وزير التربية والتعليم يزور مدرسة «كوازاه» الفنية الصناعية في طوكيو    محافظ المنيا: تحصين 181 ألف رأس ماشية ضد الأمراض الوبائية لحماية الثروة الحيوانية    الهيئة الدولية لدعم فلسطين: إعلان المجاعة في غزة إدانة واضحة لإسرائيل بارتكاب جرائم إبادة وتجويع جماعي    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    النصر يواجه الأهلي في نهائي السوبر السعودي    ضبط شخص يزور تأشيرات السفر للنصب على المواطنين راغبي العمل بالخارج    هبات رياح وارتفاع حرارة ورطوبة.. تعرف على طقس مطروح اليوم السبت    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    البيئة تعلن الانتهاء من احتواء بقعة زيتية خفيفة في نهر النيل    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    محافظ أسوان يتفقد مشروع مركز شباب النصراب والمركز التكنولوجى بالمحاميد    رئيس مدينة الأقصر يناقش مع رؤساء الأحياء ملفات تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    خبير علاقات دولية: إعلان المجاعة في غزة يكشف سياسة التجويع الإسرائيلية الممنهجة    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    ظهر أحد طرفيها عاريا.. النيابة تحقق في مشاجرة بمدينة نصر    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    "اتحاد المقاولين" يطالب بوقف تصدير الأسمنت لإنقاذ قطاع المقاولات من التعثر    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    محمد مكي يعالج الأزمة الهجومية في المقاولون قبل مواجهة بتروجت    لا دين ولا لغة عربية…التعليم الخاص تحول إلى كابوس لأولياء الأمور فى زمن الانقلاب    صراع الأجيال وتجديد الدماء    البابا تواضروس يترأس قداس تدشين كنيسة القديس مارمينا العجايبي بالإسكندرية    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «متبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    شباب في خدمة الوطن.. أندية التطوع والجوالة يعبرون رفح ويقدمون المساعدات لقطاع غزة    العمل والبيئة ينظمان دورة تدريبية حول الاستخدام الآمن لوسائط التبريد والتكييف بسوهاج    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    ابنة سيد مكاوي عن عودة شيرين لحسام حبيب: فقدت تعاطفي معها    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    إصابة 3 أشخاص في حادث سير بوسط سيناء    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    ما هي اختصاصات مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري بقانون الرياضة بعد التصديق عليه؟    إرهاب الإخوان في ثلاجة القرارات الأمريكية.. لعبة المصالح فوق جرائم الجماعة    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضية الأولي: الدستور الديمقراطي
نشر في الأخبار يوم 06 - 03 - 2011

الثورة ليست مجرد فوران عابر لا يغير من الواقع المصري شيئا. ولا يصح ان تنحصر الاهداف في مجرد تغيير الوجوه او استبعاد المسئولين السابقين او الفاسدين.. ذلك ان التخلص من الحكم السلطوي يقتضي مجموعة من الاجراءات بهدف تأسيس مرحلة جديدة.
ولما كانت مشكلات ما بعد الثورة يمكن ان تجهض كل الآمال المعلقة علي التغيير.. فاننا نلفت النظر الي أهمية وخطورة ودقة المرحلة الانتقالية التي يمكن ان تكون مليئة بالالغام.
والملاحظ انه وسط قائمة طويلة من المطالب.. يغيب المطلب الرئيسي الذي بدونه لن يتحقق الانتقال الي الديمقراطية، التي انتفض الشعب كله من أجلها.
وقطع الصلة مع عقود طويلة من الحكم الفردي الديكتاتوري.. لا يتحقق عن طريق تغيير وزارة أو أحد المسئولين في النظام السابق، وانما عن طريق دستور ديمقراطي جديد يجعل من الامة مصدرا للسلطات، ويجعل من البرلمان المنتخب من خلال انتخابات نزيهة وحرة تحت اشراف قضائي وبدن أي تدخل من الاجهزة الامنية والادارية..، صاحب السلطة الحقيقية الذي يختار حكومة من الحزب الذي يحصل علي الاغلبية، علي ان تكون هذه الحكومة مسئولة امام البرلمان.
