تواصل »الأخبار» الحلقة الثانية من ملف صناعة الغزل والنسيج في مصر، حيث تناول الجزء الأول الموقف بالنسبة لشركات قطاع الأعمال العام وأبرز التحديات التي تواجهها والمتمثلة في الديون المتراكمة وتقادم الماكينات والمعدات وارتفاع قيمة الأجور وغيرها.. وفي الجزء الثاني من الملف نتناول أبرز التحديات التي تواجه القطاع الخاص باستثمارات تقدر بنحو 80 مليار جنيه وعمالة تفوق المليون مواطن في آلاف المصانع الموزعة في شتي أنحاء الجمهورية.. شكاوي بالجملة وتحديات ومعوقات رصدتها »الأخبار» خرجت من أصحاب المصانع والعمال، ارتفاع مضاعف في أسعار الغزول ونقص في المعروض، ارتفاع أسعار الخدمات والغاز مشكلة رئيسية، مع مطالب متزايدة بضرورة تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي لإنقاذ القطاع بعد إغلاق مئات المصانع وضرورة إتخاذ إجراءات عاجلة تضمن حماية الصناعة الوطنية وتحمي آلالاف من العاملين من خطر التشرد.. إغلاق 480 مصنعاً في المحلة.. و120 ألف عامل مهددون بالتشرد »الحبس» يطارد أصحاب المصانع.. والعمالة الماهرة تهرب إلي »التوك توك» من المحلة قلب وعقل وقلعة صناعة الغزل والنسيج في مصر كانت إنطلاقة »الأخبار» نحو فتح ملف شائك عاني كثيرا ولا يزال.. في منطقة الشيخ بالمدينة أنفجر أصحاب المصانع وصرخ العمال من تردي الأوضاع وتفاقمها، فالغزول غير متوافرة والزيادة في أسعارها تخطت ال 120%، الكهرباء لا تنتظر تأخيرا ورفع الغاز وربطه بسعر الدولار »جن جنونهم»، مساندة تصديرية تتأخر كثيرا قرابة عام ونصف، ورواتب عمالة لا تحتمل أي إرتباك.. أكثر من 500 مصنع في هذه المنطقة وحدها وأكثر من نصفها بات مغلقا شاهدا علي أياد حكومية مهملة علي مدار ثلاثين عاما مضت لأحد أهم القطاعات كثيفة العمالة علي مستوي العالم وكانت مصر وحدها تعزف منفردة بالسعر والجودة والسمعة الدولية الرفيعة. وزارة مستقلة المهندس أحمد ابو عمو، رئيس مجلس إدارة رابطة مصانع الغزل والنسيج بالمحلة، بدأ حديثه منفعلا وحزينا مؤكدا أنهم طرقوا كل الأبواب لحل المشاكل التي تواجه قطاع الغزل والنسيج ولكن دون مجيب حتي اليوم، مضيفا: مشاكلنا لن تحل إلا بتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي فقد جلسنا مع رئيس الوزراء وكافة المسئولين ولكن لا نتيجة ولا حياة لمن تنادي. أوضح أن مشكلة الغزل والنسيج لها ثلاثة أبعاد، أولها الاجتماعي، فهي أكبر صناعة كثيفة العمالة، إضافة إلي البعد الاقتصادي وسمعتنا العالمية في هذه الصناعة، ثالثها البعد الامني لأن المصانع التي تغلق تشرد عمالها في الشوارع، ولذلك نحن نطالب الرئيس بوزارة مختصة للغزل والنسيج،. وأكد أن الجميع يشتكي من ارتفاع اسعار الغاز فالمصانع تحاسب علي أساس الدولار وما يعادله بالجنيه، والسعر ليس ثابتا فكيف نستطيع تحديد التكلفة، فضلا عن مشكلة الغزول وعدم توافرها فنحن لا ننتج قطنا كما كنا في السابق ونلجأ للاستيراد فاستهلاكنا اعلي من الموجود إضافة إلي مشكلة التأمينات والنسبة الكبيرة التي يتم دفعها، موضحا أنه صدر قرار منذ شهرين بخفض سعر الغاز ل»قمائن الطوب» وعلمنا أنه صدر لفئة معينة من الناس فهل هذا يعقل، الآن ليس هناك قوي شرائية فبند الطعام امتص سيولة الأسر فضلا عن فائدة ال 20%. التي توفرها البنوك. وكشف رئيس الرابطة أن هناك 1260مصنع غزل ونسيج وصباغة مسجلة بالمحلة وأكثر منها مصانع عشوائية، وفي عام 2016 فقط أغلق 480 مصنعا، بسبب الكثير من الاعباء ابرزها ارتفاع اسعار الغزول والطاقة، والشركات توقفت لانعدام السيولة لاستيراد القطن، وايضا أين الدولار فالحصيلة كلها موجهة نحو استيراد المواد الغذائية، موضحا أن الانتاج المحلي يكفي 30% فقط والباقي استيراد. وتابع: الآن لدينا نحو 320 مصنعا تعمل بقوة 120 الف عامل فضلا عن العمالة غير المباشرة، وتعمل هذه المصانع بطاقة جزئية فالتكلفة عالية والسوق ليس لديه قابلية للاستيعاب والتهريب من ناحية أخري يقسم ظهورنا. ثلاثة نماذج وأضاف أبو عمو: للاسف اكبر ثلاث مصانع كانت تصدر