قال الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة إن الكلية شكلت لجنة لإعداد دستور جديد كامل للبلاد مفسرا هذه الخطوة بأنها تأتي ردا علي من يقولون بان إعداد الدستور الجديد يتطلب وقتا طويلا. وأكد كبيش في حواره للأهرام المسائي أنه لابد من تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية مشيرا إلي أن التعديلات الدستورية بشكل عام لاتكفي حيث يجب أن يواكب هذا تغيير في العقلية نفسها. وأضاف أن مجلس الشوري ليس له دور وأن الاحزاب الحالية هي احزاب ديكورية لا تصلح لاحداث التغيير الجذري المنشود لافتا إلي أن جهاز الشرطة يعاني من مشكلات كثيرة بالاضافة إلي المؤسسة القضائية برغم شموخها فانها ليست سليمة بنسبة100%. وناقش الدكتور محمود كبيش عميد حقوق القاهرة عددا من القضايا المرتبطة بالثورة في مستقبلها في الحوار التالي: * ما هي الخطوط الرئيسية للجنة التي شكلتها كلية الحقوق من أجل إعداد دستور للبلاد؟! * لقد بادرنا بتشكيل لجنة رفيعة المستوي تضم نخبة من اساتذة القانون الدستوري والقانون وحسب رؤيتي فإن إعداد دستور كامل ليس بالأمر الصعب ولا يكفي تعديل بعض مواد الدستور إنما يتعين وضع دستور جديد في جمعية تأسيسية يدخل في تكوينها كفاءات دستورية وقانونية تعبر في الوقت نفسه عن الاتجاهات أو القوي السياسية المختلفة في المجتمع فضلا عن شخصيات عامة تكون لها رؤية في هذا الشأن بصرف النظر طالما أن ذلك لم يتم من قبل المجلس الأعلي للقوات المسلحة إننا لم نشأ أن يكون دورنا سلبيا علي الأقل من ناحية الدور العلمي ولذلك أنتهي الرأي بين أساتذة الكلية إلي تشكيل لجنة لوضع دستور جديد أو رؤية لمشروع جديد نثبت به أن تعديل أؤ تغيير الدستور تغييرا كاملا لايستغرق الوقت الذي قيل إنه مبرر لعدم احداث تغيير شامل. * كيف تتصور شكل الدستور الجديد؟ * لاحظنا أن عدم وضع دستور جديد أمر في غاية الخطورة لأن الاقتصار علي تعديل بعض المواد معناه أن كثيرا من النصوص التي لا تتلاءم مع المرحلة المقبلة سيبقي برغم قيام الثورة التي تعني إحداث التغيير الشامل في المجتمع خاصة ان المسألة لاتقتصر فقط علي وضع تغيير قواعد اختيار رئيس الدولة إنما النظام السياسي لم يتحدث عنه أحد برغم أن وضع النظام السياسي المقبل مسألة مهمة تحتاج الي إعادة نظر فهل يتم الأخذ بالنظام البرلماني أو الرئاسي أو الدمج بين الاثنين كما أنه إذا تم اختيار رئيس جهورية علي أسس ديمقراطية وظلت سلطاته غير المحدودة الموجودة في الدستور الحالي أو النصوص الحالية مسألة في غاية الخطورة ولم نفعل شيئا حتي الآن بالاضافة إلي أن العلاقة بين السلطات المختلفة في الدولة السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية مسألة تحتاج الي إعادة نظر خاصة وأننا في بعض النصوص نحتاج إزالة كاملة مثل النصوص المتعلقة ب50% عمال وفلاحين التي يتفق الجميع أنه نص لايتعين أن يبقي علي الاطلاق نظرا لأنه لم يعد ذا قيمة فتحديد نسبة أو كوتة معينة للمرأة يتنافي مع مبدأ المواطنة الذي ينص عليه الدستور ويؤدي الي وجود تناقض كامل بين النصوص الدستورية المختلفة. * هل تؤيد وجود مجلس الشوري؟ * لم تكن هناك ضرورة لوجوده لأننا لسنا في دولة فيدرالية تحتاج إلي تمثيل متوازن من خلال مجلس الشوري مثلما يحدث في الدول المتقدمة التي أخذت بنظام المجلسين واعتقد أن الاسباب التي دعت إلي إنشاء مجلس الشوري وجعله أحد جناحي البرلمان في مصر مرفوضة فكون أن رئيس المجلس يشرف علي قيام الاحزاب أو المجلس الأعلي للصحافة أو إلي غير ذلك مسألة لم تعد مقبولة من كل القوي السياسية في المجتمع ومن منابع الثورة فكيف تبقي هذه الأمور ونحن امام مرحلة جديدة مختلفة تماما إننا بذلك وكأننا لم نفعل شيئا مع الأخذ في الاعتبار أنه لو ظلت كل هذه النصوص وغيرها فستبقي معوقة ولنأخذ علي سبيل المثال مسألة إعلان حالة الطوارئ التي تحتاج إعادة نظر وهي غير محددة علي الاطلاق وتعطي فرصة في إعلان حالة الطوارئ وإبقائها حسبما يتراءي للنظام لذا لابد أن يتم وضع قيود معينة علي السلطات القائمة علي الإعلام أو حتي علي مجلس الشعب بحيث يتم وضعها في الدستور حتي لا تسمح بما حدث في الماضي وإذا لم يتم تعديل جذري وشامل في الدستور في الوقت الراهن فإننا بذلك نسمح بأن يأتي رئيس جمهورية منتخب في المرحلة المقبلة يحظي بكل السلطات الموجودة في الدستور الحالي ثم نطالبه بتعديل دستوري لتقييد سلطاته وهذا غير منطقي ثم كيف تسمح باختيار مجلس أو برلمان معيب سيفرض علي الوطن والمجتمع لمدة5 سنوات قادمة سيتم اختياره وفقا للقواعد الحالية ويعني تأجيل الإصلاحات في المجتمع لمدة5 سنوات مقبلة علي الأقل بعد اختيار رئيس الجمهورية وهناك تساؤل مهم: ما هي ضرورة إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري في المرحلة القريبة المقبلة؟ الاجابة هنا انه ليست هناك ضرورة علي الاطلاق لسبب بسيط هو أنه يمكن اختيار رئيس الجمهورية ثم تجري بعد ذلك انتخابات مجلسي الشعب والشوري ولذلك فإن التفكير كان في اللجنة التي تم تشكيلها في الكلية ينتهي إلي وضع دستور جديد حتي يمكن أن نقول ان الثورة بدأت في تحقيق أهدافها الحقيقية حتي لانبدأ مرحلة جديدة علي نفس الأسس السابقة سوف يعيش المجتمع خلالها فترة الشعور بعدم تحقيق جديد. * نحن في حالة شرعية ثورية فما هو السبب وراء تأجيل الدستور؟ * لسنا في حاجة إلي وقت طويل كما يقول البعض لوضع دستور جديد خاصة انه ليس هناك قيود علي القيادة السياسية الحالية في أن تتخذ ما تشاء نظرا لانها تتخذ كل إجراءاتها وقراراتها استنادا إلي إرادة الشعب وإذا سألنا المتخصصين في الدستور سيقول حتما اننا لسنا في حاجة إلي وقت طويل لكي نبدأ بداية صحيحة وأعتقد أن الشعب بأكمله متعلمين وغير متعلمين تثقفوا في الفترة الأخيرة من خلال الإعلام وايضا من خلال النواحي القانونية والدستورية بصفة عامة وأنهم يرون أنه ليس هناك مانع من البدء ببداية صحيحة. * ذكرت أن المستقبل مضمون بالدستور الجديد؟ كيف يحدث هذا؟ * هذا اعتقاد بالبداية الصحية والسليمة ولذلك انتهينا في اللجنة إلي توزيع أبواب الدستور المختلفة علي الاساتذة ذوي الكفاءات العالية كل سيضع تصوره للنصوص التي يحتويها هذا الباب ثم بعد ذلك حينما ينتهي الاساتذة من رؤيتهم سوف نقوم بعقد اجتماع مطول لمدة يوم أو اثنين لمناقشة ما انتهوا إليه ونضع تصورا لمشروع دستور جديد كامل ومتكامل يتفق مع رؤية ومطالب الثورة. * هل يعتبر هذا امتدادا لتاريخ كلية الحقوق التي كان لها دور في صياغة دستور1954 ؟! * بالتأكيد الكلية تضم كل كبار الفقهاء