يوم الثلاثاء القادم يتوجه الناخب الإسرائيلي للإدلاء بصوته في انتخابات مبكرة للكنيست . كانت الحكومة المنحلة برئاسة بنيامين نتنياهو قد سقطت علي صخرة قضيتي الجدل حول الميزانية ومشروع قانون يهودية الدولة مما تسبب في الدعوة لإجراء الانتخابات المبكرةالطريق نحو تشكيل الحكومة الرابعة والثلاثين للدولة العبرية محمل بشعور سلبي يجتاح اعضاء الليكود بأن رئيس الحزب بنيامين نتنياهو قد لا يفوز برئاسة الوزراء هذه المرة. تؤيد هذا الشعور استطلاعات الرأي الأخيرة التي أشارت إلي تفوق تحالف الاتحاد الصهيوني أو يسار الوسط بين حزب "العمل" بزعامة اسحق هيرتزوج وحزب الحركة او "هتنوعاه" بزعامة تسيبي ليفني علي الليكود رمز الصقور في السياسة الإسرائيلية. في هذا الملف الخاص نستعرض الخريطة الحزبية للقوائم المتنافسة، والفرص المتاحة لكل منها والنظام الانتخابي الإسرائيلي. لا يضمن نتانياهو ان تأتي الرياح بما يشتهيه. احتدام المنافسة من حوله يرسخ أمامه احتمال تفوق الاتحاد الصهيوني علي حزب الليكود بما قد يؤدي إلي قيام الرئيس الإسرائيلي رؤوڤين ريڤلين بتكليف أحد منافسيه بتشكيل الحكومة وليكن أوفرهم حظاً وفق استطلاعات الرأي ونعني به اسحق هيرتزوج. لكن هذا لا يعني الإطاحة تماما بنتانياهو إلي خارج الحلبة، فلا يزال بمقدوره تأليف تحالف يميني يشغل اكثر من نصف مقاعد البرلمان. بعض الليكوديين عزوا تراجع وضع نتانياهو إلي عدم الحصول علي النتيجة المرجوة من خطبته في الكونجرس. لقد توقعوا أن يمثل خطابه في الكونجرس نقطة تحول تعزز موقف الليكود لكنهم أدركوا أن الصورة أعقد مما كانوا يتصورون. وبعضهم اعتقد ان الليكود ونتانياهو يخوضان الانتخابات بلا منافس حقيقي. من هؤلاء من يراهن علي انه لو فاز اسحق هيرتسوج برئاسة الوزراء فإن ائتلافه الحاكم لن يصمد أكثر من سنة بعدها يعود الليكود إلي صدارة المشهد، أمام الليكود عقبتان يتعين عليه ان يتعامل معهما ويزيلهما من سبيله. الأولي هي تسرب العديد من ناخبيه التقليدين وتحولهم نحو الوسط ممثلا في "يش عاتيد" و"«كولانو"»، أما العقبة الثانية فهي التعامل مع غياب الدافع المحفز لأعضاء الليكود للنزول إلي الانتخابات الفرص ضئيلة لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تبين ان ثمة احتمال ولو ضئيل أن يشكل تيار يسار الوسط بزعامة هيرتزوج الحكومة القادمة. حتي يتحقق هذا السيناريو فإن علي تيار يسار الوسط ان يبتلع كبرياءه وساعتها ستكون أكبر مفاجأة سياسية مدوية تشهدها اسرائيل منذ عقود. فلعبة الانتخابات الإسرائيلية تتميز بأنه لا يكفي لأي حزب أن يحقق أغلبية نسبية في التصويت لرئيسه حتي يكون هو رئيس الوزراء التالي. ولكي يتحقق ذلك فإنه يحتاج لدعم وتصويت من كانوا منافسيه بالأمس. فإذا أراد هيرتزوج هذا المنصب فإنه يحتاج لدعم المعسكر الذي يطمح في زعامته كما يحتاج لدعم تيار الوسط ممثلا في حزب "يش عاتيد"، ويمين الوسط حزب "كلنا" لكي يلقوا بثقلهم الانتخابي وراءه.استطلاعات الرأي التي أجرتها محطة تليفزيون الكنيست اكدت تفوق هيرتزوج علي نتانياهو بحوالي 3-4 نقاط الاقتصاد هو الأولوية التي تهم الناخب الإسرائيلي الذي يقلقه التفكير في تكلفة المعيشة والإسكان ولا يري داعياً للتعجل في إنجاز اتفاق مع الفلسطينيين، من ثم تتواري قضية السلام وحل الدولتين إلي خلفية العقل الجمعي الإسرائيلي لتقفز بدلاً منها قضايا أكثر محلية مثل الإسهام المنخفض لليهود المتشددين في الاقتصاد الإسرائيلي وأثر ذلك علي الدخل العام. مع ذلك فإن الصورة الذهنية السائدة ان معسكر الاتحاد الصهيوني( يسار الوسط) قد يكون اقرب في التعاطي مع موضوع السلام مع الفلسطينيين وأكثر مرونة من حزب الليكود.المعروف ان تحالف الاتحاد الصهيوني يركز علي قضايا الرفاة ولا يستبعد الحديث عن السلام مع الفلسطينيين بما أن الصوت العربي يشكل حوالي 15% من القوة التصويتية، فإن اتحاد الأحزاب العربية التقليدية الثلاثة في قائمة موحدة للمرة الأولي في تاريخهم أملاً في رفع نسبة تصويتهم، فإذا نجحوا في الفوز بمقاعد في الكنيست فسيعملون علي إعادة قضية السلام إلي الطاولة من جديد والضغط لطرحها علي أجندة الحكومة القادمة. ذلك ان لديهم قناعة راسخة بأنه لا يمكن الحديث عن الاقتصاد والرفاة دون السؤال عن الأمن والسلام أما لو فاز اليمين فإن نفتالي بينيت سيكون واثقا من عودته إلي الائتلاف الحاكم وسيكون هو الصوت الواضح في رفضه لإقامة الدولة الفلسطينية علي الضفة الغربية فقد سبق وأفصح عن رفضه لهذه الفكرة تماما واعتبرها تمثل خطرا علي وجود اسرائيل.