تناولت مرارا و تكرارا قضية التعليم، وضرورة اعتباره أهم مشروع قومي، يأتي علي رأس أولوياتنا.. ليس لأن التعليم هو السبيل الوحيد للتقدم والتنمية فقط.. بل لأنه يعيدنا إلي الريادة.. فمصر دولة كبيرة، دولة تصدر الحضارة والتعليم والمعلمين للعالم. رغم تعاقب الوزراء علي وزارة التعليم إلا أننا لم نر أحدا منهم يمتلك مقومات المغامرة، ويبادر بتطوير التعليم.. الكل يركن إلي أن المسألة شائكة تحتاج أموالا طائلة.. ومن لديه الرغبة يصطدم بأصحاب المصالح الذين يقاومون كل فكر للإصلاح. فتكون النتيجة اللجوء إلي أساليب عشوائية، أو ما يعرف بالترقيع للهروب من الثانوية العامة ومشاكلها.. فتارة نلغي الشهادة الابتدائية ثم نعيدها.. وأخري ثانوية علي عامين، ثم نعود إلي ثانوية العام الواحد.. ومزيد من التجارب غير المدروسة.. والتي تكون نتائجها خريجا لا يجيد القراءة والكتابة.. يحتاج إلي تأهيل.. والدليل علي ذلك تراجع ترتيب الجامعات المصرية عالميا. جميعنا يشتكي من الدروس الخصوصية، ومن عدم قيام المدرسة بدورها.. بل من عزوف التلاميذ عن المدرسة.. نشتكي من عدم تواكب التعليم مع عقلية وفكر أبنائنا ومهاراتهم.. فالمدرس أصبح مملا، والطريقة التي يعلم بها التلاميذ مملة.. ورغم ذلك نصر علي تعليم التلقين والحفظ والسبورة والطباشير.. نصر علي ارتكاب جريمة في حق أبنائنا. في الحقيقة مع كل هذه المعطيات فقدت الأمل في تطوير التعليم.. فلا أجد مسئولا واحدا لديه الرغبة والعزيمة في الإصلاح.. كما أن المجتمع يرتكن إلي كل ما هو قديم رغم مرارة الشكوي منه.. ويقاوم كل جديد. منذ يومين استمعت إلي د.طارق شوقي وزير التربية والتعليم الذي كان ضيفا علي المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام.. قام الرجل بشرح رؤية الوزارة واستراتيجيتها لتطوير التعليم بالتفاصيل ولأول مرة أجد مسئولا لديه هذه الرغبة الجارفة والإصرار والعزيمة علي إحداث طفرة في التعليم.. طفرة تنقلنا إلي مصاف الدول الكبري. وتعيد لنا الريادة. وجدت عالما متمكنا قدم توصيفا صحيحا للحالة التي عليها التعليم.. وما نرتكبه من جرم في حق أبنائنا إذا استمر علي هذا الحال.. أو تم تعديله.. فالأمر خطير.. قدم رؤيته للمستقبل وأسلوب التفكير، قال لازم أقدم المعلومة للطالب بطريقته بالطريقة التي يتقبلها.. التعليم لابد أن يكون باستخدام التكنولوجيا والإنترنت.. وشرح الرؤية التي يتمني وفريق العمل معه بالوزارة أن يطبقها من العام القادم. رؤية تتطلب نسف التعليم الحالي.. المبني علي فلسفة خاطئة.. وأصبح لا سبيل إلي إصلاحه أو ترقيعه.. لنبدأ مرحلة من التعليم الحقيقي منذ أولي ابتدائي، مناهج عالمية علي أعلي مستوي. مرحلة يتم فيها دمج المناهج التي تقدمها مدارس النيل بالإضافة إلي المدارس اليابانية.. حتي لا يكون ذلك التعليم مقصورا علي فئة معينة من الطلاب، بل تشمل جميع أبناء مصر.. ولذلك تم تدريب 10 آلاف معلم علي طريقة التعليم الجديدة، هم نواة لتدريب باقي المعلمين علي مستوي الجمهورية. وبذلك نضمن أن يكون هناك معلم لديه فكر وأداء يتناسبان مع التعليم الجديد. الوزير لديه الرغبة والإصرار والعزيمة لعمل نقلة حقيقية في التعليم، لديه رؤية وأطر للمناهج لأول مرة في مصر.. هي في حقيقتها مناهج تشجع علي بناء الشخصية والابتكار.. وتساعد الأطفال علي ممارسة الهوايات والأنشطة وتنمية القدرات. قرأت علي وجه د.طارق شوقي أن لدينا أخيرا منظومة حقيقية لتعليم متطور.. وتأكدت من ذلك بما طرحه وشرحه وبعد المناقشة التي دارت معه من قبل أعضاء المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام. أنا في الحقيقة مطمئن إلي رؤية د.طارق شوقي.. وأسانده فيما يقدمه.. وتمنيت أن أبنائي كانوا يلحقون بهذا التعليم.. ولكنهم تخطوا ذلك. إن كل ما يطلبه الوزير اعطاؤه فرصة حقيقية.. وله الحق في ذلك. علي المجتمع أن يتقبل هذا الفكر الجديد.. علينا أن نبدأ مرحلة جديدة من التعليم.. علينا أن نغير أفكارنا ولا ندافع عن القديم بحجة أنه مجرب رغم مراراته، ندافع عن الدورس الخصوصية ونشتكي من تكلفتها.. نشتكي من المناهج ونخشي تغييرها.. علينا أن نساند هذا الوزير.. فأنا أثق في كل ما يقدمه من أجل تطوير وتحديث التعليم.. فهو لديه رغبة حقيقية، ونية صادقة ورؤية علي مستوي رفيع. علينا ان نتقبل فكر هذا الرجل، ونتذكر كم رفضنا وقاومنا أفكارا جديدة وثبت نجاحها عند تطبيقها.. وتمنينا لو كنا عجلنا بها.. لابد أن يكون لدينا روح المغامرة التي لدي أبنائنا.. ونقف مع الوزير المغامر الشجاع.. بل نكون سباقين في المطالبة بتطبيق رؤيته حتي نضغط علي الدولة لتوفير الأموال اللازمة لتطبيق المنظومة الجديدة. لدي ثقة كبيرة في الوزير العبقري وسوف أسانده حتي يتمكن من تطبيق رؤيته من أجل أبنائنا ومستقبلهم. إن ما يقدمه الوزير لن يقضي فقط علي رعب الثانوية العامة والدروس الخصوصية التي وصلت للحضانة، أو يعيد للمدرسة قيمتها وأهميتها.. بل يقدم تعليما نفخر به. تعليم يضعنا في مصاف الدول الكبري والمتقدمة. أناشد الجميع أن يقفوا مع د.طارق شوقي وزير التعليم ونمنحه الفرصة.. ونقف ضد كل من يتمسك بالقديم رغم قبحه، ضد كل أصحاب المصالح.. الأمر لا يتعلق بنا بل بمستقبل أبنائنا.