الذين ساهموا في صياغة كل الدساتير حتي في الحركات السياسية والثورات السابقة منذ عهد عمادة وحيد رأفت ومن أيام ثورة23 يوليو وايضا دستور1936 وكان دائما لاساتذة كلية الحقوق دور فيها نظرا لأنها تضم خلاصة فكر القانون الدستوري في مصر وفي العالم العربي ليس معني ذلك أن كلية الحقوق ترغب في أن يكون لها دور في تعظيم شأنها وإنما عليها واجب في المرحلة الحالية أمام الشعب لأن الشباب العظماء الذين قادوا هذه الثورة لهم مطالب عامة واضحة ورائعة ومشروعة وهي مطالب الشعب كله المنضم إلي الثورة لكن خبراتهم وامكاناتهم لايستطيعون ويحتاجون من يدعمهم لكي تأخذ هذه المطالب طريقها إلي الصيغ القانونية والدستورية الصحيحة ونحن إذا لم نقم بهذا الدور كل في مكانه في الوقت الحالي فأعتقد أننا سنكون محلا للمساءلة امام الله سبحانه وتعالي والمساءلة المعنوية امام الشعب حتي بعد مماتنا لذا كانت هذه هي نقطة الانطلاق في إقامة اللجنة داخل الكلية. * ما رؤيتك للاحزاب في المستقبل؟ هل يتطلب وجود أحزاب قادرة وفاعلة ايضا مع حرية تكوينها والقيام بإنشائها؟ * هذه تمثل مشكلة حتي الآن فلكي تحدث انتخابات صحيحة للبرلمان لابد أن توجد احزاب قد بدأت في التشكيل احزاب تكون حقيقية لان الاحزاب الحالية لا علاقة لها في الوقت الراهن بوضعها الحالي فجميعها احزاب ديكورية انشأها النظام السابق بدليل أن رؤساءها وبعض أعضائها مثل الاحزاب الكبيرة عينوا وتم تزوير الانتخابات لهم لادخالهم مجلس الشوري فكيف نثق في هذه الاحزاب في أن تقود عملية تشكيل البرلمان المقبل في الوقت الراهن فالتغيير الجذري أصبح مطلوبا وأناشد المجلس الأعلي للقوات المسلحة الصبر في المرحلة المقبلة لأننا لسنا مستعجلين لأن الوطن في يد أمينة خلال المرحلة المقبلة إلي ان ننتظر قليلا حتي نحدث التغيير الجذري في الدستور ثم بعد ذلك ننطلق إلي المرحلة التالية خاصة ان الوضع ومقادير الامور في يد القوات المسلحة وهم أعلنوا أن لا حاجة لهم بالسلطة في المستقبل وأنهم أمناء حتي تقام الحكومة أو الدولة المدنية وأتمني أن ننتظر قليلا لوضع دستور جديد لأنه مطلب شعبي. * ما رؤيتكم لقضايا الفساد التي تعتبر جزءا من اشتعال المطالب الفئوية وكيف تتم محاسبة كل المقصرين أو الفاسدين في حق الوطن في هذه المرحلة الانتقالية؟ * لا أحد ينكر أن مصر كانت تعيش حالة فساد كامل في ظل النظام السابق من رأسها إلي قدميها وفساد لم تشهده مصر في أي مرحلة من مراحل التاريخ واعتقد علي المستوي العالمي فساد ليس له مثيل وأنه لابد من مواجهة هذا الفساد بالطرق القانونية لكن توجد نقطة أخري هي أن إلقاء الاتهامات جزافا غير مطلوب كما أن الحفاظ علي الاقتصاد القومي مسألة اساسية واعتبارات يجب أن يتم أخذها في الحسبان فلايوجد مانع في حالة ثبوت واقعة فساد أن يتم القضاء عليها من دابرها لكن كل هذا ليس له علاقة بالمطالب الفئوية وهي أسوأ ما خلفته الثورة ولا علاقة لها بمطالب الثورة وتوجهاتها وكنت أتمني من الذين يطالبون بمطالب فئوية وهي في كثير من الأحيان غير مشروعة أن ننتظر لحين إقامة الدولة التي جرحت واصيبت في سبيل تحقيق أهدافها الاساسية ومن الطبيعي أنه سوف تتم إعادة تنظيم الأمور وكل فرد سوف يأخذ حقه لكن أن ينقض البعض علي مؤسسات الدولة العامة