والمشاهد في صور بديعة تبدو فيها طبقات الطرق السريعة فوق بعضها كما لو أمعاء في جوف مخلوق أسطوري بحجم مدينة. الاثنين : المرور : مساواة مطلقة يا ساتر علي المرور يوم الاثنين، فهذا يوم من لون (مش فايت) وانما عندما تتأمل في الازمة تجدها الشيء الوحيد الذي يتميز بالعدل والعدل فقط في حياتنا.. أزمة المرور سمتها المعاناة جماعيا ، وبدون استثناءات ، والمساواة مطلقة من حيث الحيرة والمرار والضيق والخنقة، وكلها بلايا تصيب بدون تفرقة، وموزعة بالعدل والقسطاس ، غير انها المشكلة الوحيدة التي تجمع بين أبناء القاهرة جميعا ولا تفرق ، فلا عدو لها ولا حبيب ، ولا تخضع لقادر جيبه مليان، والكل سواسية أمام ازمة المرور بلا حول ولا طول أوسلطان.. الزحمة لخمة وعطل يصيب الكل ويلم الشمل فالازمة جبارة حتي لتبدو مستعصية، وانما ماذا نقول وعصر الاتصالات يخبرنا بأن دولا غيرنا استطاعت أن تروضها وتغلبها وتهزمها بالارادة والعزم ، و من أين لنا بهذه و تلك ، وحكوماتنا المتتالية لا أبدت حيالها ارادة ولا عزما ولا حزما و انما موجات اهتمام تتكسر علي أول شط مثل كل الأمواج .. و الحال يستفحل و يكاد يستعصي علي الحل ، وعلينا كل من جهته ان ينشط و يشغل الفكر و يحاول ان يقترح شيئا أو حتي يكرر ما سبق اقتراحه و يساعد لعل و عسي أن يوحي بشيء، من يدري و.. نعرف مدنا فرغت مناطق وشوارع وسط المدينة و منعت عنها السيارات ومدنا فرضت تذاكر دخول عن كل سيارة الي أماكن و مواقع محددة , و هذه أسهل و أحب الحلول و اكثرها جاذبية لدي الحكومات و البلديات وهناك دول قررت أياما للأرقام الفردية و أياما للزوجية فانكمش عدد السيارات التي تجري في الشوارع الي النصف و أقل بعد ان انحشر في كل سيارة اثنان وثلاث وربما اربع و لا بأس ، لدي بعض الاسر من الجوز و من الفرد و علي المتضرر ان يلجأ الي جاره أو يستعين بصديق رغم أنه حل لا يناسبنا في مجتمع صارت سمته التزمت في الظاهر ، وقد يأتي من ورائه باشكالات عائلية لا داعي لها بسبب الغيرة و خلافه ، ولذا لنغلق الباب و نوصده أمام هذا الحل وتوجد بلاد منعت استخدام السيارات بتاتا يوما و احيانا يومين كل أسبوع ، انما هذا اجراء يتطلب اجادة ركوب الدراجات او تواجد مواصلات عامة في متناول أصحاب السيارات تكون ملائمة غير نوعيات ( الميكرو- باظ ) ... انما و بصراحة فما من الحلول السابقة ما يعتبر واقعيا عمليا في حالتنا نحن بالتحديد ، و لأسباب يطول شرحها من جهة و لا تغيب عن فطنتكم من جهة اخري فنحن وبايجاز شديد شعب يقابل التغيير بكل صعوبة.. اذن يتبقي من الحلول اثنان ! الحل الياباني واليابان كان لها نظام مرور أسوأ و أدل من نظام مرورنا بزمان .. فالمساحات محدودة و الكثافة السكانية شديدة و الناس التي تعرف قيمة الوقت يعذبها اكثر الانتظار .. فماذا فعلوا ؟ أنشأت حكومات اليابان شبكة من الطرق السريعة انما لها العجب ، توسعوا عموديا و ليس افقيا أي جعلوا الطرق السريعة علي مستوي طوابق فوق بعضها .. أعجب و أذكي و اروع شبكة طرق علوية يمكن ان تراها عين .. و لدي رسالة ( ايميل ) تشمل نحو عشرين صورة بالألوان تستحق ان تشاهد علي اوسع نطاق من المتخصصين و يا حبذا لو شاهدها المسؤولين او وجدت طريقها الي مكتب المهندس احمد المغربي وزير الاسكان الهمام .. لربما اوحت بشيء شبكات الطرق اليابانية تلك التي ابتدعونها مكونة من طوابق خمسة و بعضها ستة وأقلها ثلاثة ، انما كل منها يسير في اتجاه .. تري مستويات من طرق تلتوي وتستدير في انحناءات ثعبانية حينا و حلزونية احيانا ، و كل طابق وجهته باتساق ورشاقة خطوط هندسية تبهر ، و هذا حل أمثل لتحاشي الاختناقات وتبدو المشاهد في صور بديعة تبدو فيها طبقات الطرق كما لو انها أمعاء في جوف مخلوق أسطوري بحجم مدينة. ومشكلتنا هنا في القاهرة تنحصر في عدم السيولة ، بمعني الاختناقات عند نقاط التجمع في بقعة واحدة مع تشتت الاتجاهات .. سلاسل الطرق السريعة متعددة الطبقات تركت الشوارع رائقة و سهلة الانتقال .. أتمني لو شاركتموني متعة المشاهدة فهي لوحات سيريالية هندسية غير كل ما شاهدته العيون وبالامكان أن أرسلها forward الي من يهمه الامر فعلا و يفيد ... وشكر