تعليق من ترامب على موجات تسونامي اليوم    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    ترامب: لن نسمح لحماس بالاستيلاء على المساعدات الغذائية المخصصة لغزة    ملك المغرب: الشعب الجزائري شقيق.. وتربطنا به علاقة إنسانية وتاريخية    «يو جيه»: الصين قوة اقتصادية عظمى لكن أنانية ومترددة إلى حد كبير    القنوات الناقلة مباشر لمباراة النصر وتولوز اليوم.. والموعد والمعلق    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    «مألفناش اللائحة».. رد ناري من رابطة الأندية على تصريحات عضو مجلس الزمالك    توقعات الأبراج وحظك اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025.. انفراجة مالية قوية تنتظر هذا البرج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    لا تتبع الوزارة.. البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب منصة جنوب شرق الحمد    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    4 أرغفة ب دينار.. تسعيرة الخبز الجديدة تغضب أصحاب المخابز في ليبيا    محافظة الوادي الجديد تدفع بوحدة توليد جديدة لدعم كهرباء الفرافرة وتخفيف الأحمال    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    تنسيق الجامعات 2025| كل ما تريد معرفته عن بكالوريوس إدارة وتشغيل الفنادق "ماريوت"    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    القانون يحدد شروط لوضع الإعلانات.. تعرف عليها    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الإعلامى حسام الغمرى: جماعة الإخوان تحاول تشويه موقف مصر الشريف تجاه فلسطين.. فيديو    مدير أمن سوهاج يتفقد الشوارع الرئيسية لمتابعة الحالة الأمنية والمرورية    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    مطران دشنا يترأس صلوات رفع بخور عشية بكنيسة الشهيد العظيم أبو سيفين (صور)    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    وزير الخارجية يتوجه إلى واشنطن في زيارة ثنائية    ناشط فلسطيني: دور مصر مشرف وإسرائيل تتحمل انتشار المجاعة في غزة.. فيديو    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    عاصم الجزار: لا مكان للمال السياسي في اختيار مرشحينا    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    بدأت بصداع وتحولت إلى شلل كامل.. سكتة دماغية تصيب رجلًا ب«متلازمة الحبس»    طريقة عمل سلطة الطحينة للمشاوي، وصفة سريعة ولذيذة في دقائق    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديب خالد الخميسي: نحن قادرون علي فرض مطالب الثورة والشعب علي الصراع القائم
نشر في الأخبار يوم 19 - 07 - 2011

»علي الجميع ان يدرك ان المواطن المصري الذي أدرك قدرته علي التغيير لن يعود للخلف«.. »نحن قادرون علي فرض مطالب الثورة والشعب في المرحلة القادمة علي الصراع القائم«.. »أتصور أن المجلس العسكري أدرك ويدرك بشكل عميق أن هذا المكتسب هو مكتسب نهائي«.. هكذا بادرني الكاتب والأديب »المبدع« خالد الخميسي.. حين دار الحديث عن الصراع الدائر بين قوي الثورة المصرية.. والقوي المضادة للثورة في ميدان التحرير والميادين الكبري بالمحافظات والمدن المصرية.. تحدث معي خالد الخميسي عن الشباب المصري.. عن القوي السياسية.. والأحداث التي تشهدها مصر منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير الماضي.. تحدث معي عن نفسه.. وعن جيله.. والأحداث التي مرت به منذ طفولته في الستينيات.. ومرورا بدراسته العليا بجامعة السوربون بفرنسا.. تحدث عن الحلم.. تلك الكلمة الساحرة.. أو النار التي لا تنطفئ بداخله..