أو الخاصة من أجل المطالبة بتحقيق مصالح شخصية سكتوا عنها لسنوات وسنوات وفي هذه اللحظة يقومون بالمطالبة فإني أصف ذلك بأنه نوع من الاستغلال الانتهازي لوضع دولة تتسم بالضعف ولن يتحقق لهم مطالب علي الاطلاق ومن وجهة نظري أن الاستجابات السريعة التي تمت من المسئولين للمطالبات برفع الاجور أو تعيينات للموظفين بهذه السرعة الفائقة معناها أننا مازالنا نعيش في نفاق لا يؤدي إلي نتيجة حقيقية ويجعلنا نلجأ إلي طابع البنكنوت من البنك المركزي وهذا لا يجوز علي الاطلاق وإلا سوف نتجه إلي عملية تضخم ورفع أسعار فيجب مواجهتهم بطرق سلمية وتوعيتهم لأن الناس الذين انقضوا علي المؤسسات المختلفة للطالبات بهذه السرعة خاصة في ظل عدم مشروعيتها واستغلالا لفكرة أن الصوت العالي يحقق نتيجة هؤلاء الناس يسيئون من ناحية إلي روح الثورة وقيامها وعظمتها التي أذهلت العالم كله فما يتم من ذلك ليس أكثر من إساءة إلي هذه الثورة لكن يحيا توحيد الصفوف حول المطالب الاساسية للثورة وهي تغيير أو إعادة بناء نظام بعد أن سقط نظام فاسد وغير سليم فإرادة النظام سوف تضمن لمن له حق أن يأخذ حقه وسوف تزيح من طريقها من ليس له حق فنحن نريد إقامة مجتمع سليم علي أسس سليمة يطالب بالإصلاح ومنع الفساد ومحاربته ولا يجوز ان يأتي عامل لآنه يشعر بأن لديه بعض المصالح الشخصية غير المبررة ويطالب أن يأخذها من أموال ليست من حقه فإذا كانت الثورة تدعو إلي الإصلاح فالمطالب الفئوية أعتقد أنها تدعو إلي الفساد والاغرب من كل ذلك أننا نتحدث عند مشاهدة مشهد غريب في سائل الإعلام ومن قبل المسئولين خاصة من السادة الضيوف وكأنه تعاطف مع هذه المطالب الفئوية للأسف الشديد أن هذه الآراء تأتي من شخصيات مثقفة يريدون ارضاء الناس بأي ثمن ويعتقدون أنهم بذلك يساهمون في تحقيق أهداف الثورة كان يجب علي الإعلام أن يقوم بدور مخلص ولا نمشي فيما يسمونه بالزفة مثلما مشينا في الفترة السابقة دون وعد لمجرد ارضاء الناس فالإعلام له دور خطير لأنه مازال حتي هذه اللحظة صامتا أو سلبيا في مواجهة هذه المطالب الفئوية. * هناك مطالب بوجود حكومة انتقالية وتطهير النظام ماذا يعني هذا؟ * أعتقد أن القائم بالثورة والشعب في مجمله يثق في القوات المسلحة في المرحلة المقبلة حتي لا نعوق المسيرة فنحن نثق جميعا في قيادة المجلس لكل هذه الأمور لأننا لو تحدثنا عن مجلس رئاسي سوف يؤدي ذلك إلي إحداث تصارع عمن يشارك فيه خاصة ونحن في فترة انتقالية وفي حالة استثنائية والمجلس الأعلي للقوات المسلحة يستجيب للمطالب لكن أناشده الاستعانة بمستشارين مخلصين في المسائل القانونية والدستورية خلال المرحلة المقبلة. أما عن تشكيل حكومة انتقالية فهي مشكلة بالفعل لأن الحكومة الحالية برئاسة الفريق أحمد شفيق شكلها رئيس الجمهورية السابق وتسقط بسقوطه لذلك قرر المجلس الأعلي للقوات المسلحة استمرار الحكومة كحكومة انتقالية خاصة ان هناك بعض الاصوات تؤكد أنها حكومة غير شرعية فهي شرعية بقرار المجلس الذي يعبر أيضا عن إرادة الشعب نظرا لأنه استمد شرعيته من الشعب كما يمكن ان يتم إعادة النظر في بعض السادة الوزراء الموجودين في هذه الحكومة ويجب تغيير كل الوجوه التي ارتبطت بالنظام السابق والافساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي