يظل الدكتور طه حسين هو أحد أعمدة الفكر والأدب العربى ولقب بعميد الأدب العربى، وأيقونة فكرية في تاريخ الثقافة العربية وقد كتب في النقد الأدبى والتاريخ الإسلامى والتراجم الإسلامية وكتب الرواية والسيرة الذاتية، كما أثار الكثير من الزوابع بسبب فكره التنويرى والاشتباكي ولاسيما كتابه «فى الشعر الجاهلي» الذي أحدث ضجة كبرى بين أوساط المحافظين. أما عن سيرته فقد تضمن كتابه الأيام الكثير من تفاصيلها وهناك فيلم عن حياته لعب بطولته الفنان محمود ياسين ومسلسل الأيام الذي لعب بطولته الفنان أحمد زكي ومازلنا نذكر لقاءً تليفزيونيًا أجرته معه الإعلامية ليلي رستم وكان حاضرًا فيه بمداخلاتهم كوكبة من الكتاب كان من بينهم عبدالرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ. وهو مولود في 14 نوفمبر 1889، بقرية الكيلو قرب مغاغة بمحافظة المنيا، ولما بلغ الرابعة أصيب بالرمد وفقد بصره وألحقه أبوه بكتّاب القرية فتعلم العربية وحفظ القرآن، وفى 1902 التحق بالأزهر ونال شهادته، لكنه ضاق ذرعًا بالدراسة لرتابتها، فلما فتحت الجامعة المصرية أبوابها سنة 1908 كان أول المنتسبين إليها، وإن ظل يتردد على الأزهر حتى 1914، وهى السنة التي نال فيها شهادة الدكتوراة، وكان موضوعها «ذكرى أبى العلاء»، التي أثارت ضجة في الأوساط الدينية، كما اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة، وفى العام نفسه أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبيلية بفرنسا، في بعثة دراسية فدرس الأدب الفرنسى وعلم النفس والتاريخ الحديث وبقى هناك حتى 1915. ولما خاض معركة المقارنة بين التدريس في الأزهر والجامعات الغربية قرر المسؤولون حرمانه من المنحة وتدخل السلطان حسين كامل وأوقف القرار وعاد إلى فرنسا لمتابعة الدراسة في باريس وأعد الدكتوراة الثانية عن (الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون)، وتزوج سوزان فكانت خير سند وداعم له، ولما عاد لمصر في 1919 عين أستاذًا للتاريخ اليونانى في الجامعة الأهلية المصرية، فلما صارت حكومية في 1925 عينته وزارة المعارف أستاذًا فيها للأدب العربى، فعميدًا لكلية الآداب في 1928، لكنه قدم استقالته بسبب ضغوط وفدية، لانتمائه للأحرار الدستوريين. وكان في 1926 قد أصدر كتابه (فى الشعرالجاهلى) الذي أحدث ردود فعل غاضبة، وتوالت إصداراته، فأصدر على هامش السيرة و«فى الأدب الجاهلى» و«دعاء الكروان» و«شجرة البؤس» و«المعذبون في الأرض» ومستقبل الثقافة في مصر. وفى 1930أعيد إلى عمادة الآداب، ولما أرادت الجامعة منح الدكتوراة الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية رفض، فأصدر وزير المعارف قرارا بنقله لوزارة المعارف، ورفض طه حسين، وأحالته الحكومة إلى التقاعد سنة 1932 فانصرف إلى العمل الصحفى، لكنه تركه في 1934وقد أعيد إلى الجامعة بصفته أستاذًا للأدب ثم عميدا لكلية الآداب بدءًا من 1936، وعلى إثر خلافه مع حكومة محمد محمود استقال من العمادة لينصرف إلى التدريس في الكلية نفسها. وفى 1950 صار وزيراً للمعارف حتى 1952، وفى 1959 عاد إلى الجامعة مجددا بصفته أستاذاً غير متفرغ، كما عاد إلى الصحافة، وكان في 1926 قد ألف كتابه «فى الشعر الجاهلى» الذي خلص فيه إلى أن الشعر الجاهلى منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين، فتصدى له كثيرون وقاضاه عدد من علماء الأزهر، وبرأته المحكمة، إلى أن توفي «زي النهارده» في 28 أكتوبر 1973.