إصدار ضوابط تنظيم ساعة الراحة باللجان الفرعية في انتخابات مجلس الشيوخ    صعود بورصات الخليج مع ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي    مصر ترحب باعتزام المملكة المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية    الاقتصاد الأمريكي ينمو بنسبة 3% في الربع الثاني من 2025    ربيع ياسين: ما المشكلة في أن يلعب عبد القادر للزمالك؟ هناك زملكاوية يلعبون للأهلي    مانويل نوير يدرس العودة إلى المنتخب الألماني والمشاركة في مونديال 2026    اتحاد اليد يحضر ودية منتخب الناشئين مع تونس لتحفيز اللاعبين قبل المونديال    قرار قضائي في اتهام المخرج محمد سامي بسب وقذف فنانة شهيرة    عمرو دياب يطرح كليب "خطفوني" ويشعل الصيف بمشاركة ابنته جانا    أحمد الشهاوي ل«الشروق»: جائزة الدولة التقديرية تتويج لمسيرتي.. والجائزة المصرية لها وقع خاص    وزارة الصحة: افتتاح وتطوير عدد من أقسام العلاج الطبيعي خلال النصف الأول من 2025    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    عمرو دياب يطرح كليب "خطفوني" ويشعل الصيف بمشاركة ابنته جانا    تعاون مصري إيطالي لإنشاء وتطوير5 مدارس للتكنولوجيا التطبيقية بمجالات الكهرباء    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    المصري يواصل تدريباته في سوسة.. والكوكي يقترب من تحديد الودية الرابعة    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    الداخلية السورية: مزاعم حصار محافظة السويداء كذب وتضليل    العثور على دقيقة مفقودة في تسجيلات المجرم الجنسي إبستين تثير الجدل.. ما القصة؟    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اعتداء سائق ميكروباص على أسرة أعلى الدائري    إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة بالفيوم    إعلام الفيوم ينظم لقاءات جماهيرية للدعوة للمشاركة الانتخابية    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    هوجو إيكيتيكي يشارك في فوز ليفربول بثلاثية على يوكوهاما وديًا.. فيديو    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    "لدينا رمضان وإيفرتون".. حقيقة تفاوض بيراميدز لضم عبدالقادر    المشدد 7 سنوات لعاطلين في استعراض القوة والبلطجة بالسلام    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    الطائفة الإنجيلية تنعي الفنان لطفي لبيب    تكثيف أمني لكشف جريمة الزراعات بنجع حمادي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    جو شو: التحول الرقمي يبدأ من الإنسان.. والتكنولوجيا وسيلتنا لتحقيق تنمية عادلة    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حب على ورق

نظر إلى كومة الورق الموجودة على مكتبه فوجد بينها قصاصة ورق صغيرة مكتوباً عليها أربع جمل باللهجة البدوية، فمد يده وانتزعها من بين الورق, وشرع فى قراءتها, وكان لا يصدق نفسه عندما قرأ ما بين سطورها, إن محبوبته قد كسرت قيد صمتها الذى يطوقها وتخلت عن خفرها الذى يمنعها البوح بأجمل ما تحسه وتشعر به، لولا علمه بأنه ليس هناك من يجيد اللهجة البدوية من اللائى يعرفهن هو إلا محبوبته لالتبس عليه الأمر، فإن الكلمات المكتوبة بخطها واسمها هو المدرج ضمن الجمل الأربع, وشفافية الكلمات ورقتها تدلان على جاذبيتها وعلى شخصيتها المتفردة.
لم يخالجه شك فى أن قصاصة الورق التى ألفاها على مكتبه ضمن كومة الورق واختلط عليه أمر كاتبها، إما أن تكون من حورية من جنان الأرض ممن يعرفهن ويخالطهن وإما أن تكون من عفريتة من الجن اللاتى يتخيلهن ولا يراهن, وأغلب الظن أنه يرجح أن هذه القصاصة الموجودة ضمن كومة الورق على مكتبه جاءت إليه خلسة عن طريق حوريته الجميلة التى طالما عشقها وأحب الحياة فى وجودها، فهى بالنسبة له أمنية نفسه الدائمة الخالدة, وتوأم روحه وهالة حب تملأ كيانه ووجدانه، وهى التى بحبها وحنانها وعطفها قد طوعت إرادته العصية على أى حب إلى انسياق كامل لعواطفه الجامحة، فحركت قلبه الجاثم كالصخر فى حنايا صدره حركة تكاد تخرجه من بين ضلوعه ليعلن عن مخاض حبه الأول ويقطع هو بأنه الأخير ما دامت له الحياة فى هذا الوجود، فإن للحب سلطانه العظيم على القلوب والنفوس لا يعدلهما أى شىء فى هذه الحياة لقد نفذ حب فاتنته إلى فؤاده ثم استقر فى أعمق أعماقه وأضحى يجرى فى عروقه مجرى الدماء.