خالد الخميسي من النجوم الشابة علي الساحة الأدبية والثقافية.. عرفه الناس بعد ظهور كتابه الأول عام 7002 »تاكسي«.. حكاوي المشاوير.. الذي حقق أعل المبيعات.. وصدر منه أكثر من 21 طبعة.. وترجم إلي العديد من اللغات.. وهو الأمر الذي أصابه بالاندهاش.. فهو لم يكن يتخيل ان ما كتبه سينال كل هذا الاهتمام.. وكل هذه الشهرة.. شأنه شأن كل المبدعين.. ثم قدم روايته الأولي »سفينة نوح« عام 9002 التي تناولت الهجرة بمشاكلها.. وبدأ في كتابة المقالات التي عايشت أحوال المصريين في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق مبارك.. وكان أحد المشاركين في ثورة 52 يناير منذ اليوم الأول لها.. ولديه رؤية متكاملة لمستقبل مصر.. هو لا يهتم بالمصطلحات.. قدر اهتمامه بالرؤي المتكاملة.. حول كل هذا والعديد من القضايا الساخنة التي يشهدها الشارع المصري.. كان لنا معه هذا الحوار..
حين قابلته في مكتبه بوسط البلد.. غرفة واسعة ملتحقة بمنزله.. تذكرت مقولته الشهيرة في كتابه الأول.. »صفحة مياه النيل كانت ترقص مبتهجة«.. غرفة مكتبه مثل النيل.. راقصة مبتهجة.. بألوانها وذوقها الرفيع.. ابداع فنان حتي في أدق التفاصيل.. سألته.. أمازالت مياه النيل ترقص مبتهجة..؟!
أجابني حالما.. بالتأكيد.. فثورة 52 يناير سيظل النيل يرقص فرحا بها إلي الأبد.. فهي ثورة اجتماعية تشكلت عبر سنين طويلة.. وعظمتها تجلت من خلال الشخصية المصرية.. هذه الشخصية الحضارية التي ظللنا كثيرا نتحدث عنها.. ولا نراها.. نتغني بها.. ولا نلمسها.. وأخيرا رأيناها ولمسناها.. وعشنا وعايشناها.. وانتجنا أيضا عبقرية هذه الشخصية.. ثورة تجسد المرحلة التي نعيشها.. وهي مرحلة ما بعد الحديثة.. وهي أنه ملايين البشر كل لديه القدرة علي ان يكون له صوت بدون قائد أو قادة.. بدون برنامج سياسي تلتف حوله الجماهير.. إنما ثورة من مجموعة من ملايين الأفراد الذي تجسد لديهم الشعور بالمواطنة.. أتصور أن الكلمة الأساسية لفهم الثورة المصرية هو فكرة ومفهوم المواطنة.
وماذا عنك خالد الخميسي.. هل توقعت هذه الثورة.. خاصة وانك في كتابك الأول »تاكسي«.. ومن خلال حواديت المشاوير التي استقيتها في فترة مهمة في تاريخ مصر 5002/7002 شهدت التعديلات الدستورية وإعادة انتخاب الرئيس مبارك.. وروايتك الأولي »سفينة نوح« وهي سفينة النجاة لشرائح كثيرة من الشباب المصري للهجرة خارج مصر.. مع كل هذا الاستشراف للمستقبل.. ألم تكن تتوقع قيام ثورة..؟!
لا.. لم يكن لدي أي توقعات علي الاطلاق بأن تتطور الأحداث حتي بعد 52 يناير- إلي ثورة.. لأنني كنت محبطا لتوقعي لسنوات طويلة ان فيه ثورة هتقوم.. وحتي فقدت الأمل.. ولكن علي المستوي النظري كنت مدركا انه لابد ان تندلع ثورة في مصر.. فعندما بدأت في كتابة كتابي الأول »تاكسي«.. كان ذلك عام 5002.. كان الشارع المصري يموج بالفوران بسبب الانتخابات التشريعية والرئاسية والتعديلات الدستورية.. وبدء ظهور مشروع التوريث بشدة.. وظهور الحركات التحررية مثل كفاية.. وشهدت مصر المظاهرات والاعتصامات في المصانع والجامعات.. وقتها شعرت أننا في بدء مرحلة جديدة.. باعتباري درست العلوم السياسية.. واننا في نقطة تحول مهمة في تاريخ مصر.. وتذكرت مقولة الفيلسوفة الألمانية الأمريكية هنا آرنت.. ان القرن الحادي والعشرين قرن الثورات.. كان لدي شعور بأن الثورة قريبة.. وبدأت في التفكير في كتابة شئ يعكس نبض الشارع وحالة الغليان الموجودة في صدور الجماهير ضد النظام.. من هنا جاءت فكرة كتاب »تاكسي«.. وظهر بالاسواق في ديسمبر 6002.. ولكن..