أغلقت، بينهم من هو محبوس الآن وآخر مات في السجن، وعلي سبيل المثال أحد المصانع كان مصنفا كأكبر مصانع تصدير الوبر علي مستوي العالم بقوة 1400 عامل، اغلق المصنع وصاحبه مات في السجن وشقيقه محبوس وكل هذا من اعباء الصناعة، القطاع العام يخسر ولكن الحكومة تسانده، ولكن نحن »اللي بيتبرجل بيتحبس»، بسبب البنوك وغياب المساندة، فضلا عن تأخر مستحقات المصدرين في نظام المساندة التصديرية والتي لم تصرف للبعض منذ عام ونصف متأخرات لدي الحكومة. أما المهندس ابراهيم الشوبكي، أمين عام الرابطة، أكد أن عدم وجود الغزول وارتفاع اسعارها بصورة مبالغ فيها تأتي كأحد أبرز المشاكل التي تواجه المصانع فضلا عن أسعار المحروقات التي تتمثل في الغاز الطبيعي للمصانع وبدلا من النظر للبعد الاجتماعي ومساعدتنا في النهوض من الكبوة وحالة الاحتضار التي نمر بها حاليا؛ تعاملنا الدولة وكأننا في امريكا بمعني انهم يعاملوننا بالدولار وهذا ضد الدستور المصري الذي يحدد ان العملة الرسمية للبلاد هي الجنيه المصري، والدولار ارتفاعا وانخفاضا غير مضمون واضافة التكلفة علي المنتج وفي هذه الحالة لن استطيع المنافسة خارجيا ولا حتي داخليا. مناخ الاستثمار وأضاف الشوبكي: دمنا مهدر بين وزارات الصناعة والاستثمار وقطاع الاعمال العام والقوي العاملة والكهرباء والبترول والاسكان والماليه والبيئه فكيف نعمل وننجز مصالحنا، ليس هناك المناخ المناسب للاستثمار والاستثمار لن ينطلق بنظام »التطفيش» والتعقيد هذا، فنحن هنا في المحلة وهناك في شبرا وكافة بقاع الجمهورية »زهقنا» من الصناعه وسنغلق مصانعنا، والدليل علي هذا أن مصانع شبرا الخيمة 75% منها اغلقت وال25% الباقية تعمل بطاقة 30 إلي 35% وهي نفس النسبة في المحلة. وأضاف: 450 الف عامل كانوا يعملون في قطاع الغزل والنسيج بالمحلة وأكثر من نصفهم تحول إلي الأعمال التافهة غير الانتاجية مثل التوك توك وبائع متجول ومتسول وحرامي وعاطل، بلا اي اضافة للناتج القومي لانه يجد عاملا لا يدفع ضريبه وكل هذا ضد الدولة، وحاليا هناك من 350 إلي 400 مصنع يعملون بطاقه جزئية من 30 إلي 40٪. وأشار إلي أنه تم تنفيذ ورش عمل مع مجموعة من الوزراء ونقابه المهندسين الفترة الماضية حتي يصل صوتنا إلي رئيس الجهورية، فرئاسة الوزراء لا ترد ولا تريد الاستماع وتحدثنا كثيرا ولم نترك بابا الا وطرقناه وتحدثنا عن مشكلتنا وارسلنا استغاثة عن طريق الرقابة الادارية وعن طريق الامن الوطني لقد استغثنا بالجميع وحضرنا مؤتمرات تحت رعاية رئيس الوزراء وهو لايحضر ابدا وجلسنا مع وزراء اكثر من مرة وقدمنا المقترحات والحلول وللاسف الشديد لا مجيب. يخبئون الغزل محمد الرحيمي، صاحب مصنع نسيج بمنطقة الشيخ، أكد أن أهم المشاكل التي تواجهه هي عدم توافر الغزل وارتفاع سعره، مشيرا إلي أن اسعار الغزول شهدت زيادة120% تقريبا، وتجار الغزل مع علمهم باي زيادة يخبئون الغزل وقديما كان الحساب مفتوحا أما الآن فالدفع مقدما، فمع ارتفاع الدولار يتم حجز الغزل ويقول التاجر لا يوجد، وهنا في مصنعي ثلاث ماكينات ولايوجد واحدة منها تعمل وانتظر منذ ثلاثة شهور واليوم فقط بدأت أعمل بواحدة فقط وكان لدي 6 عمال سرحتهم وآخر شهر راتبهم كان من جيبي الخاص دون عمل ناهيك عن الكهرباء والايجار وخلافه. العمالة تهرب أما الحاج عزت القليني، صاحب مصنع، فصب جام غضبه علي الحكومة قائلا كل الشغل معوقات سببها الحكومة فهي لاتنظر إلي القطاع الخاص نهائيا بل تنظر إلي القطاع العام فقط، أصحاب المصانع مهددون بالحبس والطاقة غالية والعمال لا ترغب في العمل الخاص يريدون العمل الحكومي غير المنتج، فلا يوجد دعم والغزل زاد أضعافا والمستورد هرب من مصر وذهب إلي تركيا وباكستان وبنجلاديش لأن أسعارنا غالية والجودة ليست عالية »احنا تعبنا». وأضاف: أعمل ب 50% من طاقة الماكينات في المصنع ولدي 90 عاملا ولا ندري كيف سندفع تأميناتهم ومرتباتهم في مثل هذه الظروف، والعمالة تهرب نحو الاستسهال فاما اعمال تدر دخلا كبيرا أو أعمال بلا عمل مثل الحكومة.