بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 27 مايو 2024    محافظ المنيا يوجه بتذليل العقبات أمام المواطنين لإنهاء إجراءات التصالح    ولي العهد الأردني: حكومة إسرائيل تحاول جر المنطقة لحرب إقليمية    ظهر اليوم.. الشمس تتعامد على الكعبة المشرفة بالمسجد الحرام    وكيل صحة الإسماعيلية تحيل المقصرين للتحقيق    وزير الخارجية السعودي: لا يمكن لإسرائيل أن تكون موجودة دون وجود دولة فلسطين    نشأت الديهي: مصر أظهرت العين الحمراء لدولة الاحتلال    كولر: معلول قدم الكثير للأهلي والتجديد له يخص الإدارة فقط    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    في مقدمتهم ليفاندوفسكي.. الأكثر تسجيلا للأهداف مع تشافي    محمد شوقي: سافرت خلف الأهلي في كل النهائيات القارية.. وهناك تفاؤل بشأن معلول    كولر: محمود الخطيب لن يمنحني ميزانية مفتوحة للصفقات    التموين تزف بشرى سارة للمواطنين قبل عيد الأضحى    الموجة الحارة تعود بقوة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف موعد انخفاض الحرارة    لطفي لبيب عن عودته للتمثيل: مين بيجيب ممثل نصه طاير مبيتحركش    الجرام يتراجع لأقل مستوى.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين في الصاغة    مصرع ممثل أمريكي شهير بالرصاص في لوس أنجلوس    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    العثور على السفير الفرنسي لدى سريلانكا ميتا في مقر إقامته    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    تجربة زراعية رائدة.. تفاصيل نجاح تجربة زراعة الذرة الرفيعة بأسيوط    البيت الأبيض: نحن على علم باستهداف رفح الفلسطينية ونجمع المزيد من المعلومات    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    مصرع 5 أشخاص جراء عواصف شديدة في ولايتي تكساس وأوكلاهوما    هل سيتم زيادة ساعات تخفيف أحمال الكهرباء    كولر: الشناوي حزين.. قمصان سبب مشاركة كريم فؤاد في النهائي.. وأتابع شوبير منذ فترة    ملف يلا كورة.. قائمة المنتخب.. إيقاف رمضان صبحي.. وغيابات الزمالك    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    موعد وقفة عرفات 2024.. متى يحل عيد الأضحى في مصر؟    ظهرت رسمي.. رابط سريع لمعرفة نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الإسكندرية    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء استهداف الاحتلال منزل لعائلة "البطران" شمال غزة    شعبة الصيدليات: «زيادة أسعار الأدوية هتحصل هتحصل» (فيديو)    خبير اقتصادي ل قصواء الخلالي: الوافدون سبب رئيسي في زيادة التضخم    فنانة تحتفل مع طليقها بعيد ميلاد ابنتهما وياسمين صبري جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    المرصد الأورومتوسطي: مجزرة رفح دليل تجاهل الاحتلال قرار محكمة العدل الدولية    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    أمين الفتوى: يجوز التيمم للغسل والوضوء رغم وجود الماء في هذه الحالة    كان في حالة تعفن.. دفن جثة شخص عثر عليه ميتا داخل شقته في أبو النمرس    جهاز دمياط الجديدة يشن حملات لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    مصطفى عمار: الرئيس السيسي أمين وصادق ولا يفعل شيئا إلا من أجل بناء دولته    منوم ومشنقة.. سفاح التجمع يدلي باعترافات تفصيلية عن طريقة التخلص من ضحاياه    يونيو القادم.. "تعليم المنيا" تستعد لانطلاق ماراثون الثانوية العامة    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    وزير الشباب يشهد حفل ختام النسخة ال 12 من مهرجان ابداع    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعرف على أسباب الإصابة بنزلات البرد المتكررة حتى في فصل الصيف    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالونيات
في رحاب ذگري يحيي حقي
نشر في الأخبار يوم 15 - 12 - 2010

شاءت لي اقدار سعيدة انني كنت طبيبا لكاتبنا الكبير الاستاذ يحيي حقي في سنوات عمره الاخيرة.. الامر الذي اتاح لي ان اكون علي مقربة منه.. فلم يكد يمر يوم إلا وبيننا مكالمة هاتفية.. هذا غير اللقاءات الدورية التي تبدأ بروتينية توقيع الكشف الطبي عليه وتنتهي بجلوسي بين يديه تلميذا صغيرا في مدرسته العبقرية.. وكانت اكثر جملة تأثيرا في وجداني عندما يقول بحنان بالغ وتواضع باذخ »انت طلعت لي في اخر عمري ليه؟!«.