الهروب من الطوفان
بعد لحظات من الصمت.. قال خالد الخميسي.. حينما وجدت انه لم تحدث ثورة بعد كل هذه الأحداث.. حدث لي احباط.. نظرت حولي.. وجدت حالة خروج كبيرة جدا تحدث في المجتمع المصري بمعدلات أكبر من أي وقت مضي.. حالة خروج جماعي للهجرة خارج مصر.. شرائح كبيرة من الشباب والناس يعدون أنفسهم للهجرة.. أغنياء وفقراء.. وحتي من الشرائح الطبقة الوسطي.. وكانت الجملة السائدة في ذلك الوقت »مفيش فايدة.. مفيش أمل«.. كانوا لديهم حالة تساؤل.. »ممكن فعلا نفضل في البلد دي«.. كان موجود شعور عارم أن البلد تغرق.. وأن الطوفان سيغرقها بالفعل.. الطوفان كان النظام بكل مساوئه وفساده.. وأن الحل هو القفز في سفينة للخروج من مصر لانقاذنا من هذا الطوفان.. وأدركت حقيقة شعوري بعد أن قرأت نسب وأرقام المهاجرين.. ففي عام 5002 كان عدد المهاجرين 9.1 مليون مصري.. وصل عام 9002 إلي 7.6 مليون.. وأدركت شعور الكثيرين بأن هذا الوطن أصبح من المستحيل الحياة بداخله.. من هنا جاءت فكرة روايتي الأولي »سفينة نوح«.. في الفترة الممتدة من 7002 إلي 8002 وانتهيت من كتابتها عام 9002.. وهي تناقش حالة الخروج والرغبة في الهروب من الوطن.. اهتمت الرواية بالحالة الوجدانية التي انتابت أعدادا كبيرة من الشعب المصري بأن الوطن يغرق..!
قطار الثورة..!
بحس الأديب.. والمبدع.. ماذا جال في خاطرك في أوائل فبراير حينما أيقنت ان الثورة قائمة.. وان النظام لامحالة سوف يسقط..؟
عندما أدرك الجميع في أوائل فبراير ان الثورة القائمة في شوارع وميادين مصر وبالمدن المختلفة بالمحافظات سوف تستمر لحين اسقاط مبارك.. كان لابد من صياغة بدائل فورية لما بعد مبارك.. هذا ما جال في خاطري.. فمصر دولة محورية في المنطقة.. التعامل مع مصر لابد ان يتم بقدر كبير من الاهتمام من ناحية.. وقدر كبير من الحساسية من ناحية أخري.. ومن هنا كانت دولة كبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ولديها مصالح مباشرة مع المنطقة العربية.. هذه المصالح وصلت إلي حد أنها احتلت دولة العراق.. لهذا كان لابد ان نجد حلولا سريعة للوضع الواقع في مصر.. وبشكل موضوعي كان علي المجلس العسكري ومعه مجموعة من رجال الأعمال الكبار الذين لديهم مصالح مالية مباشرة في مصر.. وايضا الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها مصالح مباشرة في المنطقة.. ودول الخليج خاصة السعودية التي ليس من مصلحتها اندلاع ثورات بالمنطقة خوفا من تصدير هذه الثورات إلي بلادها.. كان علي كل هؤلاء أن يفكروا في كيفية صياغة مشروع دولة تلي دولة مبارك وتحافظ علي السياسة الخارجية المصرية القائمة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول أوروبا.. وكذلك تحافظ علي مجموعة المصالح المالية والسياسية وكذلك السياسات الاقتصادية التي تم انتهاجها في عصر مبارك.. فكيف يحدث ذلك..؟! يحدث عن طريق ان المجلس العسكري يقيل مبارك.. ويتحدث باسم الثورة.. ويركب