في الآونة الأخيرة أغلقت مصانع كثيرة أبوابها في ظل الفوضي وكثرة الإضرابات وارتفاع تكاليف الإنتاج وفواتير الكهرباء والعمالة وإغراق السوق المحلية بمنتجات مستوردة رخيصة الثمن قليلة الجودة ورفع البنوك يدها عن دعم الصناعة الوطنية لعدم وجود ضمانات كافية للسداد.. الأمر الذي تسبب في تدهور الاقتصاد ورفع نسب البطالة. صناعة الغزل والنسيج في المحلة الكبري والعاشر من رمضان وشبرا الخيمة علي رأس الصناعات المتضررة. وقد انتابت حالة من الغضب أصحاب المصانع والعاملين فيها بسبب التوقف عن الإنتاج وتشريد عدد كبير من العمال وتراجع الصناعة بشكل كبير بسبب الاستيراد وتهريب البضائع وكثرة الإضرابات والفوضي.. حتي أن 1200 مصنع أغلق أبوابه ولم يبق سوي 400 فقط يعمل بكفاءة 25% من طاقته. "المساء" قامت بجولة ميدانية في مصانع الغزل والنسيج بشبرا الخيمة للتعرف علي أسباب غلق بعض المصانع وتراجع إنتاج البعض الآخر.. في التحقيق التالي: يقول المهندس حسن أبوعبدالله "مدير مصنع غزل ونسيج بشبرا الخيمة": نعمل في حدود 50% من طاقتنا فقط وكنا نعمل بكفاءة 36 ماكينة غزل وبعد تدهور حالنا أصبحنا نعمل ب 20 ماكينة فقط وأثناء الثورة تم خفض العمالة بنسبة كبيرة حتي وصلوا إلي 13 عاملا من إجمالي 48 عاملا لحدوث عدة مشكلات في التأمينات الاجتماعية وارتفاع أسعار فواتير الكهرباء للمصنع شهريا مما أدي إلي تراكم الديون وتعثرنا في دفع رواتب العاملين مما جعلنا نستغني عن عدد كبير من العمال. وحتي الآن لم يتغير شئ ولم نستطع السيطرة علي الموقف وهذه الكارثة عمت مصانع كثيرة مما أدي إلي إغلاقها وتشريد جميع العاملين بها حيث إن متوسط راتب العامل يتراوح ما بين 1500 و2000 جنيه. أضاف: لا نستطيع عمل صيانة دورية للماكينات مما أدي إلي تعطيلها تماما وأصبحت تعمل بربع كفاءتها حتي صارت غير مؤهلة للعمل وهناك ماكينات احترقت بسبب انقطاع التيار الكهربائي عدة مرات ولا توجد ميزانية لإعادة تصليحها مرة أخري. يؤكد رمزي إبراهيم - صاحب مصنع غزل ونسيج - أن المصانع تكبدت خسائر كبيرة وصارت تعمل بنصف طاقتها والبعض الآخر خفض إنتاجه إلي الربع في الوقت الذي أغلقت فيه مئات المصانع أبوابها لعدم تمكنها من الحصول علي الغزل وإن وجدته تجده بأسعار مضاعفة ومبالغ فيها مما قد يؤدي إلي تشريد مئات العمال وارتفاع البطالة. وطالب بسرعة التدخل وحماية صناعة النسيج في مصر ومنع تصدير القطن المصري للخارج وتوجيهه لتشغيل المصانع المحلية التي كان يعمل بها ما يقرب من 750 ألف عامل قبل الثورة أي ما يعادل 4 ملايين أسرة مصرية ولكن بعد الثورة تدهور الحال وانخفضت أعداد العاملين إلي الربع تقريبا كما أن كميات الغزل الموجودة في الأسواق لن تكفي لتشغيل المصانع حتي بعد خفض إنتاجها إلي الربع. أشار إلي أن الاعتماد بشكل أساسي علي استيراد كميات كبيرة من الأقطان أفقدنا ميزة الريادة في تصدير منتجاتنا من الأقطان المصرية للخارج وأدي لتدهور الصناعة. أوضح إبراهيم الأسيوطي - صاحب مصنع غزل ونسيج: أن أحد أسباب الكساد في سوق الغزل والنسيج هو التهريب الذي يحدث عن طريق المناطق الحرة مما أدي إلي انتشار المنتجات الصينية والهندية رخيصة الثمن بالإضافة إلي عدم وجود عمالة مدربة وارتفاع أسعار الكهرباء والمياه وهو ما جعل أصحاب المصانع يقللون من ساعات العمل والإنتاج في مواجهة الكساد. أضاف أنه يطالب الحكومة بالتدخل لإنقاذ الصناعة من الانهيار بعد أن وصلت الخسائر إلي مليارات الجنيهات وضرورة التوسع في زراعة القطن قصير التيلة الذي يصلح للصناعة المصرية وتحرير صناعة القطن وربطه بالسعر العالمي وزيادة المدارس الصناعية لتدريب الطلاب وتخريج دفعات مؤهلة علي العمل كما طالب بضرورة إنشاء وزارة خاصة بالغزل والنسيج. أكد أن هناك كثيرا من المصانع أغلقت بعد الثورة مما يهدد الصناعة الوطنية حيث ساءت أحوال العمال المادية وساءت حالة الماكينات لعدم تحديثها وصيانتها. فضلا علي غزو الأقمشة السورية للسوق المحلية..