خاص أوجهه الي صاحب هذه المجموعة الأصلي من الصور : السفير وهيب المنياوي الذي مثل مصر سابقا في اليابان . أعي تماما أن امكانياتنا لا تسمح بتحقيق مثل ذلك ، و لا حتي بالخيال ، وادرك ان العين بصيرة واليد قصيرة لا تقدر علي مثل هذا الانفاق ، و انما أعرضه من باب العلم بالشيء ثم من ادرانا لربما انفتحت لنا آبار بترول في الصحراء الغربية و صارت يدنا طولي ،و تلح علي حدوتة يابانية - مصرية حدثت حقا و سمعتها من مصدر موثوق به ربما كان طرفا فيها .. عندما دعي الي مصر وفد ياباني متخصص ليشاهد مفخرة الكبريين 15 مايو و 6 أكتوبر ، أثني اليابانيون عليهما و احنوا رؤوسهم تأدبا و قالوا قولا حسنا عنهما ثم .. ألحقوا من بعد ديباجة الثناء عجبا أبدونه لكم هذا الاسمنت الذي استخدمناه في بنائهما و قالوا بكل الادب الياباني انه - أي هذا الاسمنت - كان يكفي لبناء مدينةّ! يريدون ان يقولوا ما كل هذا الاسراف؟! الحل الآخر: تفريغ الزحمة اذا كان يستعصي علينا الحل الياباني اذن يبقي الحل الآخر أو الأخير و هو الخطة التي يتردد ان مجلس الوزراء يدرسها حاليا لتفريغ القاهرة من الوزارات والهيئات بمعني كل ما يشكل أعباء علي الطرق و الشوارع الرئيسية بلا دواع ضرورية .. بمعني آخر فهمنا ان الاتجاه هو الي اقامة عاصمة جديدة رسمية و تدريجيا كما فعلت البرازيل فانشأت " برازيليا " و جعلتها عاصمة الوزارات و السفارات , و فعلت باكستان بانشاء اسلام اباد وربما غيرهما .. انما توجد ملاحظة قد تسرع بايجاد حل و لو جزئيا دون انتظار طويل فالمسألة صارت تحتاج اسعافا سريعا الي حين حل المشكلة من جذورها ، و لعل هذه الحكومة لا تظل تدرس و تفكر و تدرس و تفكر الي أن تأتي حكومة غيرها و تبدأ الدراسة من اول و جديد .. و هذا اقتراح تداولناه وكان عدد منا أعني من المهمومين المغرمين المتيمين بالقاهرة رغم أي شيء .. فكرنا معا بصوت عال و تداولنا الرأي و انتهي النقاش الي أن خطة التفريغ يمكن ان تبدأ في أقرب وقت بتفريغ ما هو اخف و ما من شأنه أن يزيح عبئا من الشوارع و الطرقات ..بمعني كل ما ليس له من ضرورة ملحة للتواجد في قلب القاهرة أو التنقل ما بين الضواحي .. و اول ما يخطر علي البال هو المدارس التي استسهلت شراء بيوت و فيلات و غمرت كل مساحة فيها بحشر فصول الدراسة بتكدس لا يخطر علي بال ..و الادهي ان لها جيوشا من الاوتوبيسات الجرارة تشغل الشوارع الرئيسية و الطرق ذهابا ايابا بين انحاء القاهرة مرتين كل يوم ..و لا تفهم الحكمة في انتقال المئات و المئات كل يوم من ضواحي سكنية الي ضواحي سكنية اخري ، و من هذا الحي الي ذاك الحي بهذه الجيوش من ديناصورات في هيئة أوتوبيسات و الداهية الاكبر انها بلا جاراجات بل تبقي لتزاحم في الشوارع تزيدها ضيقا فوق ضيق .. فهل لدي احد من سبب مفهوم ؟ لو خرجت تلك المدارس ذات الأساطيل لخارج المناطق لمأهولة في اطراف القاهرة كما فعل غيرها من المدارس و الجامعات و الاكاديميات لأوجدت فراغا محترما و سهلت الكثير و هذا غير البراح الذي يهذب الخلق و يوسع الصدر و يرسي طول البال ، و كلها خصائص افتقدناها من فرط الزحام و ضيق الامكنة و سوء الادارة و انعدام التخطيط ... هل خرجت عن الموضوع ؟ كلا أردت فقط أن أصل الي اهمية البدء و لو بجزء من الحل .. كأن توضع خطة علي المدي القصير ، موقوتة بعامين او ثلاثة لتوفيق الاوضاع الجديدة .. خطة قصيرة الاجل تبدأ بانتقال أمثال هذه المدارس ذات الجيوش الجرارة .. ثم البنوك التي فتحت روافد لها في الاحياء المزدحمة بلا ضابط و لا رابط و لا ادني حاجة اليها بل لتساهم في الفوضي الضاربة و تزيد من الاختناقات... ياي بعد ذلك مراجعة الكافتريات و المطاعم و القهاوي التي استشرت كما الفطر بين الضواحي السكنية بكل ما تشكله من اعباء انتقالات الطرق و ركن السيارات ... كل الخدمات المستجدة غير الضرورية تعطي مهلة لتوفيق أوضاعها مع تسهيل ايجادها مواقع لتجمعات بديلة في اطراف المدينة .. و الغالبية العظمي من زبائن هذه الخدمات من أصحاب السيارات و أما العاملون فيها فيسهل توفير خطوط مواصلات ..و حتي تحدث مثل هذه الهمة فليس أمامنا سوي أن ندعو الله ان يفك هذه الازمة يا رب !