في حوار مع د.يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي سألناه عما يزعج نفسيا فيما يجري الان في بر مصر..وعن الآثار النفسية التي لحقت بالشخصية المصرية بعد ثلاثين عاما من حكم الفرد..وهل تصاب الشعوب بالأمراض النفسية.. وكيف تم صنع الديكتاتور ليحكمنا بمنطق العند مع الجماهير والتكبر.. وكيف تم صياغة صور مشابهة للديكتاتور الرئيس في كل المناصب القيادية بمصر.. وما حالة الإلوهية التي وصل إليها حكامنا في مصر.. وكيف أجهض مبارك كل فرص التعاطف معه وأضاع فرصة تاريخية للعفو عنه.. وكيف نقي البلاد من صنع ديكتاتور جديد..؟ وفسر لنا د.يسري عبد المحسن لماذا تنمو الدعوات السلفية في مصر الان..وما مصير الليبرالية والماركسية وكل الدعوات المتطرفة في مصر من الوجهة النفسية. ...............؟ بالتأكيد تزعجني أشياء كثيرة في المشهد العام بعد ثورة 25يناير.. مثلا الحديث المتواصل عن نهب أموال مصر أو نهب المال العام المنظم بواسطة رجال السلطة ومن تبعهم من الغاوين.. وكيف نستعيد المال المنهوب وهل نستطيع ذلك أم لا..؟! يزعجني هذا الحديث كثيرا..لأنه يعطي إحساسا كأن شبابنا قد قام بالثورة واستشهد منهم من استشهد من أجل القبض علي مجموعة من لصوص المال العام ونريد استرداده منهم وينتهي الأمر بعد ذلك.. ويزعجني خاصة هذا الحديث عن نهب المال العام لأنه غير مقترن أومتلازم مع الحديث عن نهب الوطن بالكامل.. بداية من نهب وسرقة الحياة السياسية بتزوير إرادة الأمة في كل مجالسها النيابية والاستئثار بها إلي سرقة أخلاق الوطن أي أخلاق الناس.. وهذا هو الأهم فقد تسببوا بسياساتهم في إصابة الناس بالعديد من الأمراض النفسية بما تفشي بيننا من رشوة وكذب ونفاق وفهلوة وواسطة والتغاضي عن سياسات صنعت وذكت التمايز بين الطبقات بصورة غير منطقية.. مما اكسب الناس حقدا وغلا لا يكف عن التضخم ! الخلاصة أنني أري سرقة الوطن أهم وأعمق واشد بلاء من سرقة المال العام.. ولابد من المحاسبة عليه قانونا وعدم التفريط في هذا الشق.. فنهب الوطن تسبب في تأخر مصر وليس حتي وقوفها في مكانها وإنما في تراجعها تراجعا مخيفا علي جميع الأصعدة.. لقد تم إبعاد الناس عن إعمار الأرض التي نادت بها كل الأديان وغرق المصريون في تفاهات أبعدتهم عن حركة الحياة لمدة ثلاثين عاما.. وفي الوقت الذي يندفع فيه العالم نحو الأمام نتراجع نحن للخلف.. وسرقة الوطن أضاعت جيلا كاملا أوجيلين بمعني آخر.. سرقة ونهب أهل مصر مما خلف بؤسا ويأسا نحتاج إلي الكثير من الجهد والعرق لمحوهما.. وفي رأيي سرقة أخلاق المصريين في عصر مبارك اكبر جريمة في تاريخ مصر الحديثة بعد نهب خزينتها! التعفن الأخلاقي ...............؟ الفساد المادي جاء بسبب تعمد تعطيل "دولة القانون" مما ولد الطمع والجشع والأنانية والإحساس بالتفرد الكاذب ومن ثم تنمو غلظة في الإحساس وتموت النزعة الإنسانية أمام الأطماع المادية.. ويفقد الحاكم الاهتمام بأهله وعشيرته وبني وطنه.. وبالمثل كل صناع القرار في عصر مبارك يصبحون علي شاكلته.. مما صدر حالة من اليأس والقنوط الاسترخاء وصلت بالناس إلي درجة العفن..