أنظار العالم تتجه للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مع تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي لعام 2019 الذي يعني عودة الريادة المصرية في إفريقيا وعودة دول القارة السمراء الواعدة لحضن الأم بعد سنوات من التهميش ودخول قوي إقليمية أخري خلسة وتحت جنح الظلام لتلعب دورًا في أفريقيا. ووفق خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب تسلمه رئاسة الاتحاد الإفريقي فإن الأولويات المصرية تعكس رغبة قوية وإرادة سياسية لفتح مجالات واسعة للعمل الإفريقي المشترك في قضايا مفصلية في مقدمتها تنمية دول القارة وتكثيف التعاون المشترك في المجال الاقتصادي بما ينعكس علي المبادلات التجارية والاستثمارية والتي لم تصل بعد إلي المستوي المأمول بل تشكل رقما ضعيفا لا يتناسب مطلقا مع إمكانات القارة الغنية بثرواتها الطبيعية. لقد كان غياب الدور المصري في إفريقيا لسنوات سببا مهما في تفاقم ملفات عدة أبرزها مشروع سد النهضة الإثيوبي لكن من منطلق ما لا يدرك كله لا يترك كله، لعب الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ انتخابه رئيسا لمصر دورا قياديا في عودة مصر لأشقائها الأفارقة من خلال مد جسور التعاون في تنمية القارة انعكس في شكل مساهمات للخبرات المصرية في الدول الشقيقة في مجالات مهمة في مقدمتها الكهرباء والمياه والري والزراعة وما يحدث الآن في ملف سد النهضة دليل علي رؤية الرئيس الثاقبة في القدرة علي تجاوز أية صعوبات بالتفاهم والتوافق علي أساس مبدأ لا ضرر ولا ضرار. في اعتقادي أن سياسة مصر الخارجية في عهد الرئيس السيسي أعادت الدفء للعلاقات المصرية الإفريقية بدلا من جفاء استمر لسنوات أخذت كثيرا من الريادة المصرية المعروفة في إفريقيا وأخيرًا عادت مصر إلي الحضن الإفريقي من خلال عضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي وعضوية مجلس الأمن لعامين عن القارة السمراء ورئاسة الاتحاد الإفريقي وتنفيذ مشاريع تستهدف التكامل بين المنطقتين العربية والإفريقية ومنها مشروع تطوير قناة السويس والممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط. في عام الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي أمامنا تحديات كبيرة لابد من مواجهتها للتقليل من تأثيراتها علي تنمية القارة ورفاهة شعوبها وفي مقدمة تلك التحديات دعم الاستثمارات بين الدول الإفريقية ودفعها إلي تحقيق التنمية الاقتصادية بجانب آليات مضاعفة حركة التجارة وهذا الأمر تدركه جيدا القيادة المصرية وبدأت في التحرك الجاد نحو آليات من شأنها زيادة المبادلات التجارية والاستثمارية مع دول القارة وفي مقدمتها إطلاق صندوق لضمان مخاطر الاستثمار بالتعاون مع عدد من مؤسسات التمويل المختلفة وتعزيز عمليات الاستثمار في البنية الأساسية بما يدعم التجارة البينية ووضع خريطة لتعزيز التعاون الاستثماري بين أسواق القارة وتحقيق »أجندة إفريقيا 2063» للتنمية. علينا أن ندرك أن تنمية إفريقيا ليست مسئولية الحكومات وحدها بل مسئولية مجتمع الأعمال أيضا وعلي كبار رجال الأعمال المصريين أن يفكروا في إفريقيا ليس من باب الحب والأخوة فقط لكن أيضا من باب المصالح المشتركة وتبادل المنفعة فهناك مجالات خصبة للاستثمار في دول القارة يجب أن يكون للبيزنس المصري اليد الطولي فيها وهناك تجارب ناجحة لشركتي المقاولون العرب والنصر للتصدير والاستيراد يمكن البناء عليها في انتشار البيزنس المصري في إفريقيا وليس هناك من الاستفادة من الأشقاء في لبنان الذين لديهم خبرات طويلة في العمل بالسوق الإفريقي. قوانا الناعمة الممثلة في الدراما التليفزيونية والسينمائية عليها أن تلعب دورًا في تعزيز التعاون المصري الإفريقي مثلما كانت للدراما المصرية فضل الريادة في العالم العربي وأعتقد في هذا المجال اختلاف اللغة بين دول إفريقيا لن يمثل عائقا في ظل تطور تقنيات الترجمة والدوبلاج. الفن المصري جعل العالم العربي كله محبا وعاشقا للهجة المصرية.. وعلينا أن نعمل علي تعريف أشقائنا في دول إفريقيا غير الناطقة بالعربية بثقافتنا وحضارتنا.