الفرح بالثورة ومنجزاتها حق مشروع لكل ثائر، وزوال الاستبداد والديكتاتورية ثمرة نضال كل معارض لنظام مبارك وولده وعزه وحبيبه وسروره وشريفه ونظيفه وكل من ينتمي لشجرة الفساد المقصوفة والمحبوسة الآن خلف قضبان طره. لكن ما ليس لأحد حق فيه علي الاطلاق أن يحصد ثمار الثورة راكبوا موجتها ومتسلقوها ومنافقوها والمتحولون من أقصي معارضتها أيام المأسوف عليه مبارك إلي اقصي درجات تملقها وتملق الشعب، وأنا لا أخشي علي الثورة من هؤلاء أو أولئك. بمعني أنني لا أخشي علي الثورة من قواها المضادة من فلول الوطني وشركائهم أو شجرة فساد مبارك ورعاياهم. أو حتي البلطجية الذين يظهرون الآن في أماكن مختلفة لإجهاض عملية مخاض وولادة مصر المدنية الديمقراطية كما لا أخشي من المتحولين المنافقين الأفاقين عليها ايضاً. إذن ممن تخاف؟ يسألني قريني الآخر.. فأقول : أنا أخاف علي الثورة وعلي مصر كلها من المنطقة الرمادية، من هؤلاء الذين كانوا يتفرجون وينتظرون نهاية الشوط، من الذي سيفوز؟ نظام مبارك القمعي البوليسي أم الشباب والشعب الثائر؟ عندما مات نظام مبارك باسفكسيا الغباء السياسي يوم 11 فبراير الماضي بدأ يظهر قطيع الكورس الشارد الذي يبدو في العلن مع التغيير والثورة بينما هو يلعن اليوم الذي وجد فيه ميدان التحرير وهؤلاء نوعان من الناس.. الأول : يمتلك المال وهو جبان بطبعه وكان يعيش عيشة مريحة مع نظام مبارك متكيفاً مع الفساد والعفن بل ورابحاً منه بصور شتي رغم ما يعلنه من شكوي لا غضبا علي الفساد أو الرشوة أو نظام الحكم او أمن الدولة ولكن لان هناك من هو يربح اكثر منه ويكسب مليارات لا يستطيعها وهذه النوعية كانت تتمني السلام مجرد السلام علي علاء وجمال مبارك والتقاط الصور معهما "لتسليك مصالحها"، هذه النوعية مثل أنثي العنكبوت تخطف فريستها وتجري ولا تترك فريستها إلا وهي ميتة هكذا يريدون مصر، أن يحلبوها لآخر قطرة ويتركوها تحتضر ويجروا وهؤلاء تسمعهم يقولون نحن مع الثورة لكن انظروا ماذا فعلت بنا الثورة اشاعت الجريمة وأفقدتنا الأمن وخربت اقتصاد مصر ونحن معرضون لمجاعة قريباً. هذه النغمة لابد انك تسمعها كل ساعة من هذه النوعية حالياً. الثاني : هم هؤلاء الذين يمكن أن نسميهم الكسالي أو العجزة وعديمي الموهبة. هؤلاء كانوا يراقبون من الفراش أو الكنبة يتابعون الثورة عبر الجزيرة والستالايت وما إن نجحت حتي أعلنوا انهم مؤيدون لها وقفزوا بسرعة لحصد الثمار وهؤلاء وسيلتهم الآن الصوت العالي والفوضي والبلطجة، وهؤلاء كانوا لا شئ قبل الثورة وكانوا علي استعداد ل (لعق) احذية رموز النظام السابق لكنه كان يلفظهم بغبائهم وعجزهم، هؤلاء الان يلعنون النظام السابق ويعلو صوتهم لركوب موجة الثورة وحصد أكبر قدر من المناصب والمكتسبات بالبلطجة والفوضي والزعيق، ستجدهم وراء المظاهرات الفئوية وفي القطاع الخاص والمؤسسات الاعلامية والصحفية ومعظم قطاعات مصر، النوعان الأول والثاني مثل حشرة الاركيدوس وهي حشرة طفيلية تربض تحت الثمرة ما إن تنضج حتي تخترقها وتبلع قلبها وتتركها شكلاً من الخارج مجرد قشرة بلا جوهر.. بلا طعم بلا فائدة. الأخوان والأركيدوس وأنثي العنكبوت الاخوان يفعلون في مصر الآن ما تفعله أنثي العنكبوت وحشرة الأركيدوس معاً في ضحيتهما. الأخوان أعلنوا في مؤتمر صحفي عن قيادات حزبهم السياسي في تحد واضح لقانون الاحزاب وشرط قيام أي حزب علي أساس ديني وبعيداً عن "قانونية" الحزب فهم يضربون مثلاً واضحاً علي ديكتاتورية الاخوان وتيارهم القمعي الذي لو حكم مصر فسيحولها لنظام طبق الاصل من تركيبة نظام الاخوان، الطاعة العمياء للأمير أو المرشد وانتفاء إمكانية نقده أو معارضته ذلك لانه يحكم بتفويض سماوي ويحكم بأسم الله والدين وبالتالي له صفات مقدسة غير قابلة للمراجعة هو منزه عن الخطأ وإذا أمر يطاع، انه استخدام ماهو مطلق لما هو نسبي وما هو ديني لما هو دنيوي حزب الحرية والعدالة الاخواني لا هو حرية ولا هو عدالة. لانه لو أخذ بمبدأ الحرية كان ولا بد ان يجري انتخابات من القاعدة لمستويات القمة وهي وسيلة ديمقراطية في العالم كله وآلية مضمونة لتحقيق مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص وهي هنا من عدالة توزيع المناصب حسب إرادة الجموع لكن الحزب لم يفعل ذلك بل تم تعيين قيادات الحزب من قبل قيادات الجماعة بأمر فوقي ولتذهب قواعد الاخوان والاعضاء من الشباب المعترض إلي الجحيم والطريف انه في المؤتمر الصحفي والفضائيات تحدث عصام العريان عن الموضوع بما يحدث الالتباس الواضح لدي المشاهد فقال مرة انه تم اختيار قيادات الحزب ومرة أخري قال انه تم انتخابهم وطبعاً الاخيرة غير حقيقية وإلا كنا عرفنا وشاهدنا صناديق الانتخابات الاخوانية الشفافة، أما ما يتعلق بنسبة ال 50٪ من مقاعد البرلمان التي سيعمل الأخوان علي حصدها في الانتخابات القادمة فهذه خطيئة أخري تؤكد كذب دعواهم لانهم اعلنوا منذ شهرين فقط انهم سيعملون لحصد 30٪ الآن صارت 50٪ وبالمناسبة أنا كتبت وقتها قائلا لا تصدقوهم، إذا قالوا ثلاثين يعني ستين ويعني مائة وانا أجزم أنهم سيعملون في كل الدوائر وستكون هناك صفقات ورشاوي وكوته وكل الالعاب سيلعبها الاخوان وهذا كما قلت حقهم ولكن ما ليس من حقهم اللعب بالاسلام واستخدام الدين وسيلة سياسية للوصول لكرسي السلطة لان هذه الوسيلة هي التي أهدرت دماء المسلمين في تاريخهم القريب والبعيد وقصص معاويه وعلي وعائشة ويزيد ومذابح الأمويين تصرخ بها كتب التاريخ الاسلامي لمن كان له في التاريخ من عبرة .