تعلمنا في أخبار اليوم ألا نكتب حرفا إلا والقارئ في العقل وعلي سن القلم.. خاب من نسي معلمه وخاب من لم يستوعب المثل القائل »من علمني حرفا صرت له عبدا« وليست العبودية بمفهومها المقيد ولكن العلاقة لا تنفصم ويحدوها الوفاء طول العمر. رحلت الأستاذة خيرية خيري حرم أستاذنا الراحل العظيم علي أمين وأحد مؤسسي أخبار اليوم التي بدأت مدرسة صحفية تعتبر القارئ ملكا ومشينا علي الدرب فلا نعمل ولا نكتب حرفا ولا نفكر في فكرة إلا والقارئ يملأ العقل وعلي سن القلم. دخلت أخبار اليوم في سبتمبر عام 5591 وكانت أخبار اليوم هي جريدتي المفضلة ولولا أخبار اليوم ما التحقت بقسم الصحافة في جامعة القاهرة، حيث كنت من أخيب خلق الله في ثانوي.. لهذا كان مجموعي 05٪ بالعافية ولا يمكنني من الدخول لأي كلية ولا حتي جنينة الحيوانات ولجأت للأستاذ الدكتور عز الدين فريد عالم الجغرافيا والذي كان عميدا لكلية الآداب قال لي: - لو نجحت في الالتحاق بأي جريدة سوف آخذ أوراقك وتلتحقي بقسم صحافة. ولأن الأخبار وأخبار اليوم هي صحفي المفضلة فقد ذهبت للكاتب الكبير الأستاذ مصطفي أمين فقال لي: - أنا محتاج لسكرتيرة للانتاج الأدبي للقراء فوافقت فورا وذهبت إلي الدكتور عز الدين فريد وألقيت إليه بالخبر فوافق والتحقت بالكلية وعدت للأستاذ مصطفي أمين فطلب الأستاذة خيرية خيري وقال لي اذهبي إليها.. وما صدقت وذهبت إليها ولم يكن في أخبار اليوم صحفيات سواها والأستاذتان فتحية بهيج ومي شاهين.. وبادرتني الأستاذة خيرية خيري. بتعرفي لغات؟ أنا لغتي الأساسية في المدرسة الفرنساوي والانجليزي لغة ثانية. بس لازم تتعلمي تقري كويس باللغتين لأن القراءة هي أساس الكتابة. وببجاحة قلت لها- أنا محتاجة للعربي بس وأنا شاطرة في الكتابة بالعربي. ضحكت وقالت لي - اللغات لكي تقرئي عن الصحافة وتقرئي الجرايد الأجنبية فنحن لابد ان نتعلم الصحافة حول العالم حتي نقوي جرائدنا.. وأعطتني نسخة من مجلة الباري ماتش وقالت لي: - أقرئيها وإذا وجدت صعوبة اختاري أسهل الموضوعات. ثم قالت لي وهي تمد يدها بالتحية - أشوفك بكره ونتكلم ثاني. وظلت خيرية خيري تراعيني صحفيا حتي أسند إليّ باب الأطفال وكانت هي تحرر باب المرأة في الصفحة الأخيرة في الأخبار وأصبحت مشغولة بالانتاج الأدبي للقراء وللتدريب مع أستاذتي خيرية خيري وحينما أخبرتها بأنني سوف أكتب للأطفال قالت لي كلمة لا أنساها.. - شوفي وفكري إيه اللي كان بيفرحك وانت طفلة وكمان شوفي كنت عاوزه تعرفي إيه حتلاقي أمامك موضوعات كثير.. ومرت الأيام وسافرت وعدت وسافرت وعدت ومنذ الثمانينيات لم أرها وكانت ابنتها مني علي أمين قد كبرت ونضجت وحملت الجينات العظيمة للأب والأم.. وفقدت الأب في السبعينيات وتولت الأم والأستاذة رعايتها وكانت خيرية خيري شديدة المقدرة علي تحويل علاقة الأستاذية والأمومة إلي صداقة فكانت صديقة لمني علي أمين.. ورحلت الأستاذة واستطال طابور الراحلين الذين أثروا في حياتنا جزاهم الله كل خير نظير ما أعطونا من علم نافع وخير يجعلنا نوصل الرسالة للقراء جيدا. العدل يا وزير العدل وزير العدل المستشار مكي أدلي بحديث لإحدي الصحف تعجبنا له أشد التعجب واتصل بي عدد كبير من شباب ثورة يناير يلقون علي عاتقي توصيل انزعاجهم وتألمهم للحوار الذي أدلي به سيادة الوزير والذي تعجبت أنا أيضا لهذا التعليق الغريب فقد قال الوزير في حديث لاحدي الصحف أننا لم نجن من ثورة يناير سوي الاضرابات؟!! كيف يا سيدي؟ كيف لم نجن من ثورة يناير سوي الاضرابات وأسألك من الذي أجبر مبارك علي التنحي؟.. من الذي قال في التحرير »ارحل«؟ ومن الذي ملأ التحرير صياحا ومطالب أولها رحيل النظام؟ شباب يناير جمايلهم علي راسنا كلنا فلولاهم لما تغيرت مصر ولولاهم ما كان رجل عظيم مثلك من رجالات القضاء قد اعتلي منصب وزير العدل!! ثورة يناير هي التي جعلت العالم يشير إلي مصر ويقول إنها من أعظم ثورات التاريخ. إن ما يحدث لنا من مشاكل يا سيدي ليس من ثورة يناير ولكن لأن الذين ركبوا الملك لا يفكرون إلا في المناصب ولا يفكرون في مشاريع إصلاح أو يحملون هم التغيير لأن الشباب الذي قاموا بالثورة لم يكن من همومهم اعتلاء الكراسي وقاموا بالتغيير بالحماس والفكر الذي دفعهم نتيجة الفساد الذي طال كل شئ في مصر.. لقد تعجبت من هذا التصريح العجيب ولولا هؤلاء الشباب لما استطاع الإخوان أن يعتلوا كرسي الحكم. حقيقة أن الانتخاب هو الذي أوصلهم ولكن لا يصح ان ننكر جهد هؤلاء الشباب وحماسهم وإصرارهم والذي جعلهم رغم تغيير مبارك للوزارة علي ان يصروا علي رحيل مبارك والنظام كله.. لقد تعجبت وتعجب معي الكثيرون ولا أطلب منك سوي العدل. ماذا يراد بالأزهر؟ غريب هذه الهجمة علي الأزهر الشريف؟ عجيب أن يحدث ذلك وعلي هامة الأزهر رجل يحمل في قلبه وعقله الإسلام المستنير والوسطية المفهومة عجيب أن تحدث هذه الهجمة الشرسة لهذا الصرح الإسلامي العظيم الذي ينظر إليه العالم الإسلامي كملاذ وقت الشدة وكمرجع وقت الحيرة.. أتعجب لهذه الهجمة والأزهر وشيخه ومعه جنرالات عظام وخط دفاع أول ضد أي اختراق لديننا وأي مساس لهذه المؤسسة العظيمة وقد بدأت تأتي أكلها بعد موات لسنوات. لقد دعيت منذ عام تقريبا مع مجموعة كبيرة من المثقفين وظللنا نجتمع مع شيخه وشيوخ أجلاء حتي دبجنا وثائق تعطي الضوء لتقوية المجتمع وترشد هذا المجتمع المصري العظيم لكل ما يجب أن يكون عليه المجتمع المصري الثابت وفي إحدي الجلسات طلبت من الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور الطيب أن نفكر في إخراج وثيقة للمرأة حيث يهمش دورها بينما كانت قوية الموقف في صدر الإسلام وبداية من عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وقرأت هذه الأيام خبرا عن وصول وثيقة للمرأة، أي أن شيخ الأزهر وحوله شيوخ عظام قد دبجوا وثيقة للمرأة... إن الأزهر لم يترك فئة من فئات المجتمع إلا واهتم بها وبتقويمها وباعطائها كل حقوقها، والأزهر يقوم بدور شديد الأهمية عميق المغزي في الوحدة الوطنية والتي تضرب هذه الأيام من الداخل بفئة من المسلمين يطلق عليهم السلفيين والسلف الصالح بريء منهم فقد كان السلف الصالح يعيش مجتمع المدينة مع النصاري وحتي مع يهود خيبر بما جاء في القرآن وبما نادي به الرسول الكريم من احترام أهل الذمة وبالتآخي مع من جاءت دياناتهم في القرآن الكريم ولكن نحن نعيش في عصر يضرب فيه الإسلام بالإسلام. والحمدلله الذي أوجد لنا هذا الصرح الديني العظيم وعلي رأسه رجل واع شديد الثقافة وهو ليس جامع ثقافات فقط بل يحولها إلي دستور عمل من أجل أمة مسلمة واعية. اتقوا الله في الأزهر الشريف الذي يلعب هذه الأيام دورا شديد الأهمية سواء داخليا أو خارجيا. ان الضرب في الأزهر ليس غايته سوي الوصول إلي هذا الصرح الإسلامي لتغييره إلي اختراق وسطية الإسلام.. حسبي الله ونعم الوكيل في كل من أراد بالأزهر سوءا.