وسامان جديدان علي صدر قضاة مصر. شهيدان جديدان ينضمان لقافلة الشهداء مع غيرهم من جنودنا البواسل في الجيش والشرطة، ومع مواطنين أبرياء سقطوا جميعا ضحية إرهاب منحط، مازال البعض - للأسف الشديد - يطالب بالحوار معه!! القاضي الجليل عمر حماد وكيل مجلس الدولة، ووكيل النائب العام الشاب عمرو مصطفي حسني سقطا شهيدين مع أربعة من المجندين ومواطن مدني في جريمة فندق العريش. كنا ندرك أن عصابات الإرهاب لن تسكت ومصر تقوم بالخطوة الأخيرة لاستكمال خارطة الطريق. كانت لطمة لأوباش الإرهابيين أن تتم الانتخابات بسلام في شبه جزيرة سيناء، كما في كل أنحاء البلاد. كانت أصوات الخيانة ترتفع من إعلام الدول العميلة التي تحتضن الإخوان بالتحريض علي التدمير والتخريب واغتيال جنودنا البواسل ومواطنينا الأبرياء. وكانت عصاباتهم في الداخل تختبئ من مواجهة الجيش والشرطة، ومن غضب الملايين من شعب مصر التي تدرك الآن - وأكثر من أي وقت مضي - أنه لا مناص من استئصال كل جماعات الإرهاب الإخواني والداعشي التي رفعت السلاح في وجه مصر، وخانت الوطن، وتلوثت أياديها بدماء أبنائنا. جبناء كعادتهم.. ذهبوا إلي فندق يقيم فيه القضاة الذين اشرفوا علي الانتخابات، والذين كانوا يستعدون للعودة بعد أن أدوا واجبهم علي أكمل وجه. تواجههم قوات الحراسة وتفشل محاولة تفجير الفندق علي من فيه. لكن يد الغدر تطال سبعة بينهم شهيدان من القضاة منهم المستشار عمر حماد الذي طلب منه زملاؤه ان يبقي في حجرته، لكنه رد بأنه سيخرج لعل أحدا يحتاج للمساعدة.. فكانت النهاية برصاصة من إرهابي منحط ليلاقي المستشار حماد ربه بعد حياة قصيرة لكنها ستظل في ذاكرة كل وطني مخلص لهذا البلد صفحة تجسد نزاهة القاضي ووطنيته. لم أذكر - وأنا أكتب قبل يومين فقط عن شركة المراجل البخارية - ان الشهيد حماد هو صاحب الحكم الذي كشف الفساد وأعاد للدولة ما تمت سرقته، تماما كما فعل في أحكام أخري مثل حكم أراضي «مدينتي» وغيرها. لذلك لم يكن غريبا أن يصر الشهيد علي الذهاب لسيناء للإشراف علي الانتخابات، رغم انه كان يستطيع ان يذهب إلي أي مكان آخر. ولم يكن غريبا أن يصر علي أن المواجهة هي أقصر طريق لضرب الإرهاب. ولم يكن غريبا أن يشيع اغتياله هذه الموجة من الحزن والفخر معا.. الحزن علي رمز من رموز القضاء الوطني الشريف، والفخر بأن ما حدث لن يزيد الجميع - وأولهم قضاة مصر - إلا اصرارا علي استكمال المهمة وأداء الواجب، ولن يكون إلا اثباتا جديدا علي انحطاط إرهاب لم يتخل عن ممارسة القتل والعنف منذ نشأ قبل أكثر من ثمانين عاما. ولم يتوقف عن محاولته الفاشلة لإرهاب القضاء منذ اغتيال الخازندار في الاربعينيات من القرن الماضي وحتي اليوم. عزاؤنا لقضاة مصر ولنا جميعاً.. ولنكن علي استعداد دائم لمواجهة جنون إرهاب يحتضر مهما ارتكب من جرائم.. لكنه وقبل الاحتضار يبدو مثل وحش جريح ويائس يضرب هنا وهناك منتظراً نهايته.