السيارات مثل البيوت،فداخل كل سيارة حكاية،وخلف عجلة القيادة تتعدد حكايات من يمسك بها،فهذه »الهانم»التي تقود سيارتها قد يظن البعض أنها في طريقها إلي النادي لقضاء بعض الوقت تحت الشمس الدافئة أو إلي المول التجاري للتسوق، ولايعرف كثيرون أنها »بمائة رجل»، حيث تركها زوجها هي وأولادها بلا نفقة للمعيشة فلم تجد أمامها مفرا من ان تزاول علي سيارتها الخاصة مهنة »التاكسجي» التي كانت في يوم ما للذكور فقط. »رحاب» السيدة الثلاثينية قررت كسر كل القواعد والتقاليد وحولت سيارتها الخاصة إلي مشروع يدر ربحا عليها وعلي ابنها الوحيد..انضمت إلي الشركة المعروفة واشتغلت »سائقة »ولم يكن الجري وراء »لقمة العيش» فقط هو السبب،وانما عشقها وحبها لمهنة القيادة،وكما تقول لنا :انا خريجة كلية الاعلام وسافرت إلي الامارات لفترة وبعد رجوعي، فشلت في الحصول علي وظيفة فكان القرار النهائي بتحويل سيارتي الخاصة إلي ملاكي،وتعرضت رحاب في البداية لكلمات السخرية من اقاربها لدرجة ان والدها نفسه قال لها »تاكسجية» فيما كان ابنها يردد :» ماما شغالة أوبر» كانت رحاب علي وعي منذ البداية بأنها قد تتعرض لمضايقات من الرجال ولكنها لم تكن خائفة وتقول: »فوجئت بأن أكثر المضايقات تأتي من النساء الخوف الوحيد لدي رحاب من عدم تقنين وضع الشركات العاملة في مجال الأجرة، وتقول: قد يعرضنا ذلك في كثير من الأحيان إلي خطر سحب الرخص، ولكن اذا كانت الحكومة تري ان الضرائب هي حقها، فأين واجباتها في تنظيم الشوارع وعمل الإشارات،و الاهتمام بنظافة وسلامة الطرق؟! أما »نجوي فهي أم لأربعة أطفال والعائل الوحيد لهم بعد انفصالها عن زوجها منذ عدة سنوات، وصممت علي أن تتحدي كل الظروف والنزول إلي سوق العمل، والتحقت فعلا بالعديد من الوظائف التي لم تدر عليها دخلا جيدا للمعيشة بشكل جيد، فقررت البحث عن وظيفة اخري وبعد عدة تعاملات مع شركة »التاكسي الملاكي» وعلمها بقواعدها، قررت العمل معها بسيارتها الخاصة، وتقول :كان توتري شديدا في البداية،خاصة بسبب مضايقات السائقين وكلمات الاستنكار التي كانت تهز أذني»، ولكن سرعان مازال كل ذلك بسبب كلمات التشجيع التي استقبلتها من العملاء،وتشير نجوي إلي جملة قالها لها أحد العملاء » اعتبري نفسك أذكي واحدة في العالم علشان تفادي أخطاء غيرك». ولا تختلف حكاية »أ..ن» كثيرا، فهي أم لأربعة أطفال، انفصلت عن زوجها لتصبح الأم والأب لهم، ولم تجد سوي العمل كسائقة عن طريق أحد أقاربها الذي خاض نفس التجربة قبلها، وصادفتها هي الأخري العديد من المضايقات من قبل سائقي التاكسي فهي في عينهم تسرق لقمة عيشهم لأنها تعمل سائقة تاكسي علي سيارتها الخاصة، وتشير إلي اصعب المواقف التي تعرضت لها،عندما التف حولها 5 من سائقي التاكسي،وطلبوا منها النزول من سيارتها وهم يوجهون لها وابلا من السباب والشتائم،وشعرت في هذه اللحظات بأن نهايتها اقتربت وانهم سيفتكون بها،ولكنها استجمعت كل ما تمتلكه من قوة وقررت مواجهتهم، وحاولت استعطافهم في البداية بعبارات تلين لها القلوب وقالت لهم بالحرف: »انا مطلقة وبصرف علي اولادي واللي سابني راجل زيوا زيكم، بتعترضوا طريقي عشان بشتغل شغلانة حلال، لكن لو اشتغلت في الحرام ولا واحد هيقرب مني ! »،وعندها لانت القلوب لحديثها، وازاحوا سياراتهم لتمر بسلام.