كل شيء يموت ويذبل لا شيء يغري الناس بالحياة في الوطن فلا شيء بعد غير الحزن والمرارة.. ويصبح الكل في خدمة الديكتاتور حتي لو مات كل شباب الوطن عبر المتوسط..كل شيء يهون مادام الديكتاتور بصحة وعافية..حتي الوطن يكون بصحة وعافية مادام الديكتاتور كذلك..والوضع مستقر..يذكرني هذا بسياسات الاستقرار التي أزعجنا بها في كل في خطاباته والتي لم تكن تعني إلا كتم الأنفاس ...............؟ بالطبع رغم حالة القنوط واليأس والتعفن المتسبب فيها النظام السياسي اللاأخلاقي.. فقد ظلت فئة تخزن وتكبت في داخلها طاقة من الغضب الهائل والتمرد وعدم الرضا وعدم الشعور بالارتياح لكل ما يجري في الوطن.. وظلت هذه الطاقة محبوسة في نفسيتها وضمائرها حتي مهدت لها الإرادة الإلهية ما تسبب في تسريبها وتصاعدها رويدا رويدا.. وجاء هذا التمهيد مع كثرة الاحتجاجات والاعتصامات والوقفات الفئوية وبعض المظاهرات المتناثرة التي زادت في فترات ما قبل "يناير"بشكل لافت للنظر إلي ان سمحت تكنولوجيا العصر أن تحدث نوعا من التواصل بين مجموعة من الشباب الغاضب الحريص علي مستقبل الوطن وحزين علي ما آل إليه حال الناس والوطن..وقد صنعت التكنولوجيا شبكة عنقودية بين الشباب..ولو ظل الغضب يستخدم بالآليات القديمة مثل الوقوف أمام مجلس الشعب أو مجلس الوزراء أو حتي الوقوف أمام سلالم نقابة الصحفيين إنها أشكال قديمة من الاحتجاجات عفا عليها الزمن واستخدمت الآليات الحديثة وكان لها فعل السحر في حشد الملايين وصنعت المباغتة التي خضّت النظام وجعلته ينهار! ...............؟ الفساد كان في مجالات كثيرة ولا يمكن إخفاؤها ففي الزارعة تم تجريف الاراضي وإقصاء زراعة محاصيل لصالح البعض وفي الصناعة تم بيع مصانعها وتسريح عمالها والثقافة باتت احتفالية.. وحدث في مصر كما حدث في الحكاية الشهيرة التي تروي عن انهيار الاتحاد السوفيتي وقيل فيها انه تم تدمير الاتحاد السوفيتي بوضع أناس غير أكفاء في مناصب مهمة وحساسة أو في غير مناصبهم أو في غير ما يصلحون له.. فانهار الاتحاد السوفيتي.. وهذا بالطبع اخطر من الفساد وهو ما كان يحدث بمصر.. مجموعة متسلقة من رجال المال يتسمون بالجشع تولت أمور البلاد فتقهقرت البلاد لعصور الظلام انتفاخ الذات ...............؟ الغيبوبة السياسية التي لفت نظام الحكم بالكامل في التعامل مع الجماهير الغاضبة بداية من "جمعة الغضب" كانت من أهم الأسباب التي أسهمت في إنجاح الثورة.. بمعني "غباء النظام" المتصاعد دوما بعدم تقديره الكامل بما يجري علي الأرض.. وحتي أثناء أيام الثورة بدا الاستعلاء علي المواطنين واحتقارهم والتقليل من ذكاء المصريين.. وتعاظم النظام وأحس بانتفاخ الذات وصور لنفسه وبغبائه المعتاد أنه قادر علي كل شيء وسيتم قمع شلة المتظاهرين.. وان من خرجوا يطالبون بالحرية والكرامة هم قلة حاقدة..لأن النظام تعود علي الغطرسة..