اننا في حاجة الي إعادة تأسيس مفهوم الامة وعن حقوق المواطن، التي هي اساس الدولة المدنية الحديثة.
ومعلوم ان أي حراك لا ينطلق من تثبيت قواعد الدولة الحديثة يشكل اهدارا للوقت، لان الحرية والمساواة بين المصريين واستقلال ارادتهم هما الشرط اللازم لاستعادة المواطنين الي دائرة الانتماء الوطني وثقافة المواطنة.
والثورة المصرية ليست معنية بنصيب زعامات فردية او اقامة دولة تعيد انتاج السلطة المستبدة، وانما نريد مجتمعا حرا يحكمه تشريعات تضمن حقوق الانسان، والضمان يوجد في الدستور الذي يفصل بين السلطات ويضع قواعد المساءلة والمحاسبة وينزع الثقة من الحكومة التي لا تلبي مطالب الشعب ومن أي وزير منحرف... دستور يكفل التداول السلمي الديمقراطي للسلطة.. وعدالة توزيع الاعباء وتوزيع الثروة ويفتح الطريق لايجاد حلول للفقر والتهميش والبطالة والتفاوت الاجتماعي ولمأساة التعدي علي قيمة العمل الاجتماعي.. وكلها مظاهر لعبودية من نوع جديد.
ويعرف الجميع ان المواطنين عانوا طويلا من مشكلة انتهاك القانون.. بواسطة القانون »!« وان الثروات الفاحشة التي تم جمعها عن طريق السرقة المنظمة جرت بواسطة تشريعات وقوانين وضعت خصيصا لتسهيل السطو علي المال العام.
والمطلوب هو العقد الوطني الاجتماعي الذي يشكل برنامجا للتغيير، حتي يمكن استئصال امراض المجتمع واعادة »المعني« الي حياة البشر.. علي هذه الارض.. بعد ان أصبحت الفوارق الاجتماعية اكثر.. وحشية وتدهورت اوضاع فئات اجتماعية إلي أدني درجات السلم الاجتماعي، وتحولت السلطة الي حفنة من اصحاب الامتيازات التي تستعين بكل ما هو ظلامي ومتخلف علي حساب كل ما هو إنساني.
عاش المصريون عقودا طويلة في ظل نظام يرد علي مطلب الديمقراطية بالفتنة، وعلي مطلب الحرية بالعبارات الانشائية، وعلي مطلب العدالة.. باستخدام القوة الغاشمة. كان كل شيء يخضع لضرورة الحفاظ علي السلطة والنظام القائم وحماية العائلة السياسية وضمان ولاء »الرعايا« وتبعيتهم للنخب الحاكمة وتنمية الاموال المنهوبة من الثروات القومية ولم يعد في ثقافة النظام الحاكم شيء اسمه الامة او الشعب، المهم ان يبقي الحاكم.. حاكما بلا قيود او شرط والي ما لا نهاية!
الشعوي تصنع تاريخها الآن.
وسقطت شرعية أنظمة القمع في كل مكان. وانتهت الاوهام التي كانت تسيطر علي الطغاة وتجعلهم يتصورون أنهم يملكون البلاد والدولة والارض والسكان والموارد.
لقد استنفد الحاكم صلاحيته منذ وقت طويل، وسقطت مرحلة تاريخية كاملة بكل عناوينها السابقة.. وذهبت الي غير رجعة سياسة التنكر والرفض للمشاركة الشعبية بذريعة عدم نضج الشعب لممارسة الحرية والديمقراطية أو بحجة التحديات الامنية الخارجية.
وحان وقت وضع آليات الانتقال الي الديمقراطية وبناء مؤسسات لنظام جديد واستكمال عملية التغيير، وذلك بوضع الدستور الذي ينظم حياة البلاد والدولة.
والمواطن لا ينتظر صحة من حاكم بعد الآن بل ينتزع لنفسه حقوقه الديمقراطية والانسانية والحرية والكرامة والعدالة.
ولما كان هذا الشعب لا يقل نضجا وأصالة ووعيا عن غيره من الشعوب فانه يستحق أن يضع لنفسه أرقي الدساتير.