داخل المجتمع لابد من تغييرها وأعتقد أن مصر مليئة بالكفاءات خاصة اننا نحتاج إلي السلام الاجتماعي في المرحلة المقبلة وان يكون لكل وزير رؤية سياسية وأعتقد أن المجلس في سبيله إلي ذلك. واتمني من اللجنة الحالية المشكلة لتعديل الدستور وعلي رأسها رجل عظيم مشهود له بالكفاءة والرؤية السياسية الثاقبة وتضم في عضويتها أناسا مشهودا لهم بالوطنية والكفاءة والاخلاص مثل طارق البشري وعاطف البنا فهي كفاءات رائعة وتعتبر الجمعية التأسيسية ويضاف إليها بعض العناصر السياسية وتعكف علي وضع دستور جديد قد يصل لمدة شهر أو شهرين ولا يوجد مانع من الاستفادة من كل هذه التطورات ونصل إلي رؤية نهائية ومن هنا نكون قد بدأنا بداية صحيحة. * كيف تكون المؤسسة القضائية في المستقبل؟ * أكون كاذبا وإنسانا منافقا إذا قلت كما يقول الجميع أن المؤسسة القضائية سليمة مائة في المائة فهي تحتاج إلي تأكيد استقلالها الحقيقي كل عناصره حيث ان بها عناصر متميزة فالمستشار عبدالمجيد محمود قمة في الاخلاص والوطنية والدليل علي ذلك أن كثيرا من القضايا التي أثارها في المرحلة السابقة استمر فيها وقام بتحريك الدعوي الجنائية في وقت كان النظام لا يرغب في ذلك إذن لابد في المرحلة المقبلة أن تستقل المؤسسة القضائية عن رأس النظام وأن يكون هناك نظام في اختيار القائمين علي هذه المؤسسة ولا يكون لرئيس الجمهورية أو وزير العدل سلطة عليها من قريب أو بعيد باعتباره ممثلا للسلطة التنفيذية الأمر الثاني أن المؤسسة القضائية تحتاج في المرحلة المقبلة وبما يتواءم مع روح الثورة إلي ضبط عملية التعيين حتي في المواقع الدنيا من العمل القضائي نظرا لأن أسلوب وظروف التعيين في الوظائف القضائية في المرحلة السابقة لايعتمد علي كليات العمل في الكفاءة ترتب علي ذلك حدوث العديد من المشكلات داخل هذه المؤسسة. * وماذا عن علاقة المؤسسة القضائية بالشرطة؟ * إنها علاقة في غاية الخطورة فنحن نتحدث الآن عن كيفية ضبط عمل جهاز الشرطة في المرحلة المقبلة وكيف نضمن عدم الاعتداء علي حقوق وحريات الافراد وعدم تلفيق الاتهامات. سمعت كثيرا في القنوات التليفزيونية ضرورة أن نضع قانون يعاقب رجل الشرطة الذي يحتجز شخصا بدون وجه حق أو وضع رقيب في كل قسم شرطة يضفي بآراء معينة عن طريق مؤسسة اجتماعية فالضوابط موجودة في القانون المصري في قانونا الإجراءات الجنائية وتسمح ليس فقط بضبط عمل قانون الإجراءات لكن بضبط عمل ضباط الشرطة والمشكلة تكمن في عدم تفعيل القواعد القانونية الموجودة فهناك قواعد تفرض علي إذن النيابة العامة كل في دائرة اختصاصاته أن يقوم بإجراء زيارات دورية لاقسام الشرطة ولاماكن الاحتجاز والسجون للبحث عما إذا كان هناك شخص محتجز بدون وجه حق يقوم فورا باخلاء سبيله وتحديد محضر بالواقعة وإقامة الدعوي الجنائية ضد ما يثبت من رجال الشرطة تورطهم في مثل هذه الوقائع فهذه القضية مرتبطة بالأوضاع السابقة خاصة ان90% من القضايا يقومون ضباط الشرطة بتلفيقها وهذا ما أدي إلي حدوث احتقان بين رجال الشرطة وأفراد الشعب ليس وليد احداث25 يناير لكن آن الأوان النظر في مثل هذه الأمور وتوجد نقطة أخري وهي أن المحاكم حينما تتبين هذا التلفيق تنتهي إلي البراءة فقط فهذه تعتبر جريمة أمام القاضي يجب إحالة الضابط