كما يوجد قانون يقضي وينظم الأماكن التي تتميز بطبيعة خاصة لابد أن يوجد قانون لحماية الأماكن ذات القيمة الثقافية العالية، واضرب مثالا بثلاثة مواضع قاهرية. أولا الأماكن المرتبطة بنجيب محفوظ، وأخص بالذكر المنزل رقم «8» الذي ولد به في مواجهة قسم شرطة الجمالية علي مدخل درب قرمز وزقاق المدق، وللزقاق ظروف خاصة، فمازال حتي الآن يحتفظ بمعالمه كاملة، تلك التي وصفها نجيب محفوظ في روايته الشهيرة التي أصبحت جزءا من التراث الإنساني العالمي. المقهي مازال وقد أعيد افتتاحه منذ سنوات والبيت الذي تخيل حميدة تسكنه. والعطار والفرن الذي كان فيه زيطة صانع العاهات. والمدق نفسه المرتفع، تمثلت عبقرية نجيب محفوظ في اكتشاف الزقاق المنسي المتواري في القاهرة القديمة، هذاالزقاق بوضعه الذي وصفه الروائي العظيم والمستمر حتي الآن يمكن أن يكون معلما مهما من معالم القاهرة التاريخية، ومقصدا للسائحين إذا تم ربط زيارتهم به عبر البرامج السياحية. واذا قامت محافظة القاهرة بوضع لوحة حجرية عليها تعريف بالأديب وروايته وتمهيدالطريق إليه، هذا سوف يدر دخلا وعائدا ماديا. هذا الاقتراح يخص الزقاق ولكم دعوت إلي تنفيذ مشروع المزارات المحفوظية كجزء من الاهتمام بتنمية السياحة الثقافية. لذلك أطالب وزير الثقافة بإعداد قانون المحميات الثقافية وتطبيقه علي زقاق المدق. وأيضا علي مقهي ريش الذي رحل صاحبه منذ أيام. هذا المقهي جزء أساسي من تاريخ الحركة الوطنية والثقافية والسياسية، ومن المشاهد التي لا أنساها خروج جنازة رمزية للشهيد غسان كنفاني خطط لها وقادها الأديب الراحل إبراهيم منصور، لم يكن مقهي، بل منطقة تفيض بالحيوية، وخدم الحياة الثقافية أكثر من مؤسسات الثقافة الرسمية، رحل مجدي صاحب المقهي وليس لديه وريث، لذلك اقترح أن تطبق عليه الحماية الثقافية، علي أن تشكل لجنة من المثقفين تخطط لاحيائه من خلال برنامج ثقافي متميز، لو صح أن أحد ملاك العمارة التي يقع فيها المقهي الآن أسرة ساويرس فهذا يبعث علي التفاؤل. سميح ساويرس يدعم الثقافة ولن يقبل اختفاء بؤرة ايجابية للثقافة. نجيب ساويرس يتبني مسابقة باسم احمد فؤاد نجم وكان راعيا له، الخشية من وجود شركاء، ربما يكون لهم رأي آخر، لكن وجود قانون المحميات الثقافية يخلق واقعا جديدا، المنطقة الثالثة فندق الكونتننتال بميدان الأوبرا الخالي منذ عشرات السنين. هذا مبني له تاريخ مهم، كان القطار يصل إلي أمامه خدمة لنزلائه، وشهد أحداثا سياسية مهمة منها انعقاد البرلمان المصري فيه عام 1923 عندما وقع خلاف مع الملك فؤاد، اخشي أن يلقي مصير فندق سميراميس الاصلي الذي قاد منه الحلفاء معركة الجبهة الغربية ضد الألمان وكان مونتوجمري يقيم فيه، ثم هدمه في بداية الانفتاح الساداتي الأسود وأقيم مكانه بناء حديث لا قيمة جمالية له، الحفاظ علي فندق الكونتننتال وزقاق المدق ومقهي ريش جزء من الحفاظ علي ذاكرة المدينة المعمارية والثقافية والسياسية، لن يتحقق هذا الا بمشروع قانون اطالب وزير الثقافة بالبدء فيه.