مصر تعيش أخطر وأهم ساعات القرار والاختيار لمستقبلها... وتتسابق وتتصارع الحكمة والرشد مع الحماس والغليان.. لقد اتفق الجميع أن مصر قد ولدت من جديد في يوم 52 يناير بشباب مصر العظيم.. واتفق الجميع أيضا أن مصر تعيش أيام النكسة منذ 82 يناير »يوم الجمعة الحزين«... واليوم والساعات القليلة القادمة ستحسم اختيار هذا الشعب العظيم بشبابه وشيوخه، وبحماسته وبحكمته، وبعاطفته ووطنيته... وأمام أبناء الوطن اختيار من طريقين الاختيار الأول وهو تحقيق الانتقال السلمي المؤمن للديمقراطية الحقيقية والتي تحتضن وتحترم وترعي القوي الوطنية الكامنة في هذا الوطن وأعني بذلك (كل الوطن وليس فقط من هم علي الساحة من الدخلاء أو المتربصين). والاختيار الثاني وهو »النموذج العراقي« بالضغط لمزيد من الانهيار والفوضي والدمار والسلب والنهب والدماء وحرب الشوارع والارهاب.. وأصار حكم جميعا بقلقي الشديد علي عبور الساعات والأيام القليلة القادمة والتي ستحدد أي طريق سيجمع عليه أبناء الوطن.. هل هو طريق السلم والتقدم أم هو طريق بغداد...ومن الذي سيقرر اي طريق نسلكه؟ هل هو الشعب المصري كله بشبابه العظيم؟ أم هم جزء من المتطفلين علي شباب 52 يناير ومن يرغب في الوصول الي السلطة أو ا لصورة دون عمق حقيقي يضيف لهذا الوسط تقدما ونماء وقوة ورخاء أم هم جماعة الاخوان المسلمين... ما حدث لخصته مجموعة مشاهد وصور تتفاعل سويا في أحداث أقوي »زلزال للديمقراطية شاهدته مصر بل الشرق الأوسط في تاريخها... بدأ ذلك بمظاهرة 52 يناير لشباب مصر العظيم والتي أنفجرت نتيجة لتراكمات عبر سنوات من الحرمان والاحتقان تنادي بفرصة عمل شريفة، وبالمساواة وبتكافؤ الفرص وبالعدالة الاجتماعية وبتعليق لائق وبالرعاية الصحية، وبوسيلة نقل آدمية، وبمسكن يمكن إيجاره أو تملكه، وزواج يمكن تحقيقه. وباحترام وتقدير وبمواطنة في أرض لكل المصريين وبحوار مع مسئول يخدمهم ويسمع لهم ويمكنهم ويسهر الليل لمصر أفضل لهم... مسئول ينادونه فيسمعهم ويتحاور معهم ويقنعهم بقراره قبل أن يفرض عليهم.... شباب وأجيال العشرينات والثلاثينات بل والأربعينات... ينضم لهم ايضا اطفال وشيوخ الوطن... صورة تاريخية لمن قالوا »اسمعونا«.... ولم يسمع لهم عبر 51 عاما في ثلاثة حكومات متعاقبة... وكانت بداية في التغيير الحقيقي في ادارة الأزمة ان تلاحم الجيش مع الشعب وان بدأ حوار السيد نائب رئيس الحمهورية مع ممثلين لقوي مصرية وأن رأيت السيد/ أحمد شفيق رئيس الوزراء في اول يوم يتحدث عبر التليفزيون ويجيب علي كل اسئلة الشباب بصراحة غير مسبوقة لمسئول منذ رئيس الوزراء عاطف صدقي رحمه الله... حوار مع شباب بلغة الشباب وبحكمة مسئول وبحزم قائد لوزارة تصمم أن تنجح باذن الله... واعتقد انه من الأهنية والضرورة ان يعطي هذه الوزارة الفرصة وأن يتم تنفيذ ما تم عليه في في هذا اللقاء الموسع مع شباب 52 يناير »شباب التحرير« وفي نظري أنه من الضرورة أن نجتمع حول ما لا يمكن ان يختلف اي مصري مخلص عليه وهو الوطن وشباب الوطن... وتصوري ان يتم هذا اللقاء في الساعات القليلة المقبلة نريد ان نسابق الزمن... لو تم وبقدر إحساسي وايماني بصدق الشباب فإني أشعر بالصدق والاخلاص لرجل يعرف من تاريخه بالصدق... آن وقت الحوار والخروج من الأزمة.... يتحقق الآن مع ما نادينا به دائما من ضرورة تمكين الشباب العظيم واحتضانهم وحوارهم وتعبئتهم للمشاركة في خدمة وقيادة الوطن فهم ليسوا طرفا في الوقت هم قلب الوطن وعقله ومستقبله... الحكمة تنادي انه بالحوار والمشاركة والتفاعل والمواطنة ستحقق السلام الاجتماعي والتقدم الاقتصادي وبناء الوطن... وأناشد الجميع - بمزيد من الحكمة - فإن الوطن لازال يغلي... وهناك من يرغب في اشتعال الموقف... وهناك من لا يعي ولا يدرك خطورة ما يقوم به وآثاره التدميرية علي مسيرة الشباب النقي وعلي الانتقال السلمي للسلطة وتطوير مسيرة الديمقراطية... واكرر مرة أخري... أي احتكاك أو تصرف غير