محىى الدين عبدالغفار لأن الكتابة في السياسة وعن أحوال البلاد.. اصبحت مثل الواجب الثقيل علي التلميذ البليد.. بل أصبحت الكتابة في السياسة مثل الرسم علي الماء لا يظهر له أي أثر أو تأثير.. من هنا اكتب اليوم عن الزبالة التي أصبحت منهج حياة لكل المصريين! في الستينات من القرن الماضي.. لم يكن الريف يعرف معني التلوث.. وكنا ونحن أطفال نصطاد أحلي سمك من الترع..و منها يروي الفلاح أرضه »بالراحة« ولم تكن هناك أمراض مثل الفشل الكبدي والكلوي.. فكل شيء قابل للتدوير له استخداماته في الحياة.. بدءاً من روث الحيوانات حتي الحطب، الناتج من زراعات القطن والذرة.. يستخدمه الفلاح كوقود لإعداد الطعام او كسماد عضوي لأرضه. والآن.. بعد التطور التكنولوجي.. واستخدام الآلة في كل حياتنا.. زاد معدل التلوث بدرجة رهيبة.. ففي القرية لم تعد كراكات وزارة الري تقوم بتنظيف الترع والمصارف.. بل تحولت الي مصرف للصرف الصحي.. وأصبحت الملاذ الآمن للكلاب والحيوانات النافقة. كنت أعتقد ان هذا التلوث البيئي خاص بقريتي فقط.. ولكن للأسف اصبح هو السمة التي تجمع كل قري مصر سواء في الصعيد أو الوجه البحري.. والبناء العشوائي.. التهم الأراضي الزراعية.. وليس هناك صرف صحي.. وأصبحت الترع والمصارف مكاناً آمنا لمخلفات البناء واكياس البلاستيك. سافرت عدة مرات إلي الاسكندرية مستخدما القطار.. لكي استمتع بالخضرة التي تحيط بمسار القطار.. ولكن للأسف.. اختفي هذا الجمال تحت جبال الزبالة التي تحيط بالطريق من كل جانب.. وسيطر ورد النيل علي الترع وفروع نهر النيل.. وأصبح المنظر قاسياً علي العين والنفس.. فمخلفات المباني وأكوام الزبالة والحرائق المشتعلة فيها هي ما تنظر إليها العين وأنت في القطار! قادتني أحوال البلاد في طريق العودة إلي منزلي من الأميرية الي طريق ترعة الإسماعيلية ومنها الي الطريق الدائري ثم القاهرة الجديدة ومدينة نصر وأثناء رحلة العودة.. شاهدت أشياء لا تحدث إلا في مصر.. لا احترام للقانون.. الكل يدوسه بقدميه.. السير عكس الاتجاه هوالأساس.. مخلفات المباني احتلت الطريق.. ترعة الاسماعيلية وقد تحول لونها الي أخضر غامق من كثرة التلوث. حتي الزبالة والعشوائيات تحاصر ميناء القاهرة البري بشارع الصحافة.. وبجوار باب الخروج تم انشاء زريبة للحمير تحت بصرالمسئولين عن حي بولاق.. المشاهد والروائح في المكان تثير النفس والانف.. يا رئيس حي بولاق..حي علي العمل! قبل الختام : إذا ظل الوضع كما هو الآن في مصر المحروسة مع استمرار الصراع بين التيارات المختلفة.. ستنهار مصر أكثر وأكثر.. وسيموت المواطن بعدما تخلت عنه الدولة والقيادات التي تبحث عن الوصول للحكم والاصرار عليه حتي ولو علي جثث المصريين.