أفصحت بعض الجماعات علي الساحة السياسية عن توجهاتها ونواياها والتي تتجسد في مجملها في ممارسة الإرهاب الفكري الذي يستهدف الهيمنة والسيطرة علي مقدرات الأمور في هذا الوطن. ظهر ذلك جليا في رفضها لحق الغالبية من أبناء هذا الوطن في أن يمارسوا حرياتهم وعباداتهم بعيدا عن التسلط . انهم يستهدفون تجريدهم من أي حماية تضمن لهم استخدام الحرية التي يكفلها الدستور دون الوقوع فريسة للإرهاب الفكري. الشيء الغريب ان هذه الجماعات لم تع تجارب ولا دروس الماضي والتي أدي عدم استيعابهم لها إلي حرمانهم من كل الحقوق ومن حريتهم في العمل العام لسنوات وسنوات. ويبدو ان إتاحة الفرصة لهم لهذا العمل العام حاليا قد جعلهم يميلون إلي التوحش وفقدان الادراك الواجب لما يجب أن يكون عليه سلوكهم وتعاملهم مع باقي أبناء المجتمع وما لهم من حقوق. انهم يريدون أن يفرضوا علي هذا المجتمع ايدلوجياتهم والتي تقوم علي حق الوصاية علي توجهاته سواء من مسلمين بررة بدينهم وكذلك علي غير المسلمين وهو ما يعيد إلي الأذهان فكر الكهنوتية الذي لا يعرفه ولم يعرفه الإسلام. انهم يحاولون سعيا إلي فرض ارادتهم واستغلال إسلامية المصريين وميولهم الدينية من أجل تحقيق أهدافهم السياسية بالخداع والتضليل واستخدام جميع الوسائل. إن الثورة التي كان هدفها الإصلاح السياسي والحرية وتحقيق الديمقراطية ثم اسقاط النظام بعد ذلك وليس أي شيء آخر هي التي فتحت لهم الأبواب للعودة إلي الحياة مرة أخري ضمن كل فئات الشعب وقواه التي كانت محرومة من ممارسة حقوقها. هذا ليس معناه ركوب موجة هذه الثورة والعمل من خلال الإرهاب الفكري إلي توجيهها إلي ما يريدون من أهداف سياسية تتخذ من الدين غطاء. انهم يستهدفون ان يتجنحوا بمقدرات مصر إلي ما لايتفق وطبيعتها وتاريخها وحضاريتها وإسلاميتها ووسطيتها. لا جدال انها مسئولية المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي استأمنه شعب مصر علي مصير بلده ومسيرتها وأن يحمي هذه المبادئ التي قامت عليها الوطنية والشخصية المصرية. في هذا الإطار فإن عليه التمسك بما سبق أن أعلنه ووعد به الشعب بأن تكون مصر دولة مدنية يقضي دستورها في مادته الثانية بأن تستمد قوانينها من الشريعة الإسلامية التي تحتكم إليها الغالبية مع الحق الكامل بحرية العبادة وممارسة الحياة للجميع علي أرض الوطن وفقا لحق المواطنة. إن رجل الدولة ونائب رئيس الوزراء الدكتور علي السلمي كان علي مستوي المسئولية عندما أعلن بكل الشجاعة أمام قادة الاتحادات العمالية علي مدنية الدولة المصرية. طالب بضرورة ان تكون هناك مواد حاكمة للدستور يتم التوافق عليها شعبيا حتي وإن حتم ذلك الاستفتاء العام عليها تقضي بالحماية الكاملة للمبادئ الأساسية التي تقوم عليها هذه الدولة المدنية وأن تتولي القوات المسلحة مهمة حمايتها باعتبارها ممثلة لقوي الشعب القادرة علي توفير هذه الحماية من أي تسلط وإرهاب. وقد أكد اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع وعضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي هذا الاتجاه. مشيرا إلي تكليف المجلس الأعلي للحكومة بإعداد هذه الوثيقة والتي سيتم بمقتضاها تشكيل اللجنة المكلفة بإعداد الدستور. كم أرجو أن تدعم القوات المسلحة هذه الدعوة والتي تبنتها منذ البداية وأن يكون لها موقف حاسم وواضح تجاهها حتي توضع النقاط فوق الحروف وتتوقف المزايدات علي الحقوق الأساسية للشعب. ان ما نتطلع إليه هو الخلاص من الإحساس السائد بالخوف والقلق. لقد أنهينا حكم الارهاب الامني الذي كان سائدا في عهد الحكم السابق لنجد انفسنا فريسة لمرحلة من الإرهاب الفكري والايدلوجي الذي من المؤكد انه سيكون الأخطر والأسوأ.