وزير الخارجية الإسرائيلية »أفيجدور ليبرمان« لا يكذب ولا يتجمل. ورغم أنه المسئول الأول عن الدبلوماسية الإسرائيلية إلاّ أنه يمكن أن يشغل أي وظيفة في البلد بشرط ألاّ تكون لها علاقة بالدبلوماسية من قريب أو بعيد! صفات »ليبرمان« معروفة لمن يعرفه ولمن سمع عنه: من أصل روسي، وكان يعمل فرد أمن في البارات وعلب الليل، ويتشابك بالأيدي والأسلحة البيضاء مع السكاري والمخدرين والقوادين الذين يثيرون الخناقات عادة في الساعات الأخيرة من الليل. ومن »البلطجة«، و»العربدة« في موسكو إلي الهجرة إلي »أرض الميعاد« كما يطلق اليهود علي فلسطينالمحتلة حيث اقتنع المهاجر السوفيتي بأن قدراته، وخبراته، التي اكتسبها وبرع فيها قبل الهجرة تؤهله للانخراط في العمل الحزبي إلي جانب اليمينيين، المتطرفين، والعنصريين، في مواجهة أحزاب الوسطيين واليساريين المتخاذلين أمام الأعداء! وهو ما فعله »ليبرمان«.. حيث أسس حزباً يمينياً متطرفاً ضم أمثاله من المعقدين، الهاربين من نير ما كان يسمي بالاتحاد السوفيتي حيث كانوا كيهود من المكروهين، المحتقرين، المحرومين من الكشف عن دينهم، والممنوعين من ممارسة شعائره! الرجل، وحزبه، وأنصاره، لا يطيقون الفلسطينيين بصفة خاصة، والعرب المسلمين والمسيحيين بصفة عامة. وهم يتمنون أن يستيقظوا ذات صباح فلا يجدون عربياً واحداً في »إسرائيل الكبري« التي يحلمون بقيامها شاءت الكرة الأرضية أم أبت! أليس من الغريب أن يتولي متعصب أعمي »أفيجدور ليبرمان« منصب وزير الخارجية، المسئول عن إجراء مفاوضات ومباحثات مع الفلسطينيين الذين لا يطيقهم ومع العرب الذين يتمني فناءهم من أجل التوصل إلي تسوية سلمية للصراع الشامل، والدائم، بين الجانبين؟! الإجابة ليست صعبة. ويمكن التعرف عليها من متابعة الحوار الذي أجرته صحيفة »معاريف« مع وزير الخارجية الإسرائيلية والمنشور يوم الخميس الماضي. سألوه عن سبب قبوله منصب وزير خارجية حكومة »بنيامين نتانياهو«، رغم اختلافه معه، فأجاب »ليبرمان« بصراحته التي يتباهي بها بأنه قبل المنصب بشروطه. فليس خافياً علي »نتانياهو« وغيره أنه أي »ليبرمان« لا ينتظر أي حل عن طريق المبعوث الأمريكي »جورج ميتشل« المكلف بإجراء مباحثات من أجل التوصل إلي حل سلمي بين إسرائيل والعرب. وأكد »ليبرمان« أنه لم يخف معارضته المستمرة لأي سلام ينص علي عودة إسرائيل إلي حدود ما قبل حرب 5يونيو67.. كما يطالب العرب، ويجد مطلبهم من يسمعه ويقبله من الإسرائيليين! ولا يكتفي »ليبرمان« بالجهر برفضه الانسحاب إلي حدود 67، وإنما يضيف إليه تشاؤمه من تحقيق السلام علي أساس قيام دولتين للشعبين: الإسرائيلي والفلسطيني، مبرراً ذلك بقوله إنه يؤمن بما جاء في الكتاب المقدس عن »إسرائيل الكبري«.. ورغم ذلك لا يبشرنا بأنه لا يمانع قيام الدولتين، بشرط ألاّ تبني الدولة الفلسطينية استقطاعاً من الدولة الإسرائيلية! وشارحاً ما يقصده من هذا الشرط، فيؤكد أن العرب يخططون لدولة فلسطينية تحتل أراضي تمثل مرة ونصف ضعف مساحة الدولة الإسرائيلية، وهو: »من المستحيل قبوله«.. كما يقول. ويضيف وزير الخارجية المفترض أنه يسعي لتحريك وتحقيق عملية السلام ساخراً من مقولة »الإبقاء علي عرب إسرائيل في أماكنهم« مؤكداً أن أغلبية هؤلاء يعتبرون أنفسهم:»فلسطينيين« ، و »لن يقبلوا أبداً الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وصهيونية«. ويعود »ليبرمان« مرة أخري للطعن في قرارات مجلس الأمن التي تنص علي انسحاب إسرائيل إلي حدود ما قبل حرب 67، فيشير إلي أن [الدنيا كلها تطالبنا بهذا الانسحاب بزعم أنه السبيل إلي إنهاء الصراع وتحقيق السلام، والواقع كما يحدده »ليبرمان« أن العودة إلي حدود 67 لن تنهي الصراع وإنما علي العكس ستزيده اشتعالاً وإيلاماً]. أما كيف سيكون ذلك؟ فلنقرأ ما يقوله »ليبرمان« لصحيفة »معاريف«: [ إذا توسعت الدولة الفلسطينية كما يريد العرب، وإذا تقلصت بالتالي الدولة الإسرائيلية كما يرفض اليهود.. فإن مدينة مثل تل أبيب ستسقط فوقها صواريخ ال »قسام« بكثرة قطرات المطر القادمة من »قلقيلية« أو القذائف الموجهة من الضفة الغربية! إن العودة إلي حدود 67 لن تنهي الصراع، وإنما ستنقله ليضرب قلب تل أبيب وحيفا.. في الصميم]. .. كان هذا بعض لا كل ما يبشرنا المسئول الإسرائيلي به، عن فهمه لتحريك، و تحقيق عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين (..) . »عجبي«.. علي طريقة خالد الذكر: »صلاح جاهين«. إبراهيم سعده [email protected]