قطار الثورة.. ويحاول ان يبطئ هذا القطار تدريجيا حتي يوقفه تماما.. وهو في داخل هذا القطار سيظل يتحدث باسم الشرعية الثورية.. لكنه لن يفعل أي شئ حقيقي له علاقة بالمطالب الثورية لسببين.. السبب الأول ان المؤسسة العسكرية بطبيعتها مؤسسة غير ثورية ولا علاقة لها بالثورة وهو شأن كل المؤسسات العسكرية في العالم كله.. والسبب الثاني ان المؤسسة العسكرية المصرية تحولت عبر العشرين عاما الماضية إلي مؤسسة اقتصادية ضخمة.. ولها مجموعة من المصالح المالية يجب ان تحافظ عليها.. مثل بناء الطرق.. والفنادق.. والمستشفيات.. إلخ.. وهذه المصالح ترتبط برجال الأعمال الموجودين.. فما العمل.. ماذا يفعلون؟
يستطرد خالد الخميسي قائلا.. العمل هو تقديم قرابين للثورة.. مجموعة من الوزراء السابقين.. مجموعة من رجال الأعمال.. ويتم إظهار هذه القرابين باعتبارها الغاية المطلقة للثورة وتتم المبالغة الشديدة في الأرقام المالية المنهوبة.. ويتم التركيز علي الشق المالي للفساد.. واستبعاد الشق السياسي.. وأيضا يتم عمل تحالفات مع بعض القوي الموجودة للتحضير للنظام القادم من ناحية والإبطاء لقطار الثورة من ناحية أخري. ويتم الاستفتاء علي التعديلات الدستورية لعمل شقوق في جدار الثورة.. وبدء تقسيم قطار الثورة إلي عربات غير متصلة.. وهو جهد منطقي لمحاولة بناء دولة لطيفة طيبة وودودة تستكمل المسيرة الاقتصادية.. ومسيرة السياسة الخارجية مع تغييرات في الديكور السياسي علي أساس تصورهم لحماية أمن مصر الاستراتيجي القائم علي حسن العلاقات المصرية الاسرائيلية.. وعمق العلاقة المصرية الأمريكية.. ودعم مجموعة القطط السمان التي تحولت من قطط في السبعينيات مثلما قال رسام الكاريكاتير الشهير حجازي.. إلي ديناصورات سمان في بداية الألفية الجديدة.
ولكن.. قطار الثورة.. ورغم محاولة تفكيك عرباته.. كما تقول.. إلا أن الشعب المصري وثواره.. غالبا ما يحاولون إعادة عرباته إلي المسار الصحيح؟
أنا معك.. فهذا السيناريو الذي نسير خطوة بخطوة في اتجاهه.. ينسي أو لا يعرف أن ما اكتسبناه من يقين في قدرتنا علي التغيير.. هو مكتسب نهائي كما قلت.. وبالتالي حالة التفجر الثورية التي بدأت مرة أخري يوم الثامن من يوليو الماضي.. هو أمر طبيعي ومنطقي في مواجهة هذا السيناريو.. والحقيقة أن المجهود الذي تم بذله لفك عربات القطار عربة وراء عربة عن طريق زرع مجموعة من الأفكار التي كان هدفها الرئيسي هو محاولة عمل فرقة وراء فرقة مثل الاستفتاء علي التعديلات الدستورية.. ومثل نظام رئاسي أم برلماني.. والدستور أولا أم الانتخابات أولا.. ومثل الفوضي الكبيرة التي حدثت باظهار السلفيين في كل الوسائل الاعلامية.. وردود الفعل علي هذا الظهور السلفي.. إلخ.. كل هذا استمرار للمقولة القديمة »فرق تسد« من ناحية.. ومن ناحية أخري أنه اعطاهم وأقصد بها المجلسين.. المجلس العسكري.. ومجلس الوزراء.. اعطاهم الشعور بأنهم يسيرون في الطريق السليم.
