مقومات الاقتصاد المحلي كلها سليمة وتحتاج لتوافق وطني واستقرار أمني إعلان الرئيس محمد مرسي عن قدرة مصر علي حل مشاكلها واستعادة عافيتها الاقتصادية خلال ستة أشهر جاء مثل نقطة نور كاشفة أثارت شهية رجال الصناعة والاقتصاد وفتحت أبواب الأمل لأن يصبح الملف الاقتصادي صاحب الأولوية في هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ مصر. »الأخبار« استطلعت آراء كبار رجال الصناعة والاقتصاد ليقدموا إلي الرئيس »روشتات« للاسترشاد بها للخروج من عنق الزجاجة. وأجمع الاقتصاديون علي ان مقومات الاقتصاد المصري وبنيته الأساسية سليمة ولا يتطلب الأمر سوي تنقية البيئة المحيطة بالاقتصاد وزيادة التفاعل بين عناصره وازالة المشاكل لتمكين مصر من الوصول للمكانة التي تليق بها. «القربة« المقطوعة ويري د. محمود عيسي وزير الصناعة والتجارة الخارجية السابق انه لا يمكن انهاء جميع مشاكل الاقتصاد المصري خلال ستة أشهر ولكن من الممكن وقف حالة التدهور من خلال اتخاذ اجراءات سريعة لا يشعر بها المواطن ولا تؤثر علي مستوي معيشته. وقال: الحكومة الحالية مطالبة باتخاذ اجراءات سريعة لسد عجز الموازنة من خلال تقليل الإنفاق لانها تتحكم في الموارد ولكنها لا تتحكم في الإنفاق. واشار الي انه من الممكن تطبيق برامج الترشيد علي جميع الوزارات من خلال بند المكافآت والذي يصل الي حوالي 01 مليارات جنيه وكلها تصرف كحافز تميز رغم انه لا يوجد تميز في الوقت الحالي. وقال إنه يجب اعادة النظر وبسرعة في البند الخاص بالمشروعات الاستثمارية بجميع الوزارات والتي لا تحقق اي عائد علي أرض الواقع ويجب تقييم هذه المشروعات التي تنفق عليها الحكومة المليارات منذ سنوات، موضحا ان كل اجراءات ضبط الاقتصاد تحتاج الي قرارات وليست مجهودات لانها علي الاقل ستوقف تدهور عجز الموازنة الذي وصل الي 051 مليار جنيه خلال تسعة أشهر فقط. وأكد ان وقف عمليات التهريب من الممكن ان يحل أزمة عجز الموازنة خاصة ان التهريب من المنافذ والقنوات الشرعية يفوق حجم التهريب من الحدود موضحا انه في حالة الفشل في السيطرة علي عمليات التهريب ستكون الاوضاع بالنسبة للحكومة »مثل النفخ في القربة المقطوعة«. الأيدي المرتعشة ويري الدكتور إبراهيم فوزي وزير الصناعة الأسبق ان تحقيق امنيات الرئيس مرسي باصلاح الشأن الاقتصادي خلال 6 أشهر فقط يقتضي ان يتصرف الرئيس باعتباره رئيسا لكل المصريين. فيهتم بما يأتيه من آراء ومواقف من خارج الاخوان مثل القوي السياسية والقضاء ويعطيها الاهتمام والاعتبار اللازمين. كما يتطلب ان يعمل الوزراء الحاليون دون ايد مرتعشة لان معظمهم لا يتخذ قرارات حاسمة ويتعاملون مع المشاكل بطريقة محلك سر والدليل ان أي مستثمر يواجه أزمة أو مشكلة منذ شهور وربما اعوام مازالت مستمرة لان أحدا لا يأخذ قرارات جدية. ويقول د.فوزي إن من المهين لمصر ان يعلن رسميا علي لسان احد المسئولين ان مطار القاهرة وهو واجهة مصر كلها سيتم اغلاقه جزئيا من الواحدة ظهرا حتي السابعة مساء لتوفير الطاقة. ويتساءل الوزير الاسبق: لماذا لا يتسع أو يتغير رجال الاعمال الذين يصاحبون الرئيس في رحلاته الخارجية وان يتم اختيارهم بعيدا عن الانتماءات السياسية؟ التوافق الاجتماعي ويعتقد جلال الزربا رئيس اتحاد الصناعات المصرية ان اصلاح احوال الاقتصاد المصري يحتاج لمعجزة إذا تم في 6 أشهر فقط فالكلام وحده لا يكفي وإنما يتطلب الأمر تحديد مؤشرات مستهدفة وبرامج تنفيذية تتم علي الارض في معدلات النمو وحجم الاستثمارات واصلاح أوضاع القطاعات المتدهورة واهمها السياحة والاستثمار. ويري جلال الزربا ان أهم اسباب تعطل عجلة الاقتصاد المصري يعود لغياب التوافق الاجتماعي والسياسي وهو العنصر الأهم لاعادة ثقة المستثمرين وقطاع الأعمال حتي يعودوا لنشاطهم بكامل حماسهم وقوتهم وهذا يقتضي عودة الأمن ووضوح السياسات المالية والنقدية خاصة ان الجميع