كل سنة وانت طيب - كلمة جميلة تحمل معاني الود والحب والاخلاص في علاقة الناس بعضهم ببعض.. لعلها تخفف من حدة العنف الذي ملأ حياتنا ليل نهار ولم يرحم صغيرا أو كبيرا أو قريبا أو بعيدا. ومن معاني العطف مرت بي ذكري كان ميعادها عيد الأضحي المبارك منذ سنوات بعيدة حيث كان لدينا خروف قمنا بتربيته لمدة 6 شهور في منزلنا فكان يمرح ويداعب أفراد الأسرة ويعرف متي ينصرف إلي مكان ايوائه.. ارتبطنا به وكنت اقوم برعايته من مأكل ومشرب واللعب معه وكان يسعد عندما كنت امتطي ظهره ولو للحظات وكأني فارس علي جواد. وعندما حلت لحظة الاضحية طلبت من والدي تأجيل الذبح إلي آخر أيام التشريق ويبدو ان احساسي بهذه اللحظة الفارقة انتقل إلي الخروف فأصابته حالة من الحزن والنظرات الحائرة بين أفراد الاسرة.. من يمنع عنه الجزار؟ وفكرنا في ان نؤجل ذبحه إلي العام القادم ولكن الحكمة كانت تقتضي ان ننهي هذا الامر الآن وان كان صعبا إلا إنه سيكون اكثر صعوبة فيما بعد في حالة تأجيل الذبح. وعندما جاءت لحظة الفراق اصابت الخروف حالة من الهستيريا دخل كل غرف الشقة كما تعود من قبل وكأنه يودعها وتركناه يفعل ما يشاء حتي هدأت نفسه ونظر الينا جميعا نظرة الفراق وكان الحزن يملأ عينيه وعيوننا جميعا لدرجة اننا تركناه وحده مع الجزار ولم نشاركه لحظة الذبح رغم انها سنة مؤكدة وعذرنا اننا ارتبطنا به وتعودنا عليه.. انها لحظة عطف ملأت جنبات البيت ومسحة حزن اصابت أفراد الأسرة لفراقه ولكن المكتوب والمقدر لابد من حدوثه. انها حكاية بسيطة اساسها الحب والعطف حتي مع الحيوان فما لنا اليوم نشق علي أنفسنا ونملؤها بالحقد والغل والعنف حتي مع اقرب الناس الينا ولهذا حديث آخر عن كره الانسان لاخيه الانسان!!