يشير علاء جمعة ومحمد عامر - عاملان بمصنع جولدتكس للغزل والنسيج - إلي هناك 1200 مصنع أغلق أبوابه بعد الثورة في المحلة الكبري مما خلق لدينا حالة من الغضب والخوف لدي العمال وأصحاب المصانع حيث إن أكثر من 1800 مصنع تضم ما لا يقل عن 150 ألف عامل جميعهم تشردوا بعد توقف الماكينات عن الدوران تماما نتيجة لارتفاع أسعار الخامات وضعف التسويق. أوضحا أن أسعار الغزول تضاعفت حتي بلغ سعر الطن 45 ألف جنيه مما كبد أصحاب المصانع خسائر فادحة بسبب التعاقدات التي أبرمت قبل ارتفاع الأسعار وعليهم الالتزام بها حيث إن انتشار الغزل الهندي والصيني بكثرة في الأسواق أحد أسباب الانهيار رغم ضعف جودته. بالإضافة لارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والغاز والصرف الصحي وعدم قدرة مدير المصنع علي السداد. يقول المهندس عبدالله مصطفي - صاحب مصنع غزل ونسيج: كانت شبرا الخيمة في أوائل التسعينات بها ما يقرب من 1096 مصنعا زادت إلي 1500 خلال هوجة التحديث العشوائي غير المنظم منذ عام 1996 وتم إغلاق معظم المصانع غير القادرة علي الاستمرار نظرا لكثرة الديون وضعف الإمكانيات الذاتية والعمالية حتي وصلت عدد المصانع الموجودة الآن إلي 400 مصنع فقط واجهت متاعب كثيرة. أضاف أن صناعة الغزل تعاني من مشكلة رئيسية وهي التهريب الذي يخدم المنتج الأجنبي علي حساب المصري حيث أغلقت عدة مصانع وشركات بعد الثورة "نتيجة" عدم قدرتها علي الوفاء بمطالب العمال في الوقت الذي توقف فيه البيع والإنتاج فمن يتحمل عبء خسارة هذه المصانع؟! أما محمد المرشدي - رئيس غرفة الصناعات النسيجية - فأكد أن الغرفة لديها تصور بكافة التحديات والمشكلات التي تعاني منها صناعة الغزل والنسيج وتم وضع استراتيجية ورؤية شاملة لتطوير هذا القطاع وزيادة الصادرات وقدمنا للحكومة اقتراحات يمكن أن تنهض بصناعة الغزل وتعيد تشغيل المصانع المغلقة مرة أخري. أشار إلي أن الصناعة تراجعت بنسبة 40% عام 2012 مما أدي إلي تراجع وتباطؤ عجلة الإنتاج كما أن ظاهرة التهريب في قطاع الملابس الجاهزة والمنسوجات من الخارج بلغت 16 مليار جنيه وتباع في السوق بأسعار زهيدة لا ترقي إلي تكلفة الإنتاج الحقيقية مما جعل أصحاب المصانع عاجزين عن تصريف منتجاتهم وسداد التزاماتهم المالية وأيضا نتيجة للتعثر والتهريب وعدم حماية المصانع ووضعها في بيئة غير تنافسية أدي إلي التعثر المالي لتقاعس الدولة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة التهريب وتصحيح القوانين الخاصة بالاستيراد. أوضح أن الاقتراحات علي مكتب وزير المالية وتم عرض مطالب الغرفة ووعدنا المسئولون بالحل ولكن التغيير الوزاري الجديد يجعلنا نخشي التأخر في الاستجابة لمطالبنا ونأمل أن يقوم وزير المالية باستكمال المسيرة وترشيد الاستيراد بهدف إتاحة الفرصة للمنتج المحلي للظهور الإيجابي بالأسواق وجذب المستهلك وضرورة العمل علي رفع قدرته التنافسية بما يدعمه في مواجهة المنتجات المستوردة التي تنافس بأسعار مغرية. يقول طلبة رجب - رئيس اتحاد منتجي ومصدري الملابس الجاهزة ووكيل غرفة الصناعات النسيجية: تعود أزمة إغلاق مصانع الغزل والنسيج في عدة محافظات إلي أن الدولة كانت تدعم الاستيراد من الخارج وهو ما فتح أبواب التهريب علي مصاريعها مما أغرق السوق المصرية بمنتجات رخيصة أسهمت في ضرب الصناعة المحلية. أشار طلبة إلي أن ارتفاع تكاليف الإنتاج وأجور العمال وكثرة الاحتجاجات والإضرابات والفوضي. تسببت في إغلاق كثير من المصانع في شبرا الخيمة والمحلة الكبري والعاشر من رمضان. وأفقدت العامل قدرته علي التركيز وأحدثت مشكلات في معايير الجودة. أضاف أن صناعة الغزل والنسيج صارت عبئا كبيرا علي الصناعات المصرية وغير البعض نشاطه من إنتاج الأقمشة إلي شركات للاستيراد من الصين وجنوب شرق آسيا. فضلا علي أن السياسات المصرفية والنقدية لا تدعم الصناعة الوطنية ورفعت يدها عنها نظرا لارتفاع تكلفتها وعدم ضمان سداد الأموال أو نجاح المشروع فضلا علي تدهور الاقتصاد المصري وتوقف الإنتاج وهو ما أساء لصورة مصر في الخارج.