العالم الجديد..!
سيبقي سؤال رئيسي -هكذا قال لي خالد الخميسي- بغض النظر عن أي تفاصيل.. وهو امكانية عمل وصلات جديدة ما بين عربات القطار بعضها ببعض بحيث يعود قطار الثورة..؟!
أجاب خالد الخميسي علي السؤال الذي طرحه بنفسه قائلا.. سأجيب عن هذا بتساؤلات أخري.. كيف يمكن تحويل الثورة الاجتماعية المصرية العظيمة إلي ثورة سياسية.. بمعني آخر.. هل سوف تستطيع الثورة الاجتماعية أن تفرز نخبا سياسية قادرة علي التعبير عن الثورة في شكل برامج سياسية حقيقية..؟!.. وبالتالي إمكانية ان تعبر هذه النخب السياسية من جموع الثورة.. وان تستطيع هذه النخب ان تفرض رؤاها علي الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المصري.. هذا السؤال واجابته ستعرف خلال الشهور القادمة.. وأنا علي يقين ان الثورة سوف تنتصر في النهاية وانتصارها ليس فقط لأسباب داخلية.. إنما يرتبط ايضا في تقديري الشخصي اننا قادمون علي حقبة جديدة في العالم.. وهي حقبة تتلو حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.. وهي الحقبة التي سيطرت فيها الولايات المتحدة الأمريكية علي مجريات الكون.. وسيطرت فيها التيارات المحافظة.. وظهرت فيها التيارات الدينية المتطرفة.. هذا العالم في رأيي الشخصي سينتهي.. وسندخل مرحلة جديدة لن تكون الولايات المتحدة الأمريكية هي القوي المهيمنة.. وإنما ستكون الهيمنة لمجموعة قوي متعددة وليست دولا فقط.. ولكن جماعات وأفراد وجمعيات.. وغيرها من مجموعات القوي التي ستعمل توازنات جديدة تشكل العالم القادم الذي نخطو الآن بداخله.. هذا العالم الجديد ستنحسر فيه القوي الراديكالية.. وستنحسر فيه القوي المحافظة.. وستنتهي كل الديكتاتوريات والدول السلطوية القائمة الآن في الوطن العربي..
بناء مصر..
هذا التصور المبدع لعالم جديد خال من الدول السلطوية والقوي المهيمنة.. عالم يتشكل من خلال الأفراد والجماعات.. يعيد التوازنات.. وتنحسر فيه الديكتاتوريات.. كيف تري الحركة الثورية المصرية بداخله الآن؟
في تقديري الشخصي.. ان الحركة الثورية المصرية تسعي إلي رأب الصدع الذي حدث في جدار الثورة.. لقد أدركوا متأخرا جدا أننا نسير في سيناريو لن يؤدي إلا إلي استمرار نظام مبارك.. بوجوه جديدة.. وشكل دستوري جديد.. واستمرار لنفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية.. هذا التأخر كان نتيجة لنجاح السياسات الاعلامية شديدة السوء والتي تم توجيهها لخلق الفرقة.. وتوجيهها لتسليط الضوء علي قضايا مثل فكرة القرابين.. والمخالفات.. والفساد السياسي.. والفساد المالي.. ثم تصويرها في فكرة.. ستعود فلوسنا وأموالنا المنهوبة أم لا.. ثم القبض علي عدد من المسئولين ونفرح فيهم.. باعتبار أن هذه هي قضية الثورة.. لكن الثورة المصرية الرائعة قضيتها أكبر من عز وجرانة ونظيف.. و.. و.. سجنوا أم لا.. دورنا الآن كيف نعمل أموالا.. لا أن نأتي بالأموال المنهوبة.. علينا ألا نزرع أنفسنا في الماضي.. لان هذا في منتهي الخطورة.. الفكرة الأساسية التي يجب ان نتبناها جميعا.. كيف نبني مصر غدا.. نفكر في الطرق والآليات لبناء غد مشرق فهذا من ضمن المطالب الأساسية للثورة.