كل ذلك خدم الثورة بشكل فائق..! وظنت القيادة السياسية يقينا أن ما يحدث هو استمرار للحركات الفئوية التي سيتم قمعها بالعصا الغليظة.. وتقديري أن الثورة بدأت ثورة كرامة ثم أعقبتها ثورة جياع وساند الاثنين الجيش.. وكان قد تدخل في الثورة من عندهم كراهية وروح الانتقام وهم الإخوان المسلمون المدربون علي التعامل مع الأمن المركزي فتم إجهاض التحركات البوليسية المتسمة بالغباء.. ولم يكن ما يحدث زوبعة في فنجان كما رأت القيادة وتمثل الغباء السياسي في عدم تقدير الموقف وردود الأفعال من القيادة التي كانت تزيد الثورة اشتعالا وتأججا بداية من قطع الانترنت حتي موقعة الجمل..فوقع النظام في »الغطرفة« والهذيان نتيجة ازدياد الثورة وعدم إدراكهم لقوة ما يحدث وإصرارهم علي الوصول إلي نقطة النهاية بتحقيق مطالبهم بتغيير النظام. حالة الألوهية ...............؟ بالفعل وصل رجال الرئيس إلي الإحساس بحالة من الألوهية..فبيدهم مقاليد الأمور يصدرون قرارات وأوامر لا راد لها وكأنها إقدار الهية.. وأصبحوا يفعلون بالوطن ما يريدون وقتما يشاءون.. ووصلت بهم هذه الحالة إلي ما يشبه الشلل الفكري تجاه مطالب الوطن وعدم الإحساس بالجماهير..! وعلي رأس المتألهين في السلطة كان مبارك الذي بدا مبرمجا خاصة في سنواته الأخيرة من خلال شلة المنتفعين من بقائه في سدة الحكم بداية من زوجته وابنه ومن حوله من المقربين منه..لكن ذلك لا يعفيه من العقوبة..فالقذافي رغم مرضه العقلي البين لكن ذلك لا يعفيه من المسئولية..! وخطابات مبارك خاصة أيام الثورة تجلت فيها برمجته وعدم قدرته علي استعمال عقله أو حسه..فجاءت خطاباته مليئة بالمكابرة والتكبر علي الجماهير..فلم يلجأ مثلا إلي الاعتذار أو حتي الترحم علي الشهداء ولجأ "كحيلة دفاعية" إلي الإنكار اللاواعي بأن ما يحدث علي الأرض بعيد عنه وليس هو المتسبب الأول فيه وسياساته الغبية.. ولم يلجأ للاعتذار أو الترحم علي الشهداء لأنه يراه اعترافا بالخطأ وهذا ما لا يتماشي مع شخصيته.. فكان يتباهي بأن لديه دكتوراه في العناد.. إنها درجة من الاستعلاء والمكابرة غير المسبوقة وغياب النبض الانساني..فلم يهتز أمام دماء الشهداء.. يضاف إلي ذلك الدعم من الفاسدين وهم من حرصوا علي استمراره في الحكم حتي يحموا أنفسهم..لكن جاءت الثورة علي طريق من ذهب بغباء الفاسدين حول مبارك. الديكتاتور المؤله ...............؟ إنكار مبارك في خطابة عبر" قناة العربية" بأن ليس لديه اي أموال بالخارج هو استمرار لعملية الغباء التي خدمت الثورة..واستمرار لفكرته بأن الشعب غبي ولابد ان يصدقه في أي شيء.. وان الشعب ليس لديه الحق في المعرفة.. وتأكيدا لخداعه للشعب وتأكيدا لبرمجته كما اشرنا..فمن كتب له الخطاب يعرف شخصية مبارك فيذكيها بما تريد..وكأنه يريد حتي آخر لحظة في عمره خداع الشعب.. ولا يعتذر أو يطلب العفو من الشعب.. وكيف يعتذر أو يطلب العفو وهو مازال يشعر بأنه فوق المحاسبة فهو الديكتاتور المؤله.. فقد تمت برمجته من زمان ولا رجاء في شفائه..