المختص إلي النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية اضافة إلي أن فكرة التحريات السرية التي يأتي بها ضباط الشرطة تكون منعدمة المصدر وتقام عليها الكثير من القضايا حتي تنتهي إلي حكم الإدانة فمحكمة النقض أكدت أن التحريات التي يجريها ضباط الشرطة ليست دليلا وإنما هي رأي لمجريها يحتمل الصدق والكذب بل يحتمل التزوير ويوجد نص الدستور علي ذلك وعلي الرغم من أن هذا المبدأ أقرته محكمة النقض فكثير من الاحكام تعتمد علي هذه التحريات لمجرد طلبها من وكيل النيابة دون أن يقيم أدلة تؤكد إدانة هذا الشخص فيجب استقلال القضاء القانوني والفعلي وضرورة تفعيل رقابة القضاء لممارسات الشرطة للحد من حالات التلفيق التي كانت سببا أساسيا في الاحتقان بين الشعب والشرطة. *قبل البناء الدستوري يوجد انعدام ثقة بين المجتمع والجهات الإدارية والنظام السياسي كيف السبيل لإعادة هذه الثقة؟ * من هدم في عقود من الزمان لا يمكن أن يعود في يوم واحد أو في فترة زمنية وجيزة وإنما لابد أن يكون هناك أساس للثقة بعدها سوف يقوم الواقع بتدعيم هذه الثقة. * هل نحن في حاجة لوجود جهاز أمني سياسي؟ * وجوده أمر طبيعي لكن المشكلة تكمن في صلاحيات هذا الجهاز ودوره داخل المجتمع فلا يقتصر دوره فقط علي حماية شخص معين بل حماية أمن الدولة وأن يباشر عمله ومحاولة كشف ومواجهة الحالات التي تمس أمن الدولة لكنه في الفترة السابقة كان كل ما يشغله هو حماية النظام السياسي القائم أي حماية حزب معين ورئيس الحزب وأسرته ومن خلال ذلك تدخل في أمور لا علاقة له بأمن الدولة علي الاطلاق مثل التعيينات والاجتماعات والعمل العلمي والطبي فجهاز أمن الدولة( مؤسسة الأمن السياسي) دوره محدود في أي دولة في العالم لكنه في مصر اتسع بشكل كبير بسبب تركز نشاطه في حماية أمن شخص معين وضمان استمراره ثم لجأ بعد ذلك الي توسيع اختصاصاته الي غير حدود في أمور لا علاقة له بالأمن السياسي. * كيفية استرداد الأموال المنهوبة؟ * لابد من وجود قواعد وأعتقد خلال الفترة السابقة والمرحلة الانتقالية تمارس بعض أعمال ممن اعتدوا علي أموال الدولة لمحاولة اخفاء هذه الأموال لكن من الناحية القانونية إذ ثبت وجود أموال في أي دولة من دول العالم فسوف يتم استردادها بالطرق القانونية خاصة وأننا أمام حالها من حالات جريمة غسل الأموال وجميع دول العالم تعاقب عليها حتي بدون وجود اتفاقيات دولية والنتيجة الطبيعية هي مصادرة هذه الأموال بصرف النظر عن وجود اتفاقيات أو من عدمه. * هل تداول السلطة يحتاج الي مناخ سياسي آمن وغير مضطرب ويؤمن بالديمقراطية تداول السلطة لا يتوقف فقط علي وضع قواعد تسمح بالتداول وإنما يتطلب تغييرا في عقلية أو فكر الإنسان بل وتعليمه سياسيا كيف يدير شئونه ويتعرف علي كيفية تغيير الحاكم حينما يجد أنه لا يؤدي واجبه في خدمة الوطن ولا يلبي مطالبه. * تداول السلطة معناه وجود محاكمة ومحاسبة لكبار المسئولين من الرؤساء والوزراء بما تفسر ذلك؟ * أتوقع وأنا علي يقين أن يد المحاسبة سوف تطال جميع المفسدين في الفترة السابقة سواء أجلأ أو عاجلا لأن الشعب لن يسكت اطلاق عن محاسبة أي من المتورطين في أعمال الفساد في العصر السابق خاصة وأن النيابة العامة حريصة كل الحرص علي أداء واجبها في هذا الشأن.