وقف يتحدث إلى حوريته الجميلة فى لحظة حانية عن أمسه كيف كان وعن حلم يومه وغده كيف سيكونان معها؟ يتحدث وهو صادق معها فى كل ما يقول كصدقه مع نفسه، إلا أنه أحس منها تهميشاً وبعداً وكأنها تختبر صلابة حبه وأحس هو الآخر من نفسه شيئاً مماثلاً من الجفوة لمشاعره نحوها وكأنما يرد عليها بالمثل، فى الوقت الذى أعلنت فيه عن حبها له عبر قصاصة الورق، ذلك الحب الذى كان بالنسبة لهما جسراً يعبرانه معاً لكى يلتقيا ولأول مرة مع نفسيهما فى ظروف سانحة وأجواء صافيه تذوب فيها الفوارق الاجتماعية ويتخلى كل منهما عن أنانيته بإنكاره لذاته فيجلواها بأجمل واسمى وأروع المعانى الإنسانية المتعمقة فى قلبيهما وعلى كل حال، فهو يرى أن صدق المشاعر يبدد الحرج ويذهب الكبرياء وتتلاشى معه النرجسية المفرطة التى تتظاهر بها الفتيات، فالمشاعر الصادقة وحدها تستنطق اللسان بأجمل وأصدق معانى الحب فى الوجود ولكن محبوبته ربما ترى غير ذلك فى تعاملها معه، فتغلو فى ظلمها له وتجعل من حبه لها معاناة كبيرة وعذابا أكبر, وإن كان ذلك يعذبه ويؤرقه غير أن الذى يدفعه للتمسك بحبها هو شعوره بأن نفسها ما زالت تخالج نفسه, وقلبها ما زال يذوب فى قلبه وروحيهما ما زالتا تتعانقان تتناجيان وتهيمان معا عشقا وغراما فى أفق بعيد وفى فضاء شاسع عريض تغمرهما كل نهار شمس مشرقة بالدفىء والجمال وينعمان كل ليل بخيوط القمر الفضية الممتدة من السماء إلى الأرض إنهما يعيشان السعادة بلا حدود أو قيود, ورغم كل هذه العواطف الصادقة, والأحاسيس المرهفة اللتين يستشعرانها معا ويبديانها فى الخفاء فإنه يخشى أن تكون مجرد أحلام حيث لا يجد سبباً حقيقياً أو علة تبرر له صمتها الطويل الذى لا يقطعه إلا كلمات عذبة ورقيقة لا ترضى قلبه العاشق.. ويسأل نفسه متمنيًا.. ماذا لو صدقت مشاعرها المرهفة وأحاسيسها الدقيقة التى احتوتها قصاصة الورق بين سطورها الأربعة تلك التى أذنت بمولد حبه الأول ويزعم أنه الأخير والذى جعله يحس من يومها بالفرح والسعادة يلامسان قلبه الذى أحبها وأحب فيها كل شىء وكأنه اختصها لنفسه واصطفاها لقلبه من بين هؤلاء الناس الذين كانوا يرونها بعيونهم فلا يحسون منها إلا جمالاً عابراً وفكراً متبايناً لا يرقى إلى درجة الحب أو التأمل بينما كان هو الوحيد من دونهم الذى يرى جمالها بعينه ويحس حبها بفؤاده وبكل ملكاته وكل شيء من حوله يشعره بأنها خلقت له وحده وخلق لها ليعيشا حياتهما معا , فى توافق نفسى وشخصى لا حد لهما فيقفزان حاجز الزمان والمكان ويتغلبان على قسوة الحياة وتقلباتها ولكن فى لحظة يجد الصورة التى تراءت له أمام عينيه تبدو الآن وكأنها كانت مجرد طيف يسرى فى خياله رغم الكلمات المكتوبة والمزيلة بتوقيع حمل اسمها ونظرات عينيها التى كانت تحمل فى بريقها اللامع أدق معانى هذه الكلمات التى احتوتها قصاصة الورق .. فهل كان صرير قلمها هو لغة البوح عن قلبها عوضا عن لسانها؟ أم أن حمرة الخجل والحياء امسكا لسانها عن الكلام؟
ولا غرو فى انه كان يقف أمام صمتها المطبق وعنادها الشديد فى إخفاء حبها له موقفا حائر ولكن رغبته فى مصارحتها بكل ما يخالجه من حب ويساوره من شك كانت هى الأقرب إلى الصواب علما بأن ما حرك مشاعره نحوها مجرد كلمات تمثل حب على ورق ومع كل ذلك فهو مازال ينتمى إليها ويحمل لها فى نفسه كل الوفاء والإخلاص علّها يوما تبوح بحبه الذى خطته بيدها على قصاصة ورق.
ومع مرور الأيام والسنين مازال يتساءل هل كانت هى تحبه بالفعل؟ أما أنه كان يحمل لها حباً فى أعماق قلبه يخشى أن يستشعره ذات يوم فى قلبها وهما وسرابا؟ وهذا سؤال يطرحه عليها لعله يجد يوما عندها الإجابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.