كان حسني مبارك عزيزا بالملك الذي آتاه الله. ولكنه مع بطانته بغي وتكبر واستخف بالناس الذين اطاعوه وامتهنهم حتي كادوا يسجدون له من دون الله. فأذله الله ووضعه في قفص من حديد هو وبعض بطانته ينظر إليهم الناس مثلما ينظرون إلي القرود في حديقة حيوانات! وقد حدث لمبارك مثلما حدث لفرعون مصر.. كان ممكنا ان يرسل إليه الله إهلاكا مباشرا يقضي عليه ولكنه سبحانه استدرجه حتي ظن انه لن يقدر عليه احد. وكانت اخر مراحل فرعون ان رأي البحر ينشق كالطود العظيم لسيدنا موسي ولكن غروره وغباءه أمام هذه الآية الكبري جعله يقتحم البحر بدلا من ان يذعن ويسلم فكان من الهالكين وغرور مبارك أيضا جعله لا يعتد بتجمع الشباب في ميدان التحرير وفي كل ميادين مصر مطالبين برحيله في مشهد لم يحدث مثله علي امتداد 03 عاما قضاها حاكما. فصور له غروره انه قادر علي كبح ثورة الشباب بإطلاق الرصاص عليهم وقتلهم ولكن الله جعل سهامه ترتد إلي صدره وصدور رجاله وزبانية حكمه! وبعد ان انهار العرش وأزفت الأزفة إذا بفرعون يدرك خطأه ويقول وهو في لجة الماء قبل غرقه: »آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين«.. ولكن هذا الايمان لم ينفعه ورد عليه الله سبحانه وتعالي ساخرا منه: »أالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين. فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية. وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون« وهو نفس ما فعله مبارك الذي دخل إلي قفص الحديد في محاكمته حاضنا المصحف الشريف ليدلل علي ايمانه. وقد ابقاه الله حتي هذه اللحظة ليكون لمن خلفه من رؤساء الجمهوريات آية كبري علي ان الله يمهل ولا يهمل وانه عزيز ذو انتقام. ومهما قالوا في فساد فرعون إلا انه لم يعرف في عهده فساد مثل الذي شهدته مصر علي يد مبارك. كان أبلغ آيات فساد فرعون قتل المواليد الذكور واستحياء البنات أي تركهم أحياء بعد رؤيا شاهدها بان ملكه سيقوض علي يد طفل من بني إسرائيل يولد في عام محدد ولكن اراد الله لهذا الطفل ان يعيش في بيت فرعون نفسه وفي حضن زوجته آسيا حتي ينهار ملك فرعون علي يديه تصديقا للرؤيا. وكذلك فعل جمال مبارك. أما عن الفساد فقد ذكر القرآن كيف اغتر فرعون بعطاءات الله له من بساتين وانهار وملك حتي ظن انه سيعيش الدهر وأمر قومه ان يعبدوه من دون الله. واكن في عهدنا فقد شهدنا من صور الفساد والإفساد مثل ذلك وأكثر منه من أمتهان لحياة الناس ولحقوقهم وكرامتهم.. وفي حياة كل منا صور لانحرافات فاسدة لمبارك وسدنة حكمه يشيب لها الولدان حتي ان ضباط أمن الدولة كان بعضهم يصور علي الموبايل صورا لحالات أمتهان صارخة لرجال ونساء يتم الاعتداء عليهم جنسيا من باب التفاخر وقد وصلت بعض هذه الصور المقززة الينا وتبادلها الناس في احقر صور التعذيب. وكم من أسر أخذ رجال أمن الدولة ابناءها واحتجزوهم في المعتقلات لأكثر من 01 سنوات دون ان تعرف الاسرة المكلومة أين ابنها. وكم من رجال ماتوا ودفنوا بعد اطلاق الرصاص علي رؤوسهم في المعتقلات بدم بارد وكأنهم كلاب ضالة حماية لحكم الرئيس وابنه وعائلته. الذين يزعمون البراءة ويرموننا بالجحود لاننا تنكرنا لافضالهم علينا!! هذا الملف الاسود ولو فتحنا ملف التعذيب الذي مارسته أمن الدولة لطالبنا بالقصاص من مبارك ورجاله بنفس الاسلوب والطريقة التي فعلوها مع أبناء مصر الشرفاء حين طالبوا بحقوقهم.. ومع ذلك فنحن نوفر له الجناح الرئاسي في افخم وأكبر مصحات القوات المسلحة ونحاكمه بآدمية واحترام فليجفف الذين بكوا علي محاكمة مبارك دموعهم.. وليشعروا لحظة واحدة بدموع الذين توسلوا وبكوا يعيشون دون ان يرحمهم احد عند ازهاق حياتهم بعد تعذيبهم والتنكيل بهم.. متي نفتح ملف التعذيب في عهد مبارك؟!