يتوقع تعديلات في هذه السياسات عقب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي فضلا عن ان كل الصناعات تعرف ان سياسة تسعير الطاقة ستتغير ولكن لا أحد يعرف ستتغير في أي اتجاه وبأي نسبة وحجم المدي الزمني للتغير. ويؤكد الزربا ان من ايجابيات تصريح الرئيس مرسي انه يشير إلي اهتمامه بالملف الاقتصادي ورغبته في منحه اولوية وينفي رئيس اتحاد الصناعات أي فكرة عن رغبة التيارات السياسية في افشال الاصلاحات الاقتصادية لتمرير فترة حكم الرئيس دون تحقيق انجازات قوية قد تكون سببا في استمراره وقال إن كل مصري مخلص غيور علي بلده يريد ان يقدم لها افضل ما يستطيع لتحقيق رفاهيتها واستقرارها. الواقع شيء آخر ويضحك محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسجية ورئيس جمعية مستثمري العبور ويقول: تصريح الرئيس علي العين والرأس ولكن الكلام شيء والواقع علي الأرض شيء آخر لان من أهم مقتضيات التعافي الاقتصادي ظهور اجراءات توضح ماذا نفعل لتحقيق الاستقرار الأمني. وماذا فعلنا للحد من ارتفاع سعر الدولار وانخفاض العملة المحلية وماذا سنفعل لتشجيع المنتجين المحليين ليعود الانتاج المحلي للنشاط وما هي اجراءات تشجيع المستثمرين الأجانب للقدوم لمصر وعدم التوجه لشرق آسيا؟ ويضيف المرشدي: إذن فالاصلاح لا يتم بالكلام وانما بالبرامج والخطط. ويدعو المرشدي الرئيس مرسي لان يتبني دعوة لتنظيم مؤتمر اقتصادي دولي لاصلاح الاقتصاد المصري يضم خبراء اقتصاديين دون اهواء سياسية يقدمون النصيحة ويضعون خطط الاصلاح الطموحة ولو اراد اي حزب ان يشارك بأوراق عمل فليشارك بالرأي دون تدخل أو رغبة في المغالبة. ويؤكد المرشدي ان من أهم ما يعطينا الثقة في قدرة الاقتصاد ان البنية الاقتصادية لمصر قوية وسليمة من العامل للموظف للموارد للأسواق لكن الأهم هو المناخ المحيط بها من الحماية ودعم الاستثمار والإنتاج. العودة للإنتاج وقال د. وليد هلال رئيس جمعية »الصناع المصريون« انه من الممكن حل جميع مشاكل الاقتصاد المصري خلال فترة الستة أشهر التي أعلن عنها الرئيس بشرط ان تتفهم الحكومة حقيقة المشاكل وان يتم وضع خطة عاجلة محددة المدة وقابلة للتنفيذ تقوم علي تفرغ الشعب للانتاج وتحديد استراتيجية الدولة في دعم الطاقة للمصانع واسعارها وايضا تحديد ارقام الدعم التصديري وشرائح الجمارك بالاضافة الي اعلان البنوك عن خططها لفتح الاعتمادات اللازمة لاستيراد الخامات والمستلزمات والماكينات. وأوضح ان الشفافية ستكون عنوان النجاح للاقتصاد المصري وألا يتم محاكمة رجال الأعمال اعلاميا ويتم حل الخلافات بين الحكومة ومجتمع الاعمال في سرية تامة حتي نستطيع جلب استثمارات حقيقية من الداخل والخارج تضمن توفير السيولة وزيادة الانتاج والقضاء علي البطالة. وطالب الحكومة بسرعة توفير الاراضي الصناعية المرفقة وتحديد ملامح خطة الكهرباء وعدم قطع التيار الكهربائي عن المصانع لانه في حالة تطبيق قرارات ترشيد الاستهلاك عن المصانع سيدمر الاقتصاد المصري بالكامل. إرادة التنفيذ ويؤكد محمد السويدي وكيل اتحاد الصناعات المصرية ان التوافق الوطني في الشارع المصري ورغبة المصريين في وضع نهاية لحالات الانفلات الأمني والاجتماعي والاخلاقي يعد من أهم الركائز لتحقيق تطور اقتصادي. وأوضح ان المصالحة الوطنية بين التيارات السياسية واتفاق الجميع علي ان السياسة تخدم الاقتصاد سيحقق دفعة كبيرة لرجال الصناعة والمستثمرين لكي ينشطوا بكل قوة لتحقيق طموحاتهم. كما ان الاتفاق علي الدستور وعلي وضع النائب العام واصلاح الهياكل الاقتصادية والبنية التشريعية من القضايا الرئيسية ويتفق السويدي مع فكرة تنظيم مؤتمر اقتصادي دولي لمراجعة الاولويات ووضع الخطط إلا انه يعلق نجاح المؤتمر علي تجاوب مؤسسة الرئاسة والحكم مع نتائجه وقال: كل أوراق العمل المطلوبة موجودة بالفعل لدي أجهزة الدولة ولكن المهم هو إرادة التنفيذ.