هذا هو يحيي حقي الذي لم يكن كاتبا رائدا للقصة القصيرة ذات المقدمة الطويلة المحذوفة فحسب.. والذي لم يكن كاتبا مجددا للمقالة الفنية التي لها حبكة الحكاية وجاذبية الحدوتة ونكهة »النكتة الحراقة« فحسب.. والذي لم يكن له منهج خاص في النقد الادبي والفني والاجتماعي يوظف فيه ذوقه الرفيع وذأقته الرائقة الفائقة الحساسية فحسب.. ولكنه كان إلي كل ذلك صاحب دعوة مهمة في حياتنا الثقافية المعاصرة إلي الحد الذي دعاه إلي ان يقول بالحرف الواحد »انني قد ارضي ان تغفل جميع قصصي وكل رواياتي ولكنني سأحزن اشد الحزن إذا لم يلتفت احد الي دعوتي للتحديد اللغوي«.. هذه الدعوة التي كانت تدفعه إلي ان يعيد كتابة الجملة الواحدة ما بين عشرين وثلاثين مرة في بعض الاحيان املا في الوصول إلي المفردة المطمئنة في السياق المطروح.. تلك المفردة الحتمية التي لا يمكن ازاحتها أو استبدالها أو الزيادة عليها.. وبعد كل هذا كان يوصي نفسه والادباء معه بألا يتركوا اثار عرقهم علي الورق.. وألا يزعجوا القراء بصرير اقلامهم.. وان يحذوا حذو العازفين المهرة الذين يجنبون المستمعين وقع خبطات ريشاتهم علي اوتار اعوادهم. هكذا كان يحيي حقي صاحب الاسلوب العلمي في الادب تأثرا علي الحشو المطاط والزخرف الفضفاض والديباجة المثقلة بالكثير من المعذلكات والبيدأنات واللاسيمات والسيمات والثمات المذيلة بتلك الخواتيم المفضية إلي »مصمصة الشفاه« علي حد قوله. ان هواه الاول أو القصة القصيرة لديه ليست تلك الصفحات القليلة التي تحتوي كل اربعة سطور منها علي خمسة عشر كان وكنت وكانوا وكن.. فيصبح القاريء مثل دجاجة لها »كأكأة« لا تنقطع.. علي حد قوله الساخر ايضا.. وما اكثر مقولاته الساخرة اللافتة.
لقد كانت القصة الصغيرة عنده تلك المغامرة المحفوفة بالاخطار الصغيرة.. انها مغامرة وتعالوا معي ننظر من خرم الباب ، كما كان يطلب من قارئيه. وبالرغم من امتلاكه الواثق لناصية اللغة العربية إلا انه لبساطته المعهودة من ناحية.. وحرصه الموسوس علي اللفظة التي لابديل لها من ناحية اخري.. ورغبته الطفولية النزعة في مباغتتنا من ناحية ثالثة.. كان يحلو له ان يدرج كلمة عامية من حين لحين.. يرسمها كما ينطقها العوام.. ويسخر من أولئك المتحذلقين الذين يكتبون مثلا »قوم هات الكوب قوام« فيري انهم باستبدالهم الهمزة بالقاف وضعوا عمامة الفصحي علي رأس العامية.. فلا ارضوا بذلك آل الفصحي ولا اقنعوا اهل بيت العامية.. واذكر انني ناقشته في جملة وردت في احدي مقدماته يقول فيها »انني اكره الابواب الموصدة والنوافذ المغلقة والادراج المعصلجة.. ووقفت عند المفردة الاخيرة وسألته لماذا استعملها وهو القادر علي ايجاد لفظة فصيحة بديلة فأجابني بأنه لم يجد في معاجم اللغة مرادفا يحمل ذات القدرة علي الايحاء فلم يجد حرجا في استعمال المفردة الدارجة لتلبيتها هذه الحاجة. ولقد كانت احدي هواياته الاثيرة مطالعة المعاجم صفحة صفحة.. ليس فقط بحثا عن معني ما .. ولكن تقصيا لعلاقات خفية بين بنية الكلمة والمغزي الذي تفضي اليه.. فلقد وجد علي سبيل المثال ان وضع الطاء مكان التاء يمنح الشيء حجما اكبر.. فالطرابيزة هي الترابيزة الكبيرة والتوربيد هو الطوربيد الصغير.
وهكذا كان يحيي حقي العظيم كتيبة كاملة العدة من كتائب التنوير وتحرير العقل وترقية الوجدان في وطننا الحبيب.. لقد كان احد مثقفي هذه الامة بكسر القاف المشددة فضلا عن كونه اغزر مثقفيها بفتح القاف المشددة ثقافة وذوقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.