مسئول من الشباب أو مع الشباب أو مع دخلاء عليهم ممكن أن يشغل الوطن مرة أخري... واذا وضعنا الوطن أولا وثانيا وثالثا فإن ما طالب به الشباب قد تم تلبيته بالكامل ولن تعود العجلة للوراء... أعتقد وأؤمن ان شباب مصر الواعي يجب الا يعطي الفرصة لاي دخيل علي مسيرته للمزايدة باسمه من اجل سلطة... ويتم ذلك »بالقناعة« بأن ما تم تحقيقه هو ما تم طلبه في 52 يناير... وقد شاهدت في »ميدان التحرير« مع جموع الشباب النقي والصادق »العظيم« مجموعات لتيارات أخري ورغم الأسلوب الحضاري والمتميز للدخول والتأكد من الهوية لميدان التحرير ورغم علمي بأن الغالبية من الشباب قد رفضت الالتحام مع الاخوان المسلمين أو مع »رموز الانتهازية السياسية« من الاحزاب الوهمية او ا لمتسلقين للسلطة فإنني أري شباب مصر عرضة للسرقة والنهب السياسي... ومن »الحكمة« أن يتم التفكير الفوري في بناء ثلاثة أحزاب قوية وأكرر ثلاثة أحزاب قوية تبني بدعم الدولة ودون تدخل في شئونها وينخرط فيها الشباب بفكره وبرامجه وبحلم للمستقبل وبالمشروع الوطني الذي يرونه لمصر في السنوات العشر القادمة وحتي عام 0502... أحزاب حقيقية ليست وهمية تطبق الديمقراطية داخلها قبل أن تدعو لها لوطن دون إيمان حقيقي... ولننظر حولنا هل ما نراه من أحزاب هو ما يحلم به الشباب... وان كان غير ذلك فأدعو الحكومة وأدعو الشباب لاعادة البناء الهيكلي لاحزاب قوية - وقد يستفاد ببعض مما هو موجود علي الساحة... ولكن معظم ما هو موجود في نظري لا يرقي للطاقات الكامنة لهذا الوطن فكرا وتقدما وسياسة واقتصاد... أشبه ما يحدث لشباب مصر بأن الوطن ينتقل بالديمقراطية من المدرسة الي الجامعة واذا كنا قد دخلنا مرحلة جديدة للديمقراطية فهل لدينا العلم والمعرفة والحرية للممارسة الديمقراطية... فعلينا ان نتأكد من وجود كليات تعلم الديمقراطية وتمارس الديمقراطية وتخرج قادة للديمقراطية... قادة القرن الحادي والعشرين وقادة في عصر المعلومات والمعرفة هم قادة 52 يناير.. ومثلما كان لنا ثورات ومعارك نعتز بها مثل ثورة 91 وثورة 25 وبناء السد العالي وحرب السادس من اكتوبر فيسجل التاريخ أيضا عبور مصر الأمن من الحرب إلي السلام وسيسجل للرئيس حسني مبارك انه رجل حافظ علي وطن.. وأعاد بناء مصر الحديثة... وقد نتفق أو نختلف علي حجم الفرص الضائعة لمصر ما تحقق يجب أن نذكره بكل اعزاز وتقدير.. وما لم يتحقق يمكن أن ننقده بكل احترام وأخلاق.. بهذا تتقدم الأوطان.. بالشرف والاعتزاز بالوطن وقادته وليس بهدم الأوطان وبالسماح بالمساس برمز لقيادة الوطن.. بالرأي والرأي الآخر بالديمقراطية التي تسمح بالحوار والتنافس الوطني للتقدم والنماء... وقد أعلن السيد الرئيس حسني مبارك عدم ترشيحه للانتخابات القادمة وأري انه من الحكمة البالغة ولخير مصر أن يتم معه العمل الوطني للشعب المصري بالكامل وبهيئاته ومؤسساته وقواه العاملة وجيش مصر العظيم لتحقيق الانتقال السلمي للديمقراطية ويشمل ذلك انتخاب حر لرئيس الجمهورية وبناء ثلاثة أحزاب قوية علي الأقل وإطار يسمح لكل مصري بممارسة العمل الوطني في إطار الشرعية ومبدأ المواطنة والدولة المدنية... وأتخيل يوم تسليم السلطة من رئيس مصر الحالي إلي رئيس مصر المنتخب بكل إجلال واحترام لحسني مبارك قائدا لمصر الذي حارب من أجلها وخدم ابناءها.. ولرئيس يسلم العلم والقسم لقيادة جديدة لمصر.. لعصر جديد لفترة أو فترتين حسب أدائه وإنجازه يحاسب أمام الشعب وينتخب ديمقراطيا من خير ما في هذا الشعب... هكذا تتقدم وتنضج الأمم وتبني الحضارات.. بالتواصل وبالبناء وبالتقدم... وليس بالهدم أو بالقتل أو بالرحيل.. وسأكون في أول من يقف لتحية السيد الرئيس حسني مبارك وقائد العبور لما قام به وما سيقوم به خلال الأشهر القادمة.. وسأقف معه ومع كل المصريين مهنئين رئيس مصر الجديد لدولة مدنية تقفز إلي المنافسة العالمية وترتقي لأفضل عشر دول اقتصادا وتعليما وتقدما ورخاء.. للأبناء والأحفاد...