من منا لم يعش هذه الغضبة الكبري وهو يري تلك الدماء المصرية عندما اختلط المتظاهرون المعارضون والمؤيدون في ميادين العاصمة ووقعت تلك الاشتباكات العنيفة بين المواطنين علي اختلاف أطيافهم وهوياتهم وأعمارهم واتجاهاتهم السياسية، عندما تبادلوا القذف بالطوب والحجارة فيما يشبه الحرب الأهلية.. هل ستكون مصر لبنان أو عراق آخر.. لا. لن تكون! ومن منا لم تصبه تلك الغضبة الكبري عندما غاب وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وضرب بمسئوليته عرض الحائط وحصل الأمن معه علي إجازة مفتوحة، وسادت الفوضي البلاد، وخرجت خفافيش الظلام لترويع الآمنين، وراحت تسرق الغالي والرخيص، وتنهب متاجر و»مولات« دفع فيها أصحابها كل ما يملكون واستدانوا من البنوك لاستكمالها، بل واصلت هذه الخفافيش أعمال السلب والنهب والتخريب للمنشآت العامة التي هي ملك للشعب وحده، والتي سيتحمل إعادة بنائها مرة أخري أبناء هذه الأمة.. أو بمعني آخر جيوب البسطاء من هذا الشعب العظيم الذي يعمل للعشرة قروش والربع جنيه ألف حساب!!! والشعب غاضب لأنه لم يسمع حتي الآن مصير وزير الداخلية السابق الذي تسبب في إزهاق الأرواح ونهب هذه الممتلكات، وسبب هذه »الكآبة« الواضحة علي قسمات وملامح كل مصري بعد أن كان معتادا أن يضحك حتي في عز الأزمات!!! ولابد من أجهزة الأمن أن تواصل جهودها لضبط الهاربين من الجناة الذين تسببوا في وجود هذه الحالة من الحزن حتي يعود الأمن والاستقرار من جديد، فقد آن الأوان لمحاسبة كل الخارجين عن الشرعية بهذه الأعمال الاجرامية التي ارتكبت في حق كنانة الله علي أرضه.. مصرنا الحبيبة!!! ورغم كل هذه الأحداث الادمية فأنا واثق أن مصر ستجتاز محنتها لسبب رئيسي وأساسي هو رعاية السماء لأهل مصر، فإذا كانت حياة الشعوب وأحداثها والكتابة عنها هي حقائق نسبية يجوز عليها الصدق والكذب، فإن كتاب الله العزيز لا يكذب أبدا، فلقد جاءت كلمة »مصر« في القرآن الكريم في خمسة مواضع هي: »وأوحينا الي موسي وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا«، والموضع الثاني: »وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته اكرمي مثواه«، والموضع الثالث: »وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين«، ورابعا: »ونادي فرعون في قومه قال ياقوم أليس لي ملك مصر«، أما الموضع الخامس في قوله تعالي: »اهبطوا مصرا«. ومعني ذلك أن لمصر شأنا عظيما في السماء، وأن الله سبحانه وتعالي سيحفظها مهما سالت هذه الدماء »الوقتية« مادامت قد ذكرت في كتاب الله العزيز.. ومهما حاول البعض النيل من أرض الكنانة، فإن مصر خالدة بعقيدتها ودينها وأزهرها وأحبائها الطيبين الذين يحبونها ويدافعون عنها، ويكفيني ما سمعته من صديق مصر الكبير سمو الأمير تركي بن عبدالعزيز آل سعود (شقيق خادم الحرمين الشريفين) والذي تمسك بالإقامة علي أرضها حتي كتابة هذه السطور بل وأدان كل عربي مسلم غادر مصر في هذه الظروف الراهنة، مؤكدا أنها بلده الثاني، ولابد وأن يشارك إخوانه المصريين محنتهم حتي تنقشع الغمامة عن سمائهم، قال لي سموه: مصر.. ومكة ذكرهما الله في القرآن الكريم، فلا يخشي أحد بإذن الله علي كل من كرمته السماء، (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين). لقد استحقت مصر من القرآن الكريم أن يذكرها.. إنها الوطن الممنوعة من الصرف لغويا باعتبارها علما، وبالتالي من حقنا كمصريين أن نعتز بوطنيتنا، ولنرتفع بمصر علي أية خلافات بيننا حتي نتجاوز الغضب والأحزان إن شاء الله..