أخشي أن تكون مجموعة الرموز والزعامات الممثلة للقوي والتيارات السياسية المختلفة والمتناحرة علي الساحة الآن، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، غائبة عن إدراك الحقيقة الواضحة والمؤكدة، والتي تقول بأن عموم الناس، والغالبية العظمي من أبناء الوطن، إن لم يكن جميعهم، قد سئموا خلافاتهم وتنازعهم وصداماتهم، وكرهوا حالة الإنفلات والفوضي والعنف، وغيبة القانون، التي تتصاعد وتزداد نتيجة هذا التناحر وتلك الخلافات. ولعلنا لا نتجاوز الواقع في قليل أو كثير، إذا ما قلنا ان عموم الناس وخاصتهم قد اقتربوا جدا، من فقد الثقة في قدرة هذه الرموز وتلك الزعامات علي تحمل المسئولية في التعبير الصادق والأمين عن هموم الوطن ، وطموحاته في تجاوز الأوضاع والظروف الصعبة التي يواجهها، والعبور به إلي غد أفضل ومستقبل أكثر أمنا وإشراقا. ومن المؤسف حقا أن نضيف إلي ذلك القول، أن هناك احساسا متناميا لدي المواطنين، بأن هذه الرموز وتلك الزعامات باتت غارقة في خلافاتها وصداماتها، بحيث لم تعد تجد وقتا للاهتمام بالمشاكل والتحديات الحقيقية التي تواجه الوطن، وانها لم يعد لديها اكتراث للتفكير أو السعي لتغيير أحوال الناس إلي الأفضل، ورفع المعاناة عنهم. ولعلنا لا نتجاوز الواقع إذا ما قلنا أن الأمل كان يراود عامة المواطنين، في أن يروا نهاية قريبة لحالة الاحتقان القائمة والخلافات المشتعلة، بين جميع القوي السياسية، وما نتج عنها من انقسام حاد في الرأي والرؤية، بين كل الفصائل والتيارات، وما تبع ذلك من استقطاب واضح بين النخبة، أدي إلي الشعور بعدم الاستقرار والقلق، والضبابية علي المستوي الاجتماعي العام. ولكن هذا الأمل لم يتحقق للأسف، بل ظهر واضحا أن الأمور تتطور للأسوأ، حيث ازدادت الخلافات حدة واشتعالا، واتسعت رقعة الصدام، وأخذت مظاهر العنف وأحداثه ووقائعه تحتل الصدارة من المشهد السياسي العام، وتشوه وجه مصر وتسيء للجميع دون استثناء. ومن الطبيعي، أن تلحق الإساءة بكل القوي وجميع الرموز، سواء هؤلاء الذين في السلطة، أو أولئك الذين في المعارضة، إذا ما استمرت الأمور علي ما هي عليه الآن،..، لذا لزم التحذير والتنبيه.