ولما كان الشعب قد امتلك زمام المبادرة وإرادة التغيير، فهو يستطيع القيام بهذه المهمة في فترة زمنية قياسية، دون إهدار للوقت.
لسنا في حاجة الي تعديلات وزارية أخري.
ولسنا في حاجة الي استبدال مسئول.. بآخر.
ولكننا في حاجة الي انتاج ثقافة سياسية جديدة.. تنهي المزاوجة بين السلطة والثروة وتضع حدا لاحتكار العمل السياسي ولاذلال المواطن وكتم انفاسه، وتكون أمينة علي الثروات الوطنية.
والدستور الديمقراطي ينبغي ان يكون البداية والمدخل.. قبل اي خطوات أخري، فلا يمكن ان يتم انتخاب برلمان او رئيس في ظل دستور 1791 الذي يحتوي علي عشرات المواد التي تمنح رئيس الجمهورية سلطات مطلقة يمكن ان تفسد اي عملية انتقال الي نظام سياسي جديد.
الشعب المصري علي موعد مع التاريخ. وقطار التغيير تحرك، ولن يكون بوسع كائن- مهما كان- إيقافه.. ومصر الديمقراطية يمكن أن تستعيد أمجادها، وتستعيد قيادة الامة العربية، وتعود مركز اشعاع حضاري وثقافي ومنارة للتقدم والتنوير.
واذاكانت الثورة قد أعادت الاعتبار للمواطن، واعلنت ان زمن الحكم الفردي المطلق قد ولي الي الابد، وان كلمة مواطن ومواطنة تعود الي القاموس السياسي وان »المغول الجدد«، الذين استباحوا الوطن والمجتمع وجعلوا من أنفسهم آلهة لا يملكون اي إحساس بما يعانيه شعبهم.. فان الواجب- بل الضرورة القصوي- يحتمان الآن اتباع الخطوات المنطقية لتحويل الحلم الي حقيقة واقعة.
ولابد أن تكون اولي هذه الخطوات هي الدستور الديمقراطي الذي يقيم جمهورية برلمانية تنهي لأول مرة منذ آلاف السنين حكم الفرد الذي يضع نفسه فوق كل القوانين ولا يخضع لأي مساءلة او محاسبة ويملك الحق في تقرير مصير الوطن والشعب.
وبدون ذلك.. فإن البرلمان الذي سوف ننتخبه لن تكون له قيمة أو دور ولن يختلف عن مجالس الشعب السابقة.. وبدون ذلك سوف تظل الحكومة بلا سلطات.. وتنتظر التوجيهات والتعليمات الصادرة من »الزعيم الاوحد« و»القائد الضرورة« و»الرئيس الملهم والحكيم« الذي وهبته السماء لمصر »!!«.
وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظل الدستور الحالي »دستور 1791« سينطوي علي مخاطرة كبري، لاننا قد نشهد نزاعا أو صداما بين رئيس جديد يوفر له الدستور الحالي كل السلطات.. وبرلمان يحاول أن ينتزع لنفسه القدر الممكن من السلطات لكي يتم التوصل، في نهاية المطاف، الي مساومات وحلول وسط تحت عنوان »التوازن بين السلطات« تبقي في يد الرئيس ما يكفي من تلك الصلاحيات المطلقة التي تغري كل من يملكها بأن يعمل علي توسيعها ليكون صاحب الامر والنهي علي حساب ممثلي الشعب.
ولم تندلع الثورة لكي يكون محور برنامجها رجلا أو زعيما وإنما لكي تعود الامة الي المسرح السياسي وتكون صاحبة القرار من خلال ممثليها الحقيقيين.
والدستور هو المفتاح الاساسي لكل ما سيجري لاحقا من خيارات واجراءات واصلاحات.
إما ان نغرق أنفسنا في تفاصيل وجزئيات علي حساب القضية الحيوية والرئيسية الكبري- الدستور الديمقراطي الذي يضمن إقامة مجتمع ديمقراطي حقيقي- فان ذلك قد يعرض الثورة لخطر الاختطاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.