وغياب الضمير الانساني لديه.. فقد خضع نتيجة برمجته لقل ولا تقل.. ...............؟ من خرجوا أخيرا في مظاهرات مطالبين بعودة مبارك.. أظنهم مغيبين أو مستفيدين أو لديهم تسطح فكري أو مدفوعين للمحافظة علي منافع شخصية لهم..ولا يمكن أن يكونوا متعاطفين معه.. فبعد كل الحقائق التي عرفناها أتصور انه يستحيل أن يكون هناك أي نوع من التعاطف معه في الوقت الحالي..ورغم أن الشعب المصري شعب عاطفي ومتسامح بالفطرة ويتنازل عن حقوقه في كثير من الأحيان كما انه شعب متدين بالفطرة..! لكن كل فرص التعاطف مع مبارك قد أجهضتها خطاباته وتصريحاته والأفعال الغبية لحاشيته.. ولو كان عنده قدر بسيط من الذكاء السياسي لاستغل أكثر من فرصة لاحت له للإفلات مما هو فيه حاليا فمثلا كان يمكن له أن يكتسب تعاطف الشعب ويصبح زعيما تاريخيا لو كان خطابه الثالث هو خطابه الأول ويبدأ فيه بالتعاطف مع الشهداء ويحمد الله انه عاش ورأي هؤلاء الشباب المصري المحب لوطنه ويذيله بان سوف يستمر حتي ولايته ليسلم السلطة لمن يختاره الشعب..! كانت هذه فرصته للنجاة وكسب تعاطف الشعب معه وأظن كان سيخلده التاريخ وكان سوف ينقذ البلاد من حالة من حالات التخبط..لكن الغباء والغطرسة والإحساس الكاذب بالقدرة علي إخماد ثورة الشعب الغبي-كما يراه- والإحساس بأنه قد امتلك مصر ومن عليها منعه من استغلال اي فرصة للنجاة.. وبالتأكيد ذكي ذلك الإحساس المنتفعون من حوله... وما اشتهر عنه من السير عكس إرادة الجماهير وهو ما نسميه العند.. وكأنه يتحدي إرادة الجماهير..! ...............؟ سقطات كثيرة.. لكن السقطة الكبري في حياة مبارك هي عدم تعيين نائب لرئيس الجمهورية.. وأظن أن ذلك تم بدافع الخوف من أن ينافسه احد في امتلاكه مصر.. ثم استمر المسلسل وخضع للبرمجة بعدم تعيين نائب له حتي يتم توريث الابن.. انه الغباء السياسي.. ولو كان يتمتع هو أو من حوله بالحنكة السياسية فكان عندهم أكثر من بديل لتمرير التوريث كان يمكن من إعداد أشخاص ينافسون الابن علي منصب الرئاسة.. ومن خلال انتخاباتهم المزورة يستطيع الابن التمرير للرئاسة.. لكن الاستهانة بالشعب وبأنه سوف يستكين والرهان دائما كان علي خنوع الشعب المصري جعلهم لا يفكرون في بدائل ويريدون تنصيب الابن "كده وش".. وهذا أيضا استمرار لمسلسل الغباء الذي تمتع به أفراد الحكم بمصر الازدواجية ...............؟ إنها الازدواجية"مرض نفسي" التي كان رجال السلطة في عصر مبارك مصابين بها.. إنهم يقولون ما لا يفعلون.. فداخل محبسهم يؤدون الصلوات ويتذكرون الله وهم في روعهم مظلومون وأنهم ضحايا مؤامرة ويطلبون من الله ضد هؤلاء الظلمة.. فهم كانوا يفعلون ما هو في صالح الشعب.. هذا بالضبط ما كانوا يقومون به وهم في السلطة يتحدثون عن الشفافية والنزاهة والقانون ونحن لا نري أية شفافية ولا نزاهة ولا قانون.. ازدواجية نفسية! ونسمع أنهم في التحقيقات يرددون ربنا موجود وأنهم مظلومون.. فالمناخ الذي كانوا يعملون فيه كان لا يجرم السرقة أو الانتفاع بالمنصب وحتي تسريب هذه المنافع للأبناء دون اي شعور بالذنب فالمناخ يساعد علي ذلك ولا يجرم أفعالهم..