والطرق والآليات.. لبناء مصر جديدة.. كيف تراها.. بماذا تبدأ؟
كان المطلب الرئيسي هو مجلس رئاسي مدني منتخب.. كان ذلك أولي وأهم من الاستفتاء الذي حدث علي التعديلات الدستورية.. ولكن هذا المطلب تم تجاهله.. والمطلوب الآن التفكير في طريقة الانتخابات التشريعية.. أري انها لابد ان تكون بالقائمة النسبية المطلقة كشرط رئيسي لإجراء انتخابات حقيقية حتي لا نقع في شرك الاعتبارات العائلية والعشائرية والمالية.. أري ان تكون جميع القيادات الرسمية في الدولة بالانتخاب.. المحافظين.. رؤساء الجامعات.. عمداء الكليات.. إلخ.. أيضا لابد من اطلاق حرية إنشاء الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية بدون شروط تعجيزية.. وضع رؤية واضحة وممنهجة لسياسات مجلس الوزراء.. وليس استمرارا لسياسات مبارك ووزراة نظيف مع تغيير الأسماء فقط كما نري الآن.. فما يحدث منذ الحادي عشر من فبراير الماضي لا رؤية فيه ولا مشروع ولا استراتيجية.. ولا حتي النوايا الحسنة..!!
الجيل التائه..!
لنبتعد قليلا عن الأحداث الثورية.. ولنقترب من خالد الخميسي الإنسان..؟
خالد الخميسي من الجيل الذي ضل وتاه لأعوام طويلة.. لقد بدأت حياتي الجامعية عام 0891 ونلت بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 4891.. في تلك الفترة كان عدد كبير من النخب المصرية في جميع المجالات خارج مصر.. بسبب مجموعة من السياسات في عهد الرئيس السادات أدت إلي خروج عدد كبير من المثقفين.. بالنسبة لي كعائلة.. كان والدي وأخوالي وأعمامي خارج مصر.. وبالتالي كنت من جيل يبحث عن موطئ قدم.. جيل تربي وتأسس بثقافة الستينيات.. ووجد نفسه في خضم قيم شديدة الاختلاف في الثمانينيات.. كنت واحدا من الناس الذين وجدوا أنفسهم ضد النظام السياسي.. وضد ما أفرزته الرأسمالية المصرية ممن اطلق عليهم القطط السمان.. جيل وجد نفسه ايضا ضد مجمل الأفكار المحافظة والرجعية التي جاءت علينا من العالم الغربي.. من ريجان في الولايات المتحدة الأمريكية.. من مارجريت تاتشر بانجلترا.. جيل وجد نفسه ضد كل ما هو موجود.. فتاه وضل طريقه.. ولم يجد أرضا يقف عليها.. لقد ظللت لسنوات لا أجد مكانا ارتاح فيه.. أو دورا ألعبه.. وبالتالي سافرت إلي فرنسا بعد التخرج من الجامعة وبعد ان تم تعييني باحثا بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.. في فرنسا عملت صحفيا بوكالة الانباء الفرنسية ومراسلا لجريدة الأهرام.. وفي الوقت نفسه درست بجامعة السوربون حتي نلت درجة الماجستير في السياسة الخارجية.. وحتي عدت إلي مصر عام 9891..
نقطة التحول..!
