اليوم وقفة عرفة، الذي يقف فيه الحجّاج المسلمون لتأدية أهم مناسك الحج، وغدا تبدأ أيام عيد الأضحي الذي يتميّز بعددٍ من الطقوس التي أهمها الأضحية وتوزيع جزء منها علي الأقارب والفقراء، والخروج لصلاة العيد، وغيرها من عادات زيارة الأقارب وصلة الأرحام وتهنئة المسلمين بعضهم البعض بقدوم العيد. وفي العيد تغمر الأطفال السعادة، وهم يرافقون أهلهم إلي السوق لاختيار الملابس، فتجدهم في يوم العيد يتباهون بمظهرهم وهم يرافقون والدهم إلي الجامع لتأدية صلاة العيد. ولكن هل يكفي أن يعيش الطفل فرحة العيد من خلال الملابس الجديدة و»العيدية»؟ عن هذا السؤال تجيب الدكتورة لمي بندق أخصائية علم النفس التقويمي. تقول : »في مقابل المظاهر المُبهجة للعيد، يمكن الأهل انتهاز الفرصة وتعريف أبنائهم علي معاني عيد الأضحي، أي معني الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة، ولماذا يكون توقيت عيد الأضحي بعد وقفة الحُجّاج في مكة علي جبل عرفة؟ وكيف أن أول أيام العيد يقوم الحُجّاج هناك في »مني» بتقديم الأضاحي لوجه الله، ومعهم كل قادر من المسلمين في بقاع الأرض كافة. من هنا كانت تسمية هذا العيد بعيد الأضحي، وأما ذلك العدد الضخم من الأضاحي التي تُذبح وتقدَّم أضحية فهو تيمن بسيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي أوشك علي أن يذبح ابنه إسماعيل تلبيةً لطلب الله والذي افتدي إسماعيل بكبش ذُبح لوجه الله. عندما تصطحب أبناءك لشراء ملابس العيد، من الجميل أن تقترح عليهم اختيار ملابس لأحد الأطفال الفقراء، فيختار كل ابن ملابس لطفل يريد إهداءه في العيد، وهذا يعود إلي ميزانية الأهل، فإذا كانت تسمح، فهذا أمر رائع، أما إذا لم يكن في مقدورهم، فيمكن كل واحد من الأبناء اختيار قطعة من الزي، مثلاً القميص يشتريه هكذا يحفّز الأهل شعور العطاء عند الأبناء ويجعلونهم يفكّرون بأقرانهم المحرومين ويتعاطفون معهم، ويتعلّمون معني مساعدة الآخر وإدخال الفرحة إلي قلبه، كما يمكن الأهل إذا لم يكن في مقدورهم شراء الملابس، الاقتراح علي أبنائهم البحث في ملابسهم القديمة التي لم تعد تناسب مقاسهم، ولاتزال في حالة جيدة وتقديمها إلي الأطفال الفقراء، بعد غسلها وكيها ووضعها في أكياس جميلة، فهذا يساهم في إدخال السرور إلي قلبه يوم العيد، وكم هو جميل أن نجعل إنسانًا سعيدًا. صلاة العيد يجب أن يشجع الأب والأم أبناءهم علي أداء صلاة العيد، فهذا سيكون من الذكريات التي لن ينسوها، خصوصًا أن بعد انتهاء الصلاة والخطبة، جميع من في المسجد يهنّئون بعضهم بعضًا، وإن لم يكونوا علي معرفة مُسبقة. هكذا يتعلم الأبناء كيف أن الابتسامة والتحيّة والتهنئة، من الأمور التي توطد العلاقات الإنسانية والاجتماعية توزيع الأضحية من المهم أن يتعرّف الأبناء علي المعني الإنساني لتوزيع الأضحية، لذا يمكن للأب اصطحاب أبنائه أثناء قيامه بذلك، فيوزع معهم الأضحية علي المحتاجين، أما توزيع جزء من الأضحية علي الأقارب، ففي إمكان الأهل الطلب من أبنائهم القيام بها وحدهم، وبالتالي يتعرّفون إلي أهمية صلة الرحم، يتعلّمون أن العطاء هو في صلب العلاقات الإنسانية، وأن هناك الكثير من الناس ليس لديهم ما يتمتعون به، فيما هم لا يعرفون قيمته نظرًا إلي أنه يشكّل بالنسبة إليهم أمرًا عاديًا. العيدية من المعلوم أن الطفل يتلقي نقود العيدية من الأجداد والخالات والعمّات... وكثير من الأطفال يدّخرون هذه النقود لشراء ما يشتهونه من حلوي، أو ما يرغبون فيه من ألعاب. وإذا حصل الأبناء علي مبلغ كبير من نقود العيدية، يمكن الأم الاقتراح عليهم تخصيص جزء منها لشراء هدية لطفل فقير أو يتيم لا يوجد من يعطيه عيدية. التسامح يمكن الأهل استغلال مناسبة العيد لتعليم الأبناء مبدأ التسامح. فإذا كان أحد الأبناء قد تشاجر مع أحد أصدقائه وخاصمه، يمكن الأم أن تساعده في إعادة أواصر الصداقة بينهما.