علاوة علي أنها العدوي..فكل من كان يدخل الوزارة سريعا ما يتحول إلي السرقة والنهب دون استشعار بأنه يفعل فعلا مجرما لان المناخ يحدث فيه ما يفعله هو..كيف يرفض إعطاء ارض مقابل تسهيلات أو امتيازات وهو يري ما أكثر من ذلك ولا حساب ولا محاسبه.. الفساد كان لبنة أساسية في النظام.. ولا مسئول ولا وزير واحدا كان يشعر انه ينهب أو يسرق وطنا. الشخصية المصرية ...............؟ بالطبع هذا كلام فيه كثير من المبالغة..الشخصية المصرية لم تتغير بعد الثورة بالشكل المطلوب..وهل ثقافة الشعوب وشخصيتها تتغير بين يوم وليلة..؟! ما حدث من خلخلة في بنيان الشخصية المصرية خلال السنوات الثلاثين الماضية يحتاج منا إلي كثير من العمل الجاد وإرساء أنماط جديدة من السلوكيات والتحفيز عليها.. نحن لم نتغير ولم نتخلص من سلبيات كثيرة كما يردد البعض ويقول المصريون خلاص اتغيروا، التغير في أنماط الشخصية يحتاج إلي سنوات..نحن في صحوة مفاجأة أصابتنا بحالة من التوهان ويظهر ذلك في حالات التدين وحالات البلطجة ومحاولات البعض للانضباط، إنها صدمة الصحوة التي تجعلنا في حالة من عدم التوازن..! وأظن أن ما يساعد علي إنهاء حالة التوهان التي أصابتنا بعد الصحوة الثورية المفاجئة هي سرعة إنهاء الفترة الانتقالية بداية من المحاكمات لرموز النظام حتي ينتهي الجدل الدائر مع الإسراع بوضع دستور دائم للبلاد وحكومة دائمة تبعث علي الاستقرار في النفوس ووجود رئيس ولو لسنوات قليلة يمهد لشكل الدولة الجديد..كل ذلك سوف يؤهل الأفراد لاكتساب ثقافة جديدة تؤثر في الشخصية وتساعد علي نمو طبائع وأخلاقيات ثورية جديدة.. يعني وبعبارة واحدة لا أوافق علي عبارة الشخصية المصرية قد تغيرت بعد الثورة تماما..التشوهات التي لحقت بالشخصية المصرية طول الثلاثين عاما الاخيرة .. تحتاج سنوات لتجميلها . ...............؟ ظهور الجماعات السلفية يذكرني بالأعشاب الطفيلية.. فدائما في أعقاب الانتفاضات والثورات تنمو الأعشاب الطفيلية وتتسلق علي حساب النبت السليم..وتلك الدعوات هي ما نراها عند السلفيين وبعض الجماعات المتطرفة.. والنبت السليم هو الثورة وشرعية الثورة وروح الثورة.. ولا يمكن لهذه الطفيليات أن تأكل الثورة خاصة مع الاهتمام بالثورة وتلبية مطالبها الثورية ورؤيتها للتدين الوسطي السليم.. وبالتدريج سوف تختفي النباتات الطفيلية.. إذا كان السلفيون يتحدثون في الدين فهي رؤية مختلفة عن رؤية الثوار للدين.. الثوار يرون الدين الوسط وهو التدين الطبيعي عند غالبية الشعب المصري.. وحتي المتطرفين من اليساريين والليبراليين سوف لا يكون لهم مكان وسط الاعتدال المصري. المتحولون ...............؟ "المتحولون"..بالطبع تعني من كانوا مع النظام السابق ثم تحولوا لتبني فكر الثورة..هذا ليس تغير ثقافة أشخاص..هذه شخصيات هشة سطحية دون عمق فكري أو وجداني والوازع الديني عندهم ضعيف وهي شخصيات هشة بطبعها وتجري وراء منافعها الشخصية..