وكيف ومتي جاءت فكرة الانتاج وكتابة السيناريو والقصة والرواية..؟
بعد عودتي من فرنسا كانت أحلامي كثيرة فكرت في العمل بالكادر الجامعي أو العمل بالصحافة.. ولكن »طبق سلطة« غير مجري حياتي.. فبعد عودتي من فرنسا بثلاثة أيام قمت بدعوة اصدقائي علي العشاء في منزلي.. وأعددنا الطعام.. ولكننا نسينا عمل طبق السلاطة.. فنزلت مسرعا لشراء بعض الخضراوات اللازمة وحتي يكتمل العشاء الجميل.. وقتها أدركت ان المرتب الذي سأحصل عليه من الجامعة أو من المؤسسة الصحفية لن يكفي لعمل طبق سلاطة كل يوم.. ولهذا كان طبق السلاطة هو نقطة التحول في حياتي.. ليس المهم ماذا أعمل.. المهم ان أجد طبق السلاطة اليومي.. ولم أدرك في هذه اللحظة أنني غير مؤهل فكريا ولا ثقافيا ولا إنسانيا إنني لا أصلح لأي عمل تجاري.. انشأت دارا للنشر.. بعدها أدركت سريعا انني لن أنجح.. فقررت ان أكون كاتب سيناريو وكان أول أعمالي »تيركواز« وتم عمل تعاقد مع احد المنتجين والمخرج كريم ضياء الدين.. وتم اختيار الممثلين.. يسرا وأشرف عبدالباقي.. ولكن في هذه اللحظة بدأت أزمة حادة للسينما المصرية.. كان ذلك في اوائل التسعينيات.. فتوقف العمل رغم انه عمل جاد.. فكرت بعد ذلك في انشاء شركة للانتاج للأفلام التسجيلية والتليفزيونية.. وقدمت مجموعة من المحاولات الجادة في الافلام التسجيلية ودراما الاطفال.. ومنها مسلسل »ظاظا وجرجير« الذي عرض بالتليفزيون المصري.. وحتي جاءت فكرة كتابي الاول »تاكسي« من حالة الفوران التي حدثت بالشارع المصري عقب الاعلان عن التعديلات الدستورية وأزمة التوريث عام 5002 ثم رواية سفينة نوح.. بعدها بدأت أعود لكتابة السيناريو مرة أخري.. الحلم القديم لأي عاشق للسينما.. وكتبت سيناريو مأخوذا عن مسرحية الملك لير لشكسبير ولكن مع التعديل حيث تدور أحداثه في مصر في قالب اجتماعي لأسرة أحد شيوخ القبائل البدوية في سيناء والربط بين فكرة تيه النبي موسي عليه السلام.. وتيه شيخ القبيلة وتيه الملك لير في مرحلة جنونه.. وهو فيلم انتاج مصري فرنسي مشترك من إخراج مروان حامد.. ويتم التحضير له حاليا.. ومنذ سبتمبر الماضي 0102 بدأت في كتاب رواية جديدة، ولكن توقفت منذ بدء ثورة 52 يناير.. ومازلت متوقفا غير قادر علي الكتابة.. فكل اعصابي وتفكيري ودمي مرتبطة بما يحدث في مصر والشارع المصري الآن.
القدرة علي التغيير
في نهاية الحوار.. كيف تري المواطن المصري الآن.. ماذا تقول للشعب المصري.. ولشباب الثوار؟
أقول لهم جميعا.. وليسأل كل منا نفسه ويقول لها »أنا مواطن مصري.. لدي حقوق سياسية.. ولابد أن أمارس هذه الحقوق«.. لقد أدرك هذا المواطن شيئا في منتهي الأهمية.. أنه ليس فقط لديه القدرة علي التعبير عن نفسه.. وإنما ايضا لديه القدرة علي التغيير.. لابد ان نقف.. نفكر.. ونركز جيدا اننا في نقطة وخطوة مهمة في تاريخ مصر حدثت ولا يمكن الرجوع عنها.. وعلي الجميع ان يدرك أن المواطن المصري الذي أدرك قدرته علي التغيير.. لن يعود إلي الخلف.. وان مكتسبات ومطالب ثورة 52 يناير هي مكتسبات ومطالب نهائية لا عودة عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.