وكما نقول إنهم يأكلون علي كل الموائد.. ورجل كل العصور.. إنهم الوصوليون وموجودون في كل الثورات والعصور..! وهناك الشخصية المغلوبة علي أمرها..وكان شخصية مسئولة في النظام السابق "ولقمة عيشه" تجئ من خلال عمله مع النظام..وهذا يستطيع أن يبين موقفه وانه كان مضطرا تحت ضغط لقمة العيش وهذا يغفر له وصراحته تغفر له.. أما من يكابر ويزايد وهي شخصيات معروفة تظهر وتتحدث في العديد من وسائل الإعلام ويظهر نفسه انه كان الناصح الأمين للنظام لكن النظام رفض الاستماع لنصائحه فهي شخصية أيضا انتهازية مريضة صناعة الديكتاتور ...............؟ في الطب النفسي لابد من أن نكون موضوعيين في أحكامنا..فحين نحكم علي "الشخص الفاسد" بأنه لا يري انه فاسد..وحين يدخل ابنه في الفساد هو لا يعتبر ذلك فسادا. إنها وراثة اجتماعية وسلطوية.. الأب قبل علي نفسه الحرام وأدخل ابنه معه دون شعور بأنه فاسد بل وتم تقنين الفساد لهم بواسطة أساتذة القانون حتي ترتاح ضمائرهم.. ووجدنا أولاد المسئولين يشاركون في الفساد سياسيا وماديا دون أي شعور بالإثم.. وبالتالي حين يطلب الابن قطعة ارض أو امتيازا أو فيلا، المسألة سهلة مجرد توصية عند المسئول الكبير الذي يعتبرها أسلوبا عاديا دون تجريم.. ولا تنس أن أي منصب سلطوي كانت تفتح له الأبواب المغلقة بمصر.. فسعي الجميع إليه بالحق وبالباطل.. وتنسي الشخصية وتخلط ما بين الحق المخول له واخذ حقوق الآخرين كميزة له في منصبة. ...............؟ تم صنع الديكتاتور بغياب أجهزة الرقابة وتحويلها إلي أجهزة تخدم السلطة وتتستر عليها..كما تم منع أجهزة الرقابة من الإفصاح عن المخالفات التي يقوم بها الكبار.. كما تم تزوير إرادة الشعب.. لكن مع عودة الأجهزة الرقابية للعمل والدستور الجديد والجمهورية الجديدة ويقظة الشعب ومجالسه النيابية كل ذلك سوف يمنع من ظهور ديكتاتور جديد خاصة مع دولة المؤسسات. وأظن انني متيقن من عدم ظهور ديكتاتور جديد في مصر بعد ثورة يناير واستفاقة الشعب بعد تغييبه عن عمد خاصة مع بناء دولة القانون والمؤسسات.. ودرس الثورة الكبير في سجن الكبار ورأس الدولة سيف كل من تسول له نفسه بالتحول إلي ديكتاتور.. وحتي لو انتهي المشهد علي ما هو عليه تعتبر الثورة قد نجحت وأعطت درسا لكل العالم.. فلا أعول كثيرا علي عودة الثروة المنهوبة..يكفي ما حدث لهم وتم استيعاب الدرس..وامتداد الثورة مازال مستمرا ولا خوف إطلاقا. ...............؟ الرغبة في السلطة كان وراءها دائما الطمع..فكل من كان يجلس علي كرسي السلطة أي سلطة في مصر تفتح له الأبواب المغلقة ولا تجوز مساءلته فهو اله صغير.. رؤساء القطاعات والهيئات ورؤساء مجالس إدارات وعمداء كليات حتي رؤساء الأقسام في الجامعات.. وتأكد أنك ستلقي في كل مؤسسة من المؤسسات الدولة نموذجا من حسني مبارك.. كما أن احتكار الأدوار والتشبث بالكرسي وكأن الدنيا تقف عند المسئول الكبير..والتشبث